الموظفون في صدارة العائلات الأكثر فقراً… لا سكوت بعد اليوم!

راما الجراح

شلّت إضرابات موظفي القطاع العام في لبنان الادارات الرسمية التي أقفلت أبوابها وأعلنت الاضراب الشامل احتجاجاً على عدم قبول الحكومة تصحيح رواتبهم، والتمييز بين موظفي القطاع العام وتخصيص حوافز مالية للادارات العامة التي صنفتها الحكومة “مهمة” وتجاهل الادارات الأخرى. وامتعض الموظفون من هذا التمييز وخصوصاً أن رواتبهم لا تكفيهم للعيش بكرامة. وتحاول الحكومة، منذ بدء الأزمة في العام ٢٠١٩، صرف مساعدات للموظفين لا تدخل ضمن أساس الراتب، وكان آخرها صرف قيمة ٧ رواتب إضافية على رواتب الموظفين.

نصر: إعادة الرواتب إلى قيمتها الأساسية بالدولار

“لم يعد الموظف قادراً على الانتظار، ونتمنى من الحكومة عدم التعاطي مع الملف بالطرق البدائية وغير الموضوعية، وعليهم تصحيح الرواتب من الأساس، يعني اعادتها الى قيمتها الأساسية بالدولار، وتصحيحها على هذا الأساس ولو بالتقسيط لا مشكلة، ولكن المهم أن تكون كافية وعادلة لصغار الموظفين ويعود الحق الى أصحابه”، بحسب رئيسة رابطة موظفي الادارة العامة نوال نصر.

وأكدت نصر أن “الموظف لا يستطيع العيش بـ ١٥٠ دولاراً باستثناء المدراء العامين الذين تصل رواتبهم الى ٥٠٠ دولار. الموظف يدفع راتبه على فواتير الكهرباء والمياه والاتصالات من دون أي شيء آخر، وأنا قلقة من فكرة أنهم يحاولون ابادة الناس والدليل تجاهل المتقاعدين الذي سرقت منهم تعويضات الصرف، ويتخوفون اليوم من أن الحكومة تتسبب في موتهم وابادة شريحة منهم، وهذا الموضوع مطروح عند العجزة بصورة جدّية”.

وبرأي نصر أن “ما يحصل ليس طبيعياً، فمنذ ٥ سنوات والحكومة عاجزة عن ايجاد حل جذري لهذه المشكلة، وأصبح الموظفون في صدارة العائلات الأكثر فقراً، والدولة تقول لصاحب تعويض الصرف: انسوا الموضوع وأكلتوا الضرب! يعني سرقوهم من دون حسيب ولا رقيب”، مشيرة الى أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي طلب من وزير المالية وقف الزيادات الغريبة العجيبة للادارات التي صنفوها مهمة، وسيطرح موضوع القطاع العام في جلسة مجلس الوزراء”.

وشددت على أن “من غير المقبول أن تعطى كل السلفة التي كانت مقررة للتعويض المؤقت وهي ٤ رواتب لكل القطاع العام وصرفوا منها شهراً واحداً الى ٤ ادارات محددة وحرموا بقية الادارات، مع العلم أن هذه السلفة تكفي القطاع العام على ٤ رواتب لمدة ١١ شهراً”.

وهبي: مطلبنا الأساسي سلسلة الرتب والرواتب

ممثل وزارة المالية لدى تجمع موظفي الادارة العامة حسن وهبي أوضح أن “الحكومة قررت إعطاء وزارة المالية والهيئات الرقابية حوافز أسوة ببعض الموظفين مثل الأساتذة وغيرهم وخربت الدني! موظفو الادارات العامة على حق لأنهم يطالبون بحقوقهم، ونحن كتجمع موظفي إدارة عامة طالبنا بتعميم الحوافز على كل الادارات العامة من دون تمييز، وعدد موظفي الادارة ١٢ ألفاً، ٤ آلاف منهم استفادوا من الحوافز، والرئيس نجيب ميقاتي أمر بتوقيف الحوافز التي أقرت للمالية وعدة وزارات، والآن جميع الادارات العامة ستتجه إلى الاضراب الشامل”.

أضاف: “وعدونا بمرسوم للموظفين في الخدمة والمتعاقدين ينص على إعطاء ٣ رواتب زيادة على ٧ رواتب، بالاضافة إلى بدلات بنزين ما يعادل ١٢ تنكة بنزين للفئة الخامسة حتى تصل إلى ٢٠ تنكة للفئة الأولى. في حال بتت الحكومة في هذا الملف يكون الموظف يتقاضى ٢٠٪ فقط من حقه، لأن هذا المرسوم يوفر للفئة الرابعة الى حدود ٥٠٠ دولار، والذي كان يتقاضى مليونين و٣٠٠ ألف أساس راتبه أي حوالي ١٣٠٠ دولار، اليوم عندما يتقاضى ٤٠٠ دولار يعني ٢٠٪ تقريباً من راتبه”.

وعن المطالب، قال وهبي: “مطلبنا الأساسي هو العودة الى سلسلة الرتب والرواتب، ولكن اليوم نقول لهم رواتبنا التي هي جزء من الموازنة قسموها على الـ ١٥٠٠ وأعطونا ٤٠٪ منها، وللأسف اليوم الحلول ترقيعية، وحتى المرسوم مؤقت. والدولة لديها القدرة على اعطاء هذه الأموال، لأن في واردات الموازنة تضرب الرسوم بـ ٦٠ ضعفاً، ولكن المصاريف تضرب بـ ٣٠ ضعفاً يعني النصف أي يبقى هناك فائض في الموازنة، وفي النهاية لا يمكن أن يتم تجاهل المتقاعدين أيضاً لأنهم خدموا الدولة، ولا يزالون يتقاضون فقط ٦ معاشات أي ما يساوي اشتراك كهرباء”.

أما بالسنة إلى الحل برأي وهبي فيكون “بإلغاء جميع الحوافز من العام ٢٠٢٠ إلى اليوم، والعودة إلى سلسلة الرتب الرواتب وتقسيمها على الـ ١٥٠٠ ونأخذ نسبة منها بحسب أساس الراتب، وليكونوا عادلين تعطى المؤسسات العامة ٣٠٪، وموظفو الادارات ٤٠٪، والمتقاعدون (١٦ ألفاً) نسبة تصل إلى ٣٥٪، ورئيس الحكومة رفض حتى انتخاب رئيس للجمهورية وهذا ظلم للجميع”.

موظف متقاعد: أصبحنا “شحادين” ولن نسكت بعد اليوم

وروى الموظف المتقاعد سمير بارودي (٧٥ سنة) معاناته عبر “لبنان الكبير”، قائلاً: “انتهى عملي منذ العام ٢٠٠٦، بدأت العمل بتأسيس مركز سلامة للطيران المدني، وكان مركزاً للتدريب، وضربته اسرائيل في الثمانينيات، وبعدها وزعونا على الوزارات، وعملت في وزارة الأشغال العامة والنقل، ومرّ علينا ٥ وزراء، النتيجة أننا عملنا لسنوات طويلة، وعندما وصلنا الى نهاية الخدمة أعطونا تعويض خدمة عام ٢٠٠٦، ومن يومها إلى اليوم لم نأخذ من الدولة اللبنانية حبة بنادول! اليوم أصبحنا كباراً في السن، ونحن موظفون متقاعدون، أقله أن نحصل على زودات أسوة بغيرنا منذ بدء إعطائها في لبنان أي منذ سنتين تقريباً، ولا نريد أي تعويض عن السنوات الماضية”.

وأكد “أننا لا نحصل على مساعدات مرضية ولا غيرها، وكأنهم أخذوا قراراً بتركنا لمصيرنا، وأنا بدأت ببيع أثاث منزلي لأستطيع العيش، وخصوصاً نحن تهجرنا من الجبل وخسرنا أموالنا وأراضينا في الحرب الأهلية، وعلى الرغم من ذلك عشنا بكرامتنا. وتقدمت بكتاب إلى الرئيس ميقاتي طلبت منه مساعدة مالية من الدولة لأعيش بما أنني خدمتها ٤٥ سنة، ولكنه تجاهل الأمر، بالاضافة إلى اتصالاتي بكثير من النواب والوزراء ولكن لم أحصل على مساعدة من أحد، واليوم أتمنى الموت على أن أعيش حياة حكمت علينا فيها الدولة اللبنانية بحرماننا من حقوقنا وأصبحنا شحادين بسببهم، لذلك لن نسكن بعد اليوم ولو خرب البلد أكثر”.

موظف بلدي: حقنا ضائع بين البلديات والدولة

أما موظفو البلديات فيعانون الأمرّين، وأشار محمد شموري، موظف رسمي في بلدية المرج الى أن “حقنا مهدور من الدولة ومن البلدية، الدولة لا تشمل البلديات بقراراتها وتحصرها بموظفي الادارات العامة فقط، وحقنا ضائع بين البلديات والدولة، وأساساً لا أموال في البلديات، ونحن في بلدة المرج لولا ضمان سوق المرج الشعبي ليست هناك رواتب”، مطالباً الدولة بـ “تصحيح الأجور بصورة منطقية، بمعنى أن يعود راتبنا كما كان بالدولار لنستطيع العيش بكرامة ولا نريد أي شيء آخر”.

شارك المقال