“شتلة الصمود” تحاصرها “الريجي” والقصف الاسرائيلي

فاطمة البسام

لا شك في أن معظم المزارعين الجنوبيين ضربت محاصيله الزراعية، سواء من القصف الاسرائيلي والفوسفور أو بسبب نزوحه القسري عن أراضيه وبساتينه بحثاً عن الأمان.

وإن كانت أرض الجنوب معروفة بزراعة الحمضيات، الموز والزيتون، إلا أنها مشهورة أيضاً بزراعة “شتلة الصمود” أي التبغ.

ومن المتعارف عليه أن التبغ الجنوبي هو من أفضل أنواع التبغ، يليه البقاعي، أما مناطق الشمال فتنتج التنباك.

إلا أن هذا الموسم “كان غير”… بدأت “الريجي” باكراً عملية تسلّم محاصيل التبغ من قرى الجنوب استباقاً للتوترات، غير أنّ ما تسلّمته من محاصيل قرى الشريط الحدودي لم يتعدّ الـ 10 أطنان، بدل 80 طناً، لأنّ عدداً كبيراً من المزارعين تمنّع عن تسليم الانتاج، إما بسبب التوتر على الشريط الحدودي أو بسبب السعر.

“الشتلة المرّة مش شتلة الصمود”، هكذا يسميها نادر أبو ساري، الذي ورث مهنة زراعة وشك الدخان من أجداده قبل السبعينيات، بحسب ما قال لموقع “لبنان الكبير”. أما لقبها، فقد اكتسبته بسبب العناء الذي يرافق المزارع منذ لحظة بزرها حتى شكّها.

وبحسب أبو ساري، في هذه الأيام يبدأون زرع شتول التبغ في “مساكب”، قبل أن يتم نقلها الى الحقول، ولكن بسبب النزوح، ترك معظم السكان مشاتله و”خسروا الموسم”.

أما أبو ساري، فلاحظ تغيراً في إنتاج محصوله، مشيراً إلى أن بعض الشتول التي غرسها، ذبل وهذا الأمر لم يلحظه من قبل، مرجحاً أن تكون التربة قد تلوثت بسبب القصف وقذائف الفوسفور.

وعن كلفة هذه الزراعة قال أبو ساري: “إذا بدي خبرك شو بتكلًف وقت وتعب وفلوس ما منخلّص لبكرا”، خصوصاً بعد تحوّل كلفة المواد الزراعية إلى الدولار.

أضاف: “وحده كيس الكيماوي الذي كان سعره لا يتجاوز الـ30 ألفاً أصبح اليوم سعره 50 دولاراً، وما تعطينا إياه الريجي لا يغطي ثمن الأتعاب، 6 دولارات سعر الكيلو الواحد كأقصى حد”.

ولفت أبو ساري إلى أن شتلة الدخان لا تحتاج إلى الكثير من الماء، لذلك يتم إعتمادها في القرى الحدودية التي تعاني من شح.

في محاولة لإنقاذ الموسم من الضياع، بادرت “الريجي” إلى بذر التبغ في مشاتل تابعة لها، لتوزيع شتولها على المزارعين فور عودتهم إلى بلداتهم بعد انتهاء العدوان، ما يوفّر عليهم مرحلة التشتيل.

وأوضح رئيس إدارة حصر التبغ والتنباك ناصيف سقلاوي أن “موسم تشتيل التبغ يكون بين كانون الأول وشباط، لذلك زرعت أراضي الريجي التي تملكها وأخرى استأجرتها في السعديات والجنوب لتشتيل التبغ بدلاً من المزارعين، وعندما يعودون إلى أراضيهم سنوزعها عليهم مجاناً”.

وأوضح أن “نحو 5300 مزارع من أبناء البلدات الحدودية التي تنتج بين 45 و50 في المئة من التبغ السنوي، سيستفيدون من هذه المبادرة الاستباقية”.

ولفت إلى اتفاق مع بلدية رميش لزيادة إنتاج موسمها الحالي من التبغ من أجل تعويض النقص المتوقع في الانتاج الذي ستتسلمه “الريجي” في بداية الخريف المقبل، مشيراً إلى أن رميش “آمنة نسبياً ولا يزال 40 في المئة من مزارعيها فيها، ويقع سهلها بعيداً عن الحدود”.

وصف أبو ساري هذه المبادرة بأنها “جيدة”، لكنه شخصياً لا يحبذ زراعة شتول لا يعرف كيف سيكون إنتاجها، مؤكداً أن نبتة التبغ أنواع، منها ما يعرف بـ”نمرة 6” و”نمرة 4″، ولكل منها خصائصها، أمّا النبتة التي يزرعها فاسمها “كف الدب”، كونها الأفضل من حيث المحصول وورقها كبير، وهي نبتة مستوردة وليست محلية.

انتعشت هذه الزراعة بعد توقيع اتفاق الطائف وبعد تسلم الرئيس نبيه بري رئاسة مجلس النواب والرئيس الشهيد رفيق الحريري رئاسة الحكومة وتسلم ناصيف سقلاوي وفريق الادارة الجديدة “الريجي” التي اعتبرها ادارة ذهبية لأنها من الادارات القليلة التي ترفد الخزينة بالأموال، كما أنها لم تقصر مع المزارع سابقاً وكانت الأسعار بين ٧ و٩ دولارات على سعر ١٥٠٠ ليرة للدولار الواحد، بينما اليوم يتراوح السعر عالمياً بين ٢,٥٠ و٤,٥٠ دولارات للكيلوغرام الواحد.

أما اليوم فتراجعت نسبة زراعة التبغ بصورة كبيرة، فبعدما كان عدد المزارعين 18 ألفاً لا يصل اليوم إلى 5 آلاف مزارع، وهذا التراجع يعيده عضو تجمّع مزارعي التبغ في الجنوب خليل ديب إلى “سرقة الريجي تعب المزارع”.

يبقى السؤال: ماذا سيكون مصير الشتول والمزارعين في حال طال العدوان؟

شارك المقال