عجلة العمل تنطلق في “عاصمة الثقافة العربية”… بانتظار التمويل

إسراء ديب
إسراء ديب

تستعدّ مدينة طرابلس لاستقبال إطلاق فعاليات الاحتفال باعتمادها “عاصمة للثقافة العربية لعام 2024” قريباً، إذْ يستبشر الطرابلسيّون بالتحرّكات الأخيرة لوزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمّد وسام المرتضى خيراً، لا سيما بعد اتخاذه قراراً بنقل مكتبه إلى طرابلس من جهة، وبعد زيارته إلى مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام من جهة ثانية، مستهلاً نشاطاته في الفيحاء بجولات سياسية وثقافية قادمة ستصبّ في مصلحة فعالية عربية تُفرح الطرابلسيين الذين يرونها “فرصة ذهبية” لاستثمار قوى هذه المدينة ومعالمها العريقة التي عرفها التاريخ وعظّم شأنها.

في الواقع، إنّ الاعلان الذي يعود إلى العام 2015، جاء بعد اتخاذ المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “ألكسو” قراراً بأنّ تكون طرابلس هي المدينة المختارة للعام 2022، لكن تمّ تأجيله الى العام 2023 بسبب ظروف كورونا وغيرها وصولاً إلى تأجيله للعام 2024، لذلك تتمتّع هذه الاحتفالية بأهمّية خاصّة لا سيما في عاصمة الشمال التي عانت الأمرّين نتيجة ظروف مادّية، أمنية، وعسكرية أثرت على صورتها أمام أبنائها والآخرين، لكنّها غالباً ما كانت تُثبت أنّها مختلفة “وفريدة” لتستحقّ هذا المنصب عن “جدارة”، وذلك على الرّغم من “عبث” البعض منذ أيّام بأمنها وصورتها، والذي تُرجم عبر حرق شجرتيّ الميلاد وسرقة أسلاك كهربائية من مجسّم “أحبّ طرابلس” وغيرها من التطوّرات اللافتة التي تُؤكّد وجود بعض المخرّبين الذين ترفضهم المدينة بقواها السياسيّة كما الشعبية.

وفي تفاصيل المبادرات الرسمية المساعدة في الاحتفالية، نذكّر باتخاذ الوزير في تشرين الأوّل 2023 قراراً قضى بتشكيل لجان تنظيمية للاحتفالية وهي: لجنة التحضير والتنسيق، لجنة الموروث المادي، لجنة الفن التشكيلي، لجنة المسرح والسينما، لجنة الآداب ونتاجات الفكر، لجنة المهرجانات الفنية والموسيقى والغناء والرقص التراثي والشعبي، لجنة الصناعات الحرفية والغذائية، لجنة النشاطات الرياضية، لجنة السياحة الثقافية، لجنة الاعلام ولجنة الشؤون القانونية والمالية.

التقنيات

أمّا عن تفاصيل تطوّرات الاحتفالية تقنياً ولوجيستياً، فلا يغفل عضو المجلس البلدي ورئيس لجنة الثقافة والتربية الدكتور باسم بخاش أهمّية الدّور الذي تلعبه هذه الفعاليات شمالاً، فهي “فرصة مناسبة لاعادة ترتيب المدينة وتحسين صورتها، عبر رفض الصورة السيئة وفرض الايجابية منها والقائمة على الثقافة والتراث، بغية تحريك العجلة الاقتصادية فيها وجذب النّاس إليها”، موضحاً أنّ اللجان التي سمّاها الوزير منذ فترة، لم تنطلق في عملها بصورة رسمية بعد، “إذْ ننتظر عقد اجتماع مع الوزير لتحديد أبرز التفاصيل”.

يُمكن القول، إنّ التحضيرات تبدو متأخرة للغاية، إذْ انعكست الأزمات السياسية على عمل الوزير ونشاطاته، وكان آخرها تفاصيل حرب غزة وغيرها من القضايا التي أخّرت الافتتاح الذي يتوقّع بخاش أن يكون في شهر أيّار، “وهو أمر لم يُحدّد بعد بسبب الأولويات المحلّية التي انعكست على التوقيت، فقد يُحدّد الافتتاح في منتصف شهر أيّار وربما في بدايته، في وقتٍ قد تمتدّ نشاطاته لأشهر خصوصاً وأنّ هذه المناسبة مرتبطة بوزراء ثقافة عرب سيُشاركون معنا، لذلك سنقوم بأقصى جهدنا وقد تمتدّ تحضيراتنا لمدّة خمسة أشهر”.

بخاش الذي يُتابع تفاصيل هذه الاحتفالية، يُشير في حديثٍ لـ “لبنان الكبير” الى أنّ لجنة التحضير والتنسيق (وهو عضو فيها) كانت عقدت ستة اجتماعات تقريباً، “كما تمّ تحضير اللوغو الذي نضع عليه اللمسات الأخيرة ويحتاج إلى يومين تقريباً لينتهي العمل بتفاصيله، واختير بعض الأسماء لإعداد كتيّب عن المدينة بغية توزيعه في المناسبة، إضافة إلى زيارة أجراها وفد من ألكسو إلى طرابلس منذ أسبوعين لمدّة أربعة أيّام لتدوين تقرير ورفعه الى جامعة الدّول العربية، فكانوا منبهرين ممّا رأوه من معالم أثرية”.

ومن المتوقّع أن يجتمع الوزير قريباً مع اللجان لاستنهاض حركتها، كما مع فعاليات طرابلسيّة خصوصاً في ظلّ وجوده “الأسبوعي” بين مركز نقابة المحامين، قصر نوفل، المركز البلدي وبيت الفنون في الميناء، في وقتٍ يُؤكّد فيه القائمون على المناسبة أنّها لن تقتصر على شريحة أو منطقة دون أخرى، بل ستكون “شاملة وعلى مستوى عال من جهة التنظيم والتنسيق لاستقطاب العرب من جهة، والتركيز على عدم تكرار نشاطات حدثت سابقاً في المدينة من جهة أخرى”.

أمّا في ما يخصّ التمويل، فلا يُخفي بخاش أنّهم كانوا في حيرة بين أمرين: الأوّل يكمن في “اعترافنا بعدم جهوزيتنا بسبب مشكلاتنا فنخسر اللقب الذي لا يتكرّر ربما إلّا بعد 20 عاماً، والثاني قبولنا التام بالتحدّي، لذلك نحاول الضغط لإتمام جهوزيتنا واخترنا الخيار الثاني بالاتفاق مع الوزير، لكنّ الحقيقة تُؤكّد أن لا تمويل حصلنا عليه حتّى اللحظة، وسنحاول الحصول على مساعدات من منظمات، سفارات، مغتربين أو من الحكومة عبر الدّول الصديقة لتأمين تمويل بكلّ نشاط أقلّه، لكن هذا لن يحدث ما لم يحصل تنسيق بين أصحاب اللجان، الأفكار ووضع خطّة أو برنامج واضح يجذب المموّلين، لكن حتّى اللحظة لم نطلب دعماً من أحد بل نعوّل على جهدنا حالياً قبيل السعي إلى إيجاد متموّلين لفرصة لو كانت سنحت لأيّ مدينة أخرى لكانت طبّلت وزمّرت خلافًا لما يحدث طرابلسياً”.

وفي الحديث عن العراقيل “الممكنة”، يُبدي بخاش قلقه من عدم التمويل أو قلّته، ومن تطوّرات الوضع الأمني “بحيث نتمنّى من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وكذلك وزير الداخلية بسام مولوي الضرب بيد من حديد”، كما يخشى عدم النظافة والفوضى التي ستزعج السائح كما تفعل بالمواطن.

إلى ذلك، يُدرك زائرو الفيحاء عدم وجود فندق مناسب لاستقبال سفراء أو زوار عرب وهو ما يُعدّ عرقلة ومشكلة كبيرة كانت قد دفعت رئيس البلدية أحمد قمر الدّين إلى الطلب من الرئيس ميقاتي وغيره من المسؤولين استعجال العمل في إعادة افتتاح فندق “كواليتي إن” أو على الأقلّ افتتاح بعض غرفه لاستقبال السياح كيّ لا يضطروا إلى النوم في مناطق أخرى خارج المدينة.

شارك المقال