دهم محال تخالف شروط النظافة العامة… الأمن الغذائي في خطر شمالاً!

إسراء ديب
إسراء ديب

لم تمرّ الجولة التي نفذتها دورية أمن الدّولة – مديرية الشمال الاقليمية في المنية منذ ساعات (لرصد التجاوزات الصحية والغذائية) مرور الكرام، إذْ كشف هذا الاجراء الذي بات دورياً في المنية وفي غيرها من المناطق اللبنانية، استمرار “الغش” الغذائي الذي بات أسلوباً مخيفاً يُقلق الكثير من المواطنين لا سيما أولئك الذين يُفضّلون استخدام المنتجات المحلّية أو الصناعات الغذائية المناطقية خصوصاً تلك المرتبطة بالألبان والأجبان، وذلك لعدم رغبتهم في شراء البضائع المستوردة أو المعلّبة التي لم يعتادوها يوماً.

وكانت الدورية دهمت معملاً للألبان والشنكليش في منطقة المنية، ووفق مصادر “لبنان الكبير”؛ فإنّه كان عبارة عن “دكان” لبيع هذه البضاعة المصنوعة بيد المواطن السوري (ه.م) الذي يُدير المكان، “بحيث كان يضع شادراً خلف الدكّان يتضمن مطبخاً لصنع هذا النوع من الطعام أو طهوه”، لافتاً إلى أنّ هذا المكان “كان محل ثقة بالنسبة الى الكثير من الأهالي من المنية أو من خارجها”. ووفق التحقيق (الذي نشرته الدورية في بيانها)، فإنّ “أكثر من 30% من منتجات هذا المعمل تسوّق في جبل لبنان، 20% في بيروت، والباقي في مختلف مناطق الشمال”.

وتُشير المعطيات الأمنية لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ هذه المداهمة لم تكن قائمة على “إخبارية” ضدّ هذا الدكان وصاحبه الذي يسوّق منتجاته خارج الشمال، بل كان بسبب الروائح الكريهة الصادرة عن المطبخ، الأمر الذي لفت نظر الأمنيين والقائمين على الجولة، ونبّههم على وجود ثغرة ما أدّت إلى انتشار الرائحة غير المستحبّة والتي وصفها بعضهم بأنّها رائحة “عفنة”، ليتضح فيما بعد أنّ الدكّان يُخالف شروط النظافة العامّة، ما يعني أنّ البضاعة فيه لا تُعدّ صالحة للاستخدام، نظراً الى عدم طبخها وإقفالها بالصورة السليمة، ما يُتيح انتشار المزيد من البكتيريا على الطعام الذي يأكله المواطن الذي يطلب هذا الطعام (بالطلب)”.

وتضيف المعطيات: “بعد تلف كامل البضاعة المقدّرة بـ 400 كيلوغرام من الشنكليش واللبنة؛ لم يُقفل الدكان، بل تمّ تنظيم محضر ضبط، وحذّرنا من يُديره من تكرار هذه المخالفة الفاضحة شمالاً والتي قد تُحدث أضراراً كبيرة تصل إلى التسمّم أو الدخول إلى المستشفى”.

يُذكر أنّ عملية الاقفال هذه لم تكن الأولى من نوعها شمالاً في الفترة الأخيرة، بل تكرّرت في العديد من المحال والمناطق وذلك نظراً الى استغلال بعض أصحاب المحال “هفوات” أو تأخير الرقابة الصحية عن بعض المناطق من جهة، وعدم انتباه المواطنين الى تفاصيل المنتج وكيفية صناعته، تحضيره وتوضيبه من جهة ثانية، الأمر الذي يطرح أهمّية فرض “العقاب” على كلّ صاحب معمل لا تستوفي بضاعته وصناعته الشروط الصحية المطلوبة.

وفي طرابلس، جال مراقبو الدّائرة الصحية – بلدية طرابلس على منطقة الزاهرية والجوار منذ ساعات، وكشفوا على محال لبيع اللحوم، الدجاج، الأفران، والحلويات للتأكّد من سلامتها ومدى القدرة على استهلاك بضائعها غذائياً، وتمّ إبلاغ أصحابها بضرورة التقيّد بالشروط الصحية “تحت طائلة تنظيم محاضر ضبط بحقّ المخالفين”.

إلى ذلك، يُؤكّد عدد من الطرابلسيين لـ “لبنان الكبير” أنّ “الألبان باتت تُصنع من النشاء أكثر من أيّ منتج آخر، وأنّ الكثير من البضاعة إمّا منتهي الصلاحية، أو يجتاحه السوس الذي يأكل البضاعة ما يدفع الناس إلى رميها، فيما يضطّر المواطنون في الفترة الأخيرة إلى استهلاك الشنكليش المتوافر في الأسواق ويعتمد في طهوه بعض البائعين على سياسة الغش، فيطبخونه باللبنة أو بالحليب الناشف عوضاً عن استخدام القريشة، وهو ما يظهر جلّياً في الطعم. أمّا من جهة اللحوم والدواجن، فيشتكي عدد لا يُستهان به من المواطنين من رائحة “زنخة” غير مسبوقة خصوصاً في الدجاج، بينما تُضيف بعض المحامص شمالاً (لإعداد القهوة) إمّا الترمس أو الحمّص أكثر من البنّ بكثير، ما يظهر أيضاً في طعمها المحروق”.

ويُمكن التأكيد أنّ الوضع الغذائي في عاصمة الشمال، لا يزال تحت السيطرة “قدر المستطاع” حتّى اللحظة، مع وجود بعض النواقص أو الثغرات التي تحتاج إلى دعم رسميّ سريع للحفاظ على الصحة العامّة، خصوصاً في وقتٍ لا يجد فيه المواطن الكثير من الأدوية، فيما يعجز آخرون عن الدخول إلى المستشفيات لتلقّي العلاج.

ويوضح رئيس اللجنة الصحية في البلدية الدكتور عبد الحميد كريمة أنّ البلدية تتحرّك في هذا الاطار ضمن جبهتيْن: الأولى، دورية أيّ تحدث كلّ فترة من الصحيين لإجراء كشف اعتياديّ، أمّا الثانية، فهي قائمة على تدخل بلديّ بعد تلقّيها شكوى تدفعها إلى التحرّك سريعاً للكشف وتسطير محاضر ضبط تُرفع الى محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا الذي يتخذ فيما بعد قرار إقفال المحال بالشمع الأحمر وغيرها من القرارات لمتابعة هذه الشؤون.

ويقول في حديثٍ لـ “لبنان الكبير”: “إنّ الأجهزة البلدية كافّة تقوم بدورها، وتُحاول دائماً السيطرة على هذه الآفات أو التجاوزات التي نتابعها وصولاً إلى إقفال المحال لا سيما حينما نرصد بالعين حجم التجاوز وعدم استيفاء شروط النظافة”.

وعن احتمال وجود حالات تسمّم، يُشدّد كريمة على أنّ البلدية تُتابع مع المستشفيات باستمرار، “ولهذا السبب لم نرصد حالات تسمّم، ما يعني أنّ الأمور لا تزال تحت السيطرة نوعاً ما برضى تام”، آملاً أنْ تتحسّن الآليات الموجودة، وعلى رأسها المالية منها، “فصحيح أنّ هناك مواد تُكشف بأنّها فاسدة بالعين، لكن هناك أخرى لا يُمكن استكشاف ما فيها إلّا بأخذ عيّنات منها إلى المختبر، وهو ما يُعدّ مكلفاً للغاية على البلدية التي لم تُقصّر سابقاً وقبل هذه الأزمات في دفع تكلفتها، لكن في الفترة الأخيرة، تعجز البلدية عن الدفع لكلّ عيّنة ما يتجاوز المليون ليرة”.

إنّ الصعوبات المالية الأخيرة، قد تدفع أحياناً إلى “غضّ نظر” بعض المراقبين عن فكرة التوجه إلى المختبر، لكن حسب المعلومات فإنّ معظم المحال يُمكن كشف نظافته وسلامة جودته بالعين المجرّدة، لذلك يُشدّد كريمة على أهمّية الالتزام بالمعايير المطلوبة “لا سيما وأنّ أكثر المحال تضرّراً كانت محال الألبان والأجبان، كما كنّا رصدنا في الفترة السابقة الكثير من المحال التي تبيع منتجات منتهية الصلاحية، قشطة فاسدة، حتّى أنّ الجرذان رصدت ضمن أحد المحال منذ فترة وجيزة”.

وفي حال حدوث حالات تسمّم أو الاصابة بأيّة آلام معوية بسبب الطعام، يلفت كريمة إلى أنّ العوارض القائمة على: ارتفاع الحرارة، التقيؤ والاسهال، تُعدّ تسمّماً والاستجابة لها تختلف حسب العمر، “إذْ نخشى على صغار السنّ والكبار من جفاف الجسم، لذلك يُطلب الطبيب الدّاخلي لتعويض السوائل المفقودة، أمّا إذا كان ألم المعدة خفيفاً من دون عوارض صعبة، فيُمكن للأدوية التي يُعطيها الصيدلاني أن تفي بالغرض في الظروف العادية”.

شارك المقال