175 مليون دولار مستحقاتها لدى “المركزي”… 90% من شركات الأدوية “غابت” عن لبنان

فاطمة البسام

قلّصت المكاتب التمثيلية لبعض شركات الأدوية العالمية في لبنان، عدد الموظفين لديها في كل أقسامها، مع بداية الأزمة الاقتصادية، وعملت على التخفيف من مصاريفها من أجل الحفاظ على وجودها في السوق اللبنانية، التي كانت تعتبر مهمة بالنسبة اليها قبل أن تشتد الأزمة المالية، ولم تعد هذه السوق محط أنظار هذه الشركات.

ويعتبر “المكتب التمثيلي” لأي شركة أدوية بمنزلة سفارة لها في بلد أو إقليم معيّن، وتقع على عاتقه مهمتان أساسيتان: الأولى، متابعة الدراسات الخاصة بأدوية الشركة قبل طرح دواء جديد في السوق وبعد تسويقه، والثانية تتعلق بالعملية القانونية لتسجيل الأدوية في الدوائر المعنية في الدولة.

“لبنان يفتقد دوره الريادي في الطب”

يوضح نقيب مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات جوزف غريب أن لبنان بعد إقفال هذه المكاتب “لا يعود جزءاً من خريطة الدواء العالمية، فتتوقف الشركات عن إعطائه الأولوية في الحصول على الأدوية الجديدة والمتطورة لمراقبة جودة الدواء، كما لا يعود شريكاً في التجارب السريرية للأدوية الحديثة، وتحديداً في الأمراض السرطانية والمستعصية والمزمنة”.

كما أن لذلك تداعيات أخرى، منها وقف الاستثمار في مجال الأبحاث العلمية والسريرية وتطويرها، وتوقف تدريب الأطباء في المؤتمرات العلمية التي كانت تقام في لبنان وخارجه، ما يؤثر على موقع لبنان كمرجع في مجال الطب والأبحاث العلمية المتطورة، وعلى الأطباء الذين يفقدون دور الريادة، وقد بدأت تظهر مفاعيل تراجع اهتمام الشركات بلبنان، مع وصول أدوية جديدة إلى دولٍ مجاورة، كانت سابقاً تصل إليه قبل عامٍ تقريباً من وصولها إلى هذه الدول.

“الأدوية المزوّرة والمهرّبة أثرت على الشركات”

“أكثر من 90% من الشركات العالمية للأدوية انسحبت بصورة كلّية أو جزئية من لبنان، والسبب الأزمة المالية المستمرة منذ أربع سنوات والتي ولّدت مجموعة من الأسباب جعلت من البقاء في لبنان مستحيلاً”، بحسب ما يشير الرئيس السابق لتجمع شركات الأدوية العالمية في لبنان، عامر حمود، لموقع “لبنان الكبير”.

من بين القائمة، ما بدأ برفع الدعم عن عدد كبير من الأدوية الأمر الذي أخرجها من قائمة الاستيراد لأن أسعارها لم تعد “في متناول الجميع، ولا يستطيع المرضى دفع ثمنها من جيوبهم”.

أضف إلى ذلك قضية المستحقات العالقة لدى مصرف لبنان منذ سنوات، وتقدر بـ175 مليون دولار، “ولا يبدو أن لدى الحكومة اللبنانية نية لاقفال الحساب”، وفقاً لحمود الذي يؤكد أن ثالث الأسباب “الأدوية المزوّرة والمهرّبة بكميات كبيرة ما أثر على عمل الشركات أيضاً. فعندما نتحدث عن دواء، هناك شروط ومعايير يفترض الالتزام بها في النقل والتوضيب والتخزين والشحن، وأي خلل في هذه الشروط يعرّض حياة المريض للخطر. ولهذا في التهريب يمكن اعتبار كل دواء مهرّب وكأنه مزوّر وخطر على المريض”.

في رابع الأسباب، تأتي خطة وزارة الصحة التي تعتزم اعتماد لائحة الأدوية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية وهي في معظمها بحسب حمود “أدوية قديمة جداً لا تتناسب مع الأدوية المتطورة التي تصنعها الشركات، خصوصاً في مجال الأمراض السرطانية والمستعصية، وهذا يصعّب الوضع لدى الشركات العالمية”.

ومن بين الشركات التي انسحبت من لبنان أو باتت شبه غائبة “نوفارتس” و”سانوفي” و”ميدا” و”غلاكسو” و”حكمة” و”تبوك”.

شارك المقال