“التزييف العميق” يقلق العالم… تهديدات خطيرة سياسية واجتماعية!

راما الجراح

تخيل أن تستيقظ يوماً لتجد مقطع فيديو مزيفاً بدقة تقوم فيه بتصرفات غير لائقة، وتُفاجأ بأن هذا المقطع قد انتشر بسرعة، فماذا سيكون شعورك؟ ما نطرحه الآن لم يعد أمراً افتراضياً ولا مستحيلاً، فمقاطع الفيديو المزيفة انتشرت في كل مكان، ودفعت انتحال الهوية الرقمية إلى مستوى أعلى بفعل التطورات الأخيرة لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

حتى وقت قريب، كنا نعتقد أن التفرقة بين مقطع فيديو حقيقي وآخر مزيف أمر سهل، ولكن الكلام عن تقنية “التزييف العميق” سوف تغير رأيك! فالتزييف العميق “deepfake” هو التقنية التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتبديل الوجوه أو إنتاج نسخة رقمية لشخص ما. وقوّضت هذه التقنية ثقة الأشخاص في مصداقية الصور والفيديوهات التي يتم التقاطها في مناطق الحروب، وفقاً لما أكدته دراسة جديدة هي الأولى من نوعها في هذا الشأن.

الخبير في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي فريد خليل يشرح عبر “لبنان الكبير” تقنية “التزييف العميق” الذي “يستعمل تقنية الذكاء الاصطناعي، ويسمح للأشخاص بأن يستنسخوا صورة وجه أي شخص مستهدف، وصوته، وحتى الفيديو. وما ساعد في تطوير هذه التقنية هو إنتشار صورنا بصورة كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي بالاضافة إلى الفيديوهات، وحتى التسجيلات الصوتية التي نرسلها عبر التطبيقات من واتساب وغيره، بحيث يتم تجميعها، وتُعطى لأدوات الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق ليتدرب عليها بصورة جيدة ويأخذ كل تفاصيل الوجه، والصوت، وحركات الجسم، ما يتيح له استعمالها”.

ومع تطور برامج الـ”microchip” التي تستند اليها برامج الذكاء الاصطناعي، تقوم بتحليل سريع لكل البيانات (صور، صوت وجسم)، وتخرج صوراً وفيديو لأشخاص لا يمكن تفريقها بين الصح والخطأ، كما يمكن أن تتسرب وتتسبب في مشكلات كثيرة. وبفعل التطور التكنولوجي للذكاء الاصطناعي أصبح من الصعب معرفة الصح من الخطأ، وليست هناك برامج يمكنها أن تكشف ذلك، إنما محاولات لخرق برامج تبين ما هو صحيح فقط، ما يعني أن أي شخص يجلس أمام الكاميرا يمكن لهذا البرنامج أن يؤكد أنه يجلس أمام كاميرا وليس خلف تطبيق ليس أكثر.

عن مخاطر هذه التقنية، يؤكد خليل أن “الجميع في خطر، وأي شخص يمكن أن يتعرض لهذا الموضوع ويدخل في دوامة ابتزاز وتهديدات لأن العديد من تطبيقات التزييف مجانية هذا اجتماعياً، أما من الناحية السياسية، فالتزييف العميق سيشكل خطراً حقيقياً في الاستحقاقات الانتخابية في الدول كافة، إن كان عبر الصوت أو الصورة، وسيكون له تأثير كبير حتى في الحروب والاقتصاد”.

ويروي خليل أبرز الحوادث التي حصلت بسبب “التزييف العميق” مؤخراً:

– في كوريا الجنوبية، اضطرت شركة إلى دفع مبلغ ٢٥ مليون دولار، لأن أحدهم استطاع القيام بالتزييف العميق لمدير مجلس الادارة بالصورة والصوت من دون استطاعته إثبات أنه غير صحيح، وطلب تحويل الأموال إلى مكان محدد.

– في الولايات المتحدة الأميركية، حصل تسريب في إحدى الولايات خلال الانتخابات الرئاسية التمهيدية لصوت الرئيس جو بايدن يطلب من الناس عدم التصويت، وطبعاً هو مزيف.

– في إسبانيا تم تركيب صور لفتيات في المدارس على أجساد عارية وتسريبها ما أدى إلى بلبلة كبيرة.

– المغنية الأميركية تايلور سويفت لم تسلم من الموضوع أيضاً، ومنذ حوالي أسبوعين نشرت صور مزيفة لها على منصة “اكس”.

كما حصلت عدة حوادث عن عمليات احتيال، من خلال رسالة صوتية تصل إلى أشخاص بأصوات أقربائهم يطلبون منهم تحويل مبلغ مالي معين للضرورة.

ويشدد خليل على “ضرورة تشريع قوانين تُجرّم إستعمال هذه التقنية ومعاقبة مستخدميها”، معتبراً أن “تطوير مواقع التواصل الاجتماعي بالنسبة الى المواضيع الاباحية وعدم السماح بنشرها أمر ضروري ومهم جداً، بالاضافة إلى تطوير البرامج التي تستطيع كشف الصح والخطأ”.

شارك المقال