لبنان والفساد… قصة حب مستمرة

حسين زياد منصور

لا يمكن تلخيص حالة الفساد في لبنان سوى أنها حققت أرقاماً قياسية. على الرغم من كل فضائح الفساد التي وصلت الى الاعلام والصحافة والمواطنين، الا أن النهج المتبع لا يزال مستمراً، ولم يتحسن مستواه بعد. فضائح فساد تتوالى في مختلف دوائر الدولة، هيئة إدارة السير، أمانات السجل العقاري… والقائمة تطول.

منظمة الشفافية الدولية، الرائدة في مجال مكافحة الفساد أعلنت عن نتائج مؤشر مدركات الفساد (CPI) لعام 2023 في جميع البلدان، وكشفت عن أداء لبنان الذي حصل على نتيجة 24/100 واحتلّ المركز 149 من أصل 180 دولة خضعت للتقويم، مسجلاً بذلك النتيجة الأدنى له لثلاثة أعوام متتالية.

وفي لبنان هناك العديد من الجهات التي تسعى دائماً الى مكافحة الفساد الذي يتنوع ويتشعب في الادارات العامة كافة، من ديوان المحاسبة الذي يقوم بعمل جبار بصورة دائمة وفق مصادر قضائية مطلعة تحدثت لموقع “لبنان الكبير”، الى جانب التفتيش المركزي ومجلس الخدمة المدنية.

للنواب دور

توضح المصادر القضائية أن الفساد لا يرتبط بالصفقات والمناقصات غير الشرعية وحسب، بل النظام المعتمد الذي يفتقد الى الكثير من الأصول هو من ضمن الفساد، مشددة على وجوب “اجراء تحقيق جنائي في كل شيء، لأن الهدر والفساد يقدران بالمليارات خلال العام، من دون نسيانهما على مدى السنوات الماضية وهو ما أوصل البلاد الى هذه الحالة”.

وتشير الى أن “الأجهزة الرقابية لم تفشل في مكافحة الفساد، ولكن كانت هناك دائماً عراقيل توضع”، لافتة الى دور المجلس النيابي الرقابي على الوزراء والحكومة من خلال المساءلة الدائمة، “على أن تكون حقاً مساءلة وليس كما المهزلة التي تحصل في مجلسنا النيابي”.

تحرير الأجهزة الرقابية

مصادر حقوقية وقانونية متابعة تبدأ حديثها بضرورة تطبيق كل القوانين المرتبطة بمكافحة الفساد. وتقول: “فصل السلطات وعدم تدخل السياسة في القضاء نقطة ارتكاز مع تطبيق كل القوانين المرتبطة بمكافحة الفساد. هناك قضاة ترفع لهم القبعة، وأظهروا كفاءتهم وجدارتهم في عملهم، خصوصاً عندما يرفضون كل الضغوط السياسية التي تحصل بصورة دائمة، والمضي الى النهاية”.

وتؤكد المصادر أن “الحديث عن الفساد يطول ويطول، لكن على الأقل يجب تشكيل لجان متابعة لكل أعمال الوزارات التي تدر أموالاً للدولة، وهذه الأموال هي بالمليارات، الى جانب متابعة بقية المرافق من هيئة إدارة السير والسجل العقاري ومصالح المياه ومؤسسة كهرباء لبنان… يجب تجفيف كل منابع الفساد والهدر، فلماذا هناك مصلحة سكة حديد ولا قطارات ولا سكك؟”.

وتضيف: “وفق عدد من الدراسات التي قمنا بها، إيرادات الدولة وعائداتها ستتحسن وترتفع في حال الالتزام بمكافحة الفساد، أو أقلها تخفيف بعض الهدر الحاصل، الى جانب إعطاء الأجهزة الرقابية حقها لتلعب دورها بكل أريحية من دون أي تدخل سياسي”.

خطوات أساسية

وفي نتائج مؤشّر مُدرَكات الفساد (CPI) لعام 2023 الذي أعلنت عنه منظمة الشفافية الدولية، ذكرت بعض النقاط التي تم التطرق اليها لمعالجة الأسباب الجذرية للفساد والظلم منها: التطبيق العاجل لقانون الحقّ في الوصول إلى المعلومات، الشفافيّة في الافصاح عن أصول الموظّفين العموميّين، تسريع تنفيذ استراتيجيّة الشراء العام، معالجة الممارسات الغامضة في الادارة الماليّة العامّة، تدابير حماية المبلّغين عن المخالفات وتمكين الهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد (NACC) واستقلال النظام القضائي.

دعم هيئة مكافحة الفساد

تجدر الاشارة الى أن قانون انشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، أقر في العام 2020، وفي 2022 تم تعيين الهيئة بأعضائها الستة، والتي من المفترض أن تلعب دوراً محورياً في مكافحة الفساد في لبنان، لذلك من المهم والضروري تأمين الموارد المالية والبشرية اللازمة لتلعب دورها، من دون نسيان أن القانون نص على أنها مؤسسة رسمية مستقلة الى أقصى الحدود الممكنة سياسياً، إدارياً ومالياً عن السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

شارك المقال