أزمة البحر الأحمر توقف استيراد الطاقة الشمسية والأسعار تتراجع

راما الجراح

شهد قطاع الطاقة الشمسية في لبنان عام ٢٠٢١ و٢٠٢٢ زخماً كبيراً نتيجة الارتفاع الكبير في فواتير المولدات، في ظل انقطاع شبه تام لـ “كهرباء لبنان”. وفي بلد يعاني غياب الدولة عن القيام بواجباتها، وإيجاد حلول لمشكلات المواطنين الحياتية، لم يكن أمامهم سوى إيجاد حل بأنفسهم ومن جيبهم الخاص للتخلص من الفواتير الباهظة من جهة، وحماية مصالحهم من الأعطال الكهربائية الدائمة من جهة أخرى.

بعد هذه الفورة، ما هي تطورات سوق الطاقة الشمسية في لبنان خصوصاً عقب تراجع الاستيراد من الخارج بسبب أزمة البحر الأحمر؟

مع اشتداد أزمة الكهرباء وتفاقمها مطلع العام ٢٠٢١ بالتزامن مع أزمة الدولار وإنهيار قطاعات الدولة، لجأت نسبة كبيرة من المواطنين إلى تركيب ألواح الطاقة الشمسية، فشهد هذا العام والعام ٢٠٢٢ إقبالاً كبيراً على الشركات والمؤسسات التي تستوردها من الخارج. وما يميز لبنان أنه معروف ببلد ٣٠٠ يوم شمس، ما يعني أن الاستثمار في مشروع تركيب طاقة شمسية يعتبر رابحاً جداً على صعيد الأفراد أو الشركات. ومع توسّع السوق وارتفاع الطلب على الطاقة ومستلزماتها، تهافتت الشركات على استيراد عدد كبير من مستلزمات الطاقة ومعداتها ما أدى إلى تخزين كميات كبيرة منها.

في العام ٢٠٢٣ ولتصريف هذا المخزون لجأت الشركات إلى خفض أسعارها، ومع أزمة البحر الأحمر تراجع استيراد الطاقة بما تصل نسبته إلى ٨٠٪ مقارنة مع العام ٢٠٢٢، الذي تجاوزت قيمة ما تم استيراده فيه نصف مليار دولار في حين لم تصل إلى ١٠٠ مليون دولار عام ٢٠٢٣.

وفي تقويم عام لسوق الألواح الشمسية اليوم، يلاحظ المدير العام لشركة “Watt Echo Energy” في منطقة المرج – البقاع الغربي خالد جراح أن “الكميات قليلة جداً، لأن معظم الشركات كان بإنتظار البضاعة المستوردة مع بداية العام ٢٠٢٤، ولكن تطور الأحداث في البحر الأحمر أدى إلى نشوء أزمة في السوق وتأخير في الوصول. الطلب في لبنان على تركيب الطاقة الشمسية انخفض بصورة كبيرة جداً مقارنةً بالعام ٢٠٢٢، ومَن كان وضعه ميسوراً قام بتركيب طاقة وتخلّص من مشكلة الكهرباء”.

ويؤكد عبر “لبنان الكبير” أن “معاناة أصحاب المصانع والشركات الكبيرة بالنسبة الى الكهرباء كبيرة جداً، ولكن هذه المؤسسات تتطلب استثماراً كبيراً ومعظمها عاجز عن دفع الفواتير، ويبحث بصورة جدّية عن تمويل. هناك ١٠ في المئة من المؤسسات الكبيرة في لبنان تريد تركيب طاقة شمسية يمكن للشركات المحلية تمويلها بصورة كاملة، يعني أن القطاع المصرفي والدولة اللبنانية غير داعمين لهذه المشاريع، وبالتالي هذا الموضوع يؤثر مباشرة على الامكانات لتركيب الطاقة وإقامة المشروع بعد عدة دراسات بكل أسف”.

ويشير جراح إلى أن “شركة كهرباء لبنان تقوم بتحضير دراسة فور عودة الوزير من COP28 لفتح المجال أمام المؤسسات الكبيرة لإقامة مزارع خارج المنطقة بسبب عدم توافر مساحات كافية في منطقتنا، وتحول هذه المزارع الكهرباء على الشبكة، وفي هذه الحالة يمكن الافادة من الاستهلاك والزائد تشتريه كهرباء لبنان، وهذه العملية لا تزال في خطواتها الأولى ولم تتضح الأمور حتى اللحظة، ولكن COP28 وعدت الدول النامية مثل لبنان في حال مساعدة هذه المؤسسات للعمل في هذا الاطار، بدعمها من الناحية المادية”.

أما بالنسبة الى الأسعار، فيوضح أن “الألواح (المرايا) سعرها مقبول جداً اليوم، ولكن البطاريات لا تزال أسعارها كما كانت عليه، لذلك هناك نسبة بدأت بتركيب ألواح طاقة شمسية من دون بطاريات، ويمكن التعامل معها بطريقة معينة خلال النهار. ويمكن أن نشهد تركيباً للطاقة الشمسية في المنازل الصغيرة من خلال ٤ ألواح و inverter صغير، ولا تكون بضاعة باب أول، والتكلفة ليست عالية، وهذا كافٍ لإنتاج كهرباء خلال النهار، في النهاية القدرة الشرائية عند الناس ضعيفة عموماً”.

أما مهندس الكهرباء علي ياسين فيلفت الى أن “أسعار الألواح الشمسية تتغير وفقاً لقدرتها على إنتاج الكهرباء التي تقاس بالواط وانخفضت اليوم بنسبة تجاوزت الـ ٥٠ في المئة، وهناك إقبال على وضع ألواح الطاقة من دون بطاريات، ففي مقابل استيراد ١٠٦ آلاف طن من البطاريات بقيمة ٣٠٥ ملايين دولار عام ٢٠٢٢، استورد لبنان هذا العام حوالي ١٥ ألف طن بقيمة ٦١ مليون دولار. أما عن نوعية هذه البضائع، فهي بمعظمها من النوعية الجيّدة المستوردة من الصين والهند والدول الأوروبية وغيرها، ويتم التدقيق بجودتها ونوعيتها فور وصولها إلى مرفأ بيروت”.

شارك المقال