الدولاب من “رمز الاحتجاجات” الى “صديق البيئة”

نور فياض
نور فياض

إرتبط مفهوم حرق الدواليب أو الاطارات بكل انتفاضة يقوم بها الشعب، وينتج عنه أعمدة سوداء من الدخان، تشكّل حاجباً للرؤية. ووفق تقرير لـ”سي ان ان” فإن الشرارة الأولى انطلقت من لبنان، وكان مشهد إحراق الإطارات من أبرز المشاهد المألوفة إبّان الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990، لتبقى هذه الظاهرة موجودة حتى يومنا هذا، وتظهر عند كل توتر بسبب وضع ما أو احتجاجاً على قرارات حكومية وغيرها.

وعلى الرغم من تلك المشاهد التي تضر بالبيئة، الا أن أحد الأشخاص قرّر تحويل هذه الاطارات الى صديقة للبيئة. فكيف تتم هذه العملية؟

صاحب أحد مصانع تدوير الاطارات أحمد شمس الدين يقول عبر “لبنان الكبير”: “نحن مختصون بتدوير الاطارات، والكاوتشوك قابل للتدوير ويتضمن الحديد، Rubber وكتان. يدخل الى ماكينات مخصصة ضمن فرامات تفصل الحديد عن الكاوتشوك والكتان، وبالتالي يتحوّل الدولاب الى قطع في المرحلة الأولى ١٠ سم، المرحلة الثانية ٥ سم لنصل الى حبوب الكاوتشوك التي تستخدم في ملاعب كرة القدم، ونصنع منها بلاطاً أو سجاد كاوتشوك تدخل فيها مواد لاصقة مع تلوينة تستخدم لامتصاص الصدمات وتوجد في ملاعب المدارس والأندية وأيضاً في مزارع الأبقار والأحصنة.”

ويؤكد شمس الدين “أننا كنا نحصل على الاطارات ببلاش وتأتي من الجمعيات، السفارات، هيئة دولية وغيرها. وأحياناً ندفع كلفة رمزية لشراء الاطارات لنساهم مع القطاع الخاص في الحفاظ على البيئة، اذ ندفع على الطن ما يقارب ١٠ دولارات كي لا تلجأ الناس الى حرق الدولاب وتلويث البيئة”.

ويشير الى أن “الدولاب يحتاج الى ألف سنة تقريباً كي يتحلل في التربة، و٦٠٠ سنة ليتحلل مع المواد الكيماوية. ويحتوي على مواد سامة مثل الزنك، sulfrate والديوكسين وجميعها مواد خطرة. ونلاحظ عند حرق الاطارات في الشوارع ينتج عنه حفرة مصدرها هذه المواد المشتعلة. اضافة الى أن عملية الحرق تؤثر سلباً على الشجر والحجر، وتخرج منه مادة الديوكسين التي تساهم في زيادة الضرر وخصوصاً أننا نواجه مشكلة تغير المناخ وثقب الأوزون، كما أنها تدخل الى الرئة عند المسنين وتؤدي الى أمراض سرطانية. ولا تقتصر على ذلك وحسب، انما تؤثر أيضاً على التربة والمياه الجوفية وتصبح الأراضي غير صالحة للزراعة وإن زُرعت تنتقل تلك المواد الى المزروعات”.

ويوضح شمس الدين أن “الاطارات تُحرق أحياناً وتبقى بودرة الكاوتشوك موجودة وتحوي كربون بلاك يقتل الشجر ويلوّث المياه، لذلك نتجه الى التدوير وهناك طريقتان: الأولى حرق الكاوتشوك للحصول على الفيول والكربون بلاك، والطريقة الأخرى بحاجة الى فيلتراج ولكن كلفته عالية، ويمكن أن يتم التدوير عبر السكاكين والشفرات لكنه غير منتج اقتصادياً لذلك لا تلجأ اليه الناس لأنها تعتبر أن هدفه بيئي وليس ربحياً. نستطيع القيام بتدوير صديق للبيئة”.

ويلفت الى أن “٩٥٪؜ من الملاعب في لبنان العالم مجهزة بعشب اصطناعي وغالبية ملاعب ومعسكرات أندية كرة القدم مجهزة بالكاوتشوك، اما الملاعب الدولية فتحتوي على عشب طبيعي. كنا نبيع الملاعب عبر متعهدين وخلال أزمة كورونا خف الطلب، اما نحن فهدفنا بيئي اجتماعي وثقافي.”

ويثني على جهود وزير البيئة ناصر ياسين، قائلاً: “هناك تنسيق مع وزير البيئة الحالي ويساعدنا عبر وضع حماية جمركية ويدعم المنتج، اما وزارة الطاقة فكانت تدعم كلفة الطاقة اليوم وحدت الأسعار. وعموماً القطاع الصناعي بحاجة الى دعم أكثر والى سياسات تحفيزية لتشجيع الناس مثل خفض الضرائب، ونحن في هذا المشروع هدفنا بيئي بإمتياز”.

نعيش في عصر تعصف به العديد من التحديات والمشكلات وخصوصاً تلك المتعلقة بالأزمة الاقتصادية والبيئية، لذلك نحن بحاجة الى هذا النوع من المبادرات للحفاظ على البيئة في ظل التغير المناخي، ومما لا شك فيه أنها بحاجة الى دعم من الدولة ضمن أطر تنفيذية وتشريعية للتشجيع على الاستثمار في هذا القطاع لتطوير الاقتصاد الداخلي. فهل اذا فعّلت الندوات ودعمت هذه المبادرات، سيتغيّر لدى المواطن مفهوم حرق الاطارات الذي يرمز الى الانتفاضة ويصبح الدولاب “صديق البيئة”؟

شارك المقال