الدولة تُخصص حوافز مالية للادارات المهمة… واضراب الموظفين مستمر

راما الجراح

موظفو الادارة العامة لن يتراجعوا عن الاضراب حتى تحقيق مطالبهم المشروعة. فبعد الدعوات إلى الاضراب العام والشامل منذ فترة، بدأ الموظفون باعتصامات محلية في مناطقهم للمطالبة بتحصيل حقوقهم وإقرار الزيادة المنصفة والعادلة، ورفض الحلول الترقيعية.

الأمور ذاهبة إلى التصعيد وخصوصاً بعد تدوال خبر مفاده أن وزارة المالية في صدد التحضير لاعطاء موظفيها وبعض موظفي الادارات الأخرى مبلغ ٣٠٠ دولار شهرياً، وحرمان سائر القطاع العام، وطبعاً هذا سيولّد نقمة كبيرة، ويدفع الجميع إلى التشدد في الاضراب المفتوح احتجاجاً على سياسة التمييز.

ولبّى موظفو الادارات العامة وموظفو البلديات واتحادات البلديات الاعتصام أمام سرايا زحلة، وأعلنوا في بيان أنهم مع الاضراب الشامل لموظفي الادارات العامة، رفضاً لأن تكون الادارة العامة مكسر عصا لأحد، ورفضاً للامعان في سياسة تجاهل الحقوق والمطالب المشروعة، ولتأكيد وحدة صف موظفي الادارات العامة، لتكون السد المنيع أمام كل محاولات التفرقة، بغية دعم وتوحيد مسارات التفاوض الجارية مع الحكومة التي من شأنها تثبيت حقوقهم.

“لا عودة عن الإضراب في المدى المنظور على ما يبدو، فالتعنت إزاء حقوق الموظفين سيد الموقف والأمور ذاهبة الى الأسوأ، ولن نتهاون بعد اليوم بهذه الحقوق، والحلول الترقيعية المجحفة والمقصرة عن مسح دمعة موظف عجزاً وذلاً لم تعد مقبولة”، وفق ما أكدت رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر عبر “لبنان الكبير”، معتبرة أن “المراسيم التي توقف البت فيها بذريعة احتجاج المتقاعدين لم توضع لتقر لأن اسباب وقفها مرسومة بعناية فيها، ولا ننكر الذكاء الخارق لدى واضعي تفاصيلها، ولو استعمل هذا الذكاء لحل المعضلة بدلاً من تمديدها المفتعل لكانت وفرت علينا وعلى الوطن الكثير من المعضلات”.

في مشروع موازنة العام ٢٠٢٣ التي لم تقر في مجلس النواب، أقرت الحكومة في المادة ٨١ منها عدم جواز إعطاء زيادة تحت أي مسمى بطريقة نسبية، بل يجب إعطاء هذه الزيادات ببدلات مقطوعة، وليس بمضاعفة الرواتب وأوردت الأسباب الموجبة لذلك، وعلى الرغم من ذلك عادت لطرح خيار مضاعفة الرواتب في مختلف طروحها التمييعية للحل، بحسب نصر، التي أسفت لأن “مقاربة الحلول لا تتم بالحد الأدنى المطلوب، يعني اليوم عندما تطرح الحكومة ثلاثة أضعاف الراتب أو حتى ستة أضعاف، تتجاهل أن الراتب الأساسي لـ٨٠٪ من الموطفين في الادارة العامة يتراوح بين ١١ و٢٣ دولاراً، والمطلوب اليوم هو تصحيح حقيقي للرواتب والأجور لتستعيد قيمتها، ولو بالتقسيط شرط تأمين الحد الأدنى الكافي للفئات الدنيا”.

وأشارت نصر الى أن “الأمر وصل مع الحكومة إلى تصنيف الادارات مهمة وغير مهمة، وتخصيص الموظفين في الادارات المهمة بحوافز مالية تكفي لتصحيح رواتب موظفي الادارات العامة كافة في قسطها الأول على الأقل، وأبرز هذه الوزارات وزارة المالية لأنها تجبي مالاً، إضافة إلى رئاسة مجلس الوزراء، رئاسة الجمهورية، وأجهزة الرقابة، ولا أدري ما هي أهميتها من دون الادارات الأخرى؟ فهي لا تجبي مالاً، وما أهميتها إذا لم تكن رافعة لادارات الخدمات التي تسيّر شؤون المواطن وحياته؟ وفي مطلق الأحوال إذا كانت وزارة المالية تحصل الأموال، فالادارات العامة الأخرى هي التي تحققها”.

وأوضحت أن “هناك اعتصامات محلية تنفذ في كل منطقة بعد عجز الموظفين عن المشاركة في الاعتصام المركزي بسبب رداءة الطقس وتكاليف المواصلات. منذ خمسة أشهر والحكومة تحاول إدراج مرسوم الزيادة، وبعد فترة خفّضت من الزيادة لأن المتقاعدين طالبوا بالمساواة وطبعاً هذا من حقهم، ولكن الادارة العامة ليست مكسر عصا، وليس عدلاً أن يتم تحميل الأزمة الخانقة في لبنان إلى القطاع العام، وهذه المرة سنستمر في الاضراب لأننا لم نعد نقوى على هذا العبء”.

وعن المطالب، قالت نصر: “مطلوب من كل ذوي التأثير في الحل وأولهم رجال السياسة فهم البداية والنهاية، أن يعوا أن ثمة معضلة حقيقية جاثمة ليس على صدور الموظفين وفي قلوبهم وحسب، بل على صدر الوطن وتوقف عنه شريان الحياة الرئيسي، وإنهاء الادارة العامة والقطاع العام وإبادة الموظفين واستبدالهم بأزلام ليست قراراً يتخذ وينفذ، بل هو حرب حقيقية على الموظف وعلى المواطن، وعلى الجميع أن يضطلع بمسؤولياته”.

الموظف في بلدية سعدنايل علي رحيمي، أكد أن “الدولة تتجاهل مطالبنا، ولا تكترث إلى حاجتنا لتصحيح رواتبنا وتأمين حقوقنا المشروعة. اليوم راتبنا لا يكفي قوتنا طوال الشهر، ومنذ أشهر ونحن نطالب بزيادة رواتبنا حتى نستطيع الاستمرار. ولا شك في أن الاضراب مفتوح حتى إقرار مطالبنا، وهذه المرة مختلفة عن كل المرات، لأننا لم نعد نقوى على هذا الحِمل”.

شارك المقال