مستثمر يُحاول هدم النصب التذكارية لكبار الضباط في المنية؟

إسراء ديب
إسراء ديب

يُدرك القاصي والداني شمالاً، المكانة الكبيرة التي يحظى بها الجيش اللبناني في المنية، إذْ يُعرف أهالي هذه البلدة بانحيازهم ودعمهم للجيش وشهدائه، وهو ما دفعهم في وقتٍ سابق إلى تخليد ذكراهم عبر تخصيص حديقة تمّ تجهيزها بوضع ثلاثة نصب تذكارية لكبار الضباط في الجيش والقوى الأمنية، على مقربة من ثكنة عرمان وعلى مدخل المنية، ما أعطى لهذه الحديقة أبعاداً وقيمة وطنية شعر الكثير منهم بفقدها عند اتخاذ قيادة الجيش قراراً قضى بتأجير العقاريْن المخصّصيْن للحديقة لأحد المستثمرين (الذي يُقال انّه ليس من المنطقة، فهو من طرابلس ومن آل دبّوسي حسب المعطيات) الذي بدأ فعلياً منذ أيّام بجرف التربة واقتلاع الأشجار منها، مع “محاولته هدم النصب التذكارية”، وفق ما كان يتحدّث المعتصمون ومنهم “لجنة الحفاظ على حديقة شهداء الجيش اللبناني”.

ولم يتلقَ أهالي المنية قرار القيادة بسلام، بحيث اعترضوا على أعمال جرف حديقة “شهداء الجيش” ورفضوا هدم النصب فيها، وذلك من خلال إطلاقهم دعوة لتنفيذ وقفة احتجاجية في موقع الحديقة – عرمان بحضور ناشطين مع عددٍ من فعاليات المنطقة، الاجتماعية منها والبيئية، الأمر الذي أدّى إلى حصول تهدئة لأيّام توقفت معها عملية استكمال الهدم، وذلك بانتظار الوصول إلى اتفاق يُرضي الأطراف كافّة، لكن حتّى هذه اللحظة لا تزال القوى المعارضة لعملية الهدم تتداعى لوقفات احتجاجية اعتراضاً على “الجريمة البيئية” كما وصفوها، في وقتٍ لم تُعلن فيه (حتّى هذه اللحظة) أيّة حلول تحدّ من هذه الأزمة التي أشعلت سجالاً محلّياً وأدّت إلى تفعيل الاتصالات واللقاءات بين المعنيين للوصول إلى “المخرج” المناسب.

حسب المعطيات، فقد أنشئت الحديقة التي قسمت الآراء في المنية عام 2007 على العقارين رقم 2522- 308- المنية، بموجب قرار صدر عن قيادة الجيش التي خصّصت منذ أكثر من 10 أعوام هذه المساحة كحديقة بمبادرة من جمعية المنية البيئية وبدعم من بلدية المنية ليتمّ تجهيزها وتمويلها.

وفي وقتٍ تُؤكّد فيه الفعاليات أنّ هذه الأرض كانت ولا تزال ملكاً للجيش، إلا أنّها تلفت إلى أهمّية عدم الاستغناء عن هذه المساحة الخضراء لصالح المستثمر الذي “سيُحوّلها إلى مكان للهنغارات، المصانع والمعامل، ما يُشوّه صورة المنية لا سيما عند مدخلها ويحرمها من آخر مساحاتها التي تتمتّع برمزية وطنية، وكلّه نتيجة تسبّبت بها سياسة السكوت عن أيّ تجاوزات تحمل تغطية سياسيّة”، وفق ما يرى المعتصمون.

على المستوى القانونيّ، يحقّ للجيش تأجير هذه الأرض التي يملكها، كما يحقّ له استثمارها بغية مساعدته وتمويله لسدّ لعجز والمشكلات التمويلية التي يُواجهها في الفترة الأخيرة، لا سيما في ظلّ تفاقم الأزمات التي تُواجهها المؤسسة العسكرية وسط إهمال رسميّ واضح لعناصرها من دون تقدّم يُحرز، لكن وفق أحد المصادر في المنطقة، فإنّ الاعتراض الشعبيّ يكمن في الشعور بالقلق من ردم آخر مساحة ضمن هذه الأراضي التي كانت قد استثمرت غيرها في وقتٍ سابق لتظهر عليها المعامل الصناعية والمعارض التجارية التي أغضبت أهالي المنية، مشيراً إلى أنّ “رئيس الجمعية البيئية الدكتور مصطفى الدهيبي كان قد تحدّث مسبقاً عن هذه الأرض التي ستستثمر أخيراً، موضحاً أنّها ستخضع لتحديد جديد بمساحة ألف متر مربّع ليتمّ نقل كلّ النصب التذكارية مع المقاعد والأشجار إليها، وحينها اعتبر الدهيبي أنّ هذه الحديقة تعود للجيش ويحقّ له التصرّف بها وبأملاكه كما يُريد”.

وفي ظلّ تحدّث البعض عن تغطية سياسية يحظى بها المستثمر، ينفي المصدر هذه الأقاويل، قائلاً: “ثمّة من يغمز في بعض الجلسات ليتحدّث عن تدخل للنائب أحمد الخير في هذه المسألة، خصوصاً وأنّ البعض كان قد اتهمه في وقتٍ سابق بعدم التدخل والسكوت عن الحقّ أو التعاون مع المستثمر، من هنا نؤكّد أنّ النائب الخير كان حاول سابقاً الدعوة إلى عدم قطع الأشجار، وبالتالي إنّ القرار الذي اتخذته القيادة لا يتدخل فيه النائب ولا يجوز أنْ يتدخل في هذه المسائل أو إقحامه بها بأيّ شكل من الأشكال”.

شارك المقال