ملف تفرغ “اللبنانية” معلّق بين التجاذبات الطائفية والتجاوزات الأكاديمية

راما الجراح

بعد ثماني سنوات على تفرغ آخر دفعة من الأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية، أي في العام ٢٠١٤، وعلى الرغم من أن القوى السياسية أصبحت مصرّة على ضرورة إقرار ملف التفرغ، الا أن الخلاف الأساسي يعود إلى المعايير التي على أساسها سيتم التفريغ. ويطرح هذا الملف عدة تساؤلات حول الآلية التي سيتم المُضي فيها، وعلى أي أساس سيحقق التوازن بين الطوائف والأحزاب، وهل سيمر الملف هذا العام أم يؤجل إلى وقتٍ لاحق؟

لم تكن نهاية ملف التفرغ عام ٢٠١٤ سعيدة لجهة انتقاء الأسماء والوساطات، ومنذ ذلك العام تقاعد نحو ١٠٠٠ أستاذ، ولم يدخل إلى الجامعة أي أستاذ للتفرغ، وباتت الهيئة التعليمية في الجامعة قائمة على نحو ٥ آلاف أستاذ، نحو ١٧٠٠ منهم فقط في ملاك الجامعة.

وبعد الاتصال الذي أجراه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، برئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران، والطلب منه إنجاز الملف سريعاً تمهيداً لاقراره في مجلس الوزراء قبل نهاية العام ٢٠٢٣، رُفض بعد تقديمه مباشرة بسبب كيفية انتقاء الأسماء والوساطات التي قام بها بدران بحسب مصادر خاصة وتكرار سيناريو عام ٢٠١٤. فعدد المرشحين للتفرغ ١٨٠٠ أستاذ، وكانت الخطة أنهم سيفرّغون على ثلاث دفعات، تشمل الأولى ٨٠٠ أستاذ “٦٠٪ مسلمون و٤٠٪ مسيحيون” وطبعاً عدد الشيعة أكثر من السنّة، والنسب نفسها تنطبق على الدفعتين الثانية والثالثة التي تضمّ كل منهما ٥٠٠ أستاذ، وهذا ما اعترض عليه السُنّة والمسحيون لما يحمله من ظلم بحق أساتذة على حساب آخرين لأنهم من طائفة معينة.

في حديث لـ”لبنان الكبير” أكد أحد الدكاترة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية أن “رئيس الجامعة رفع ملف المتعاقدين المستحقين للتفرغ بصورة أكاديمية بإمتياز، ولكن لأننا نعيش في بلد طائفي ومذهبي مستعدون لترك الكفاءة من أجل المذهبية، ورفض الملف الذي رفعه رئيس الجامعة، وحصلت حركة إتصالات لتمريره بتوازن معين، وهناك كلام عن نسبة ٥٥٪ إسلام مقابل ٤٥٪ مسيحية حتى يمر الملف، وهذا الأمر سيؤدي إلى تقليص نسبة كبيرة من الأساتذة من الطائفة الشيعية، وبعض الأساتذة من الطائفة السنية”.

وأدت الأزمة الأقتصادية في لبنان إلى هجرة عدد كبير من الأساتذة معظمهم من الطائفة المسيحية، وأيضاً أصبح هناك تسرب على الجامعات الخاصة أكثرهم من المسيحيين والسُنّة ما اضطر الجامعة إلى التعاقد مع الأساتذة الشيعة لملء الشواغر في الجامعة، بحسب الدكتور الذي قال: “في حال قرروا تمرير الملف سيقلص العدد من ١٨٠٠ إلى ١٣٠٠ كحد أقصى”.

وأشارت مصادر نيابية سنيّة عبر “لبنان الكبير” إلى أن “هذا الملف لطالما كان متوازناً، وفي حال وجود أي خلل لا يمكن أن يمر، لذلك الملف المقدم من الجامعة بعدد الأساتذة هو ١٨٠٠، من بينهم حوالي ٨٠٠ شيعي و٤٥٠ سنياً وهذا غير مقبول، لذلك نحن اعترضنا عليه وعلى صيغته، وعلى موضوع عدم التوازن، لأن فرصة دخول السني الى الجامعة ضعيفة بالنسبة الى طوائف غيرها”.

ورأت المصادر أن “الأمور تحولت إلى محسوبيات، وإذا أردنا العمل ضمن معايير معينة فلن يكون لدينا عدد ١٨٠٠ من الأساس. ففي العام ٢٠١٤ تفرغ ١٢٠٠ أستاذ، وفي العام ٢٠٢٤ أصبح عددهم ١٨٠٠، مع العلم أن عدد الطلاب عام ٢٠١٤ كان ٨٥ ألفاً بينما في العام ٢٠٢٤ تقلص عددهم إلى ٦٢ ألف طالب، حتى الأساتذة المتقاعدون زاد عددهم ٧٥٠، ما يعني أن رقم ١٨٠٠ مشبوه ويطرح علامات استفهام كثيرة”.

وقالت: “بما أن رئيس الجامعة اللبنانية تابع لحركة أمل، بالتالي هناك سيطرة منها ومن حزب الله بصورة كبيرة، مثلاً الأستاذ من الطائفة السنية يحتاج إلى ٦ سنوات ليحصل على النصاب ٢٠٠ ساعة، بينما الشيعي يدخل ويحصل على النصاب فوراً”.

أما مصادر حزب “الكتائب اللبنانية” فأعربت لـ”لبنان الكبير” عن رفضها لطريقة تمرير ملف “التفرغ” في الجامعة اللبنانية، محذرة من أن استمرار التمادي في ملفات الجامعة بهذه الطريقة و”تشييعها” بكل ما للكلمة من معنى، يعني دمار الجامعة، كما دمّروا لبنان.

صعوبات كثيرة يعاني منها الأساتذة والمسيحيون كما السُنٍة والدروز داخل الجامعة نظراً لالى تحكّم فئة معيّنة بمفاصلها، لذلك تطبيق التوازن الطائفي في هذا الملف ضرورة ومنح الأساتذة بغض النظر عن طائفتهم فرص التعليم التي تُعطى لغيرهم، بحسب المصادر.

شارك المقال