قنبلة موقوتة “بعلْم الدّولة”: مواد مشعّة وخطيرة مخزّنة في مصفاة البداوي!

إسراء ديب
إسراء ديب

كشفت تقارير أجنبية ورسمية عن خطر كبير يمسّ مصفاة البدّاوي التي اتضح أنّها تحتوي على “قنبلة موقوتة” تتضمّن مواد مشعّة وكيميائية خطيرة للغاية ومخزّنة منذ أعوام، وسط صمت مهيب لم يخترقه أيّ تحرك رسميّ فاعل يحثّ على إزالتها، لإزاحة خطر الموت ومنعاً لتكرار سيناريو تفجير مرفأ بيروت من جديد وهذه المرّة في مدينة طرابلس التي لم تتنعّم بهذه المصفاة، أيّ الشريان الرئيسي الذي يُضرب كلّ فترة، مرّة عبر تراكم السموم والبرك النفطية التي لم تتمّ إزالتها حتّى اللحظة، ومرّة أخرى عبر مواد لا يُمكن الإبقاء عليها أو السكوت عنها.

يُمكن القول، إنّ التحدّث عن ضربة إسرائيلية محتملة (قد تطال المصفاة، أو معمل دير عمار الكهربائيّ القريب جداً منها، أو مخيّم البداوي أيضاً)، كان قد حرّك المياه الراكدة التي لم يُحرّكها المعنيون الذين علم بعضهم منذ أعوام بوجود هذه المواد ضمن شركة يُمكنها استقطاب استثمارات محلّية، عربية وأجنبية، وذلك وفق ما تُؤكّد معطيات “لبنان الكبير”.

وتبيّن أنّ المواد التي لم يرفعها أحد حتّى اللحظة، وفق التقارير الصادرة، تنقسم إلى نوعيْن: أوّلها، مواد كيميائية ومشعّة خطيرة، وثانيها نووية تتفاوت درجة خطورتها بين متوسّطة وشديدة الخطورة. كما تلفت التقارير إلى أنّ الأنسب (بوجود هذه الكمّيات)، ترحيلها خارج لبنان عبر مؤسسات صناعية متخصّصة في هذا المجال المرتبط بالتحكّم بالنفايات، كونها قديمة وغير صالحة للاستخدام.

وفي تفاصيل هذه الكارثة البيئية، يُشير مصدر مطّلع على هذا الملف إلى أنّ تقارير رفعت من شركة متخصّصة بالتعاون مع الجيش اللبناني، (هي شركة “كومبي لفت – Combi Lift” الألمانية التي عملت وكشفت في مرفأ بيروت مسبقاً للتخلص من المواد الخطرة والقابلة للاشتعال بعد التفجير)، شدّدت على وجود مواد خطيرة مخزّنة في منشآت النفط في البداوي أيّ شركة نفط العراق (IPC)، الأمر الذي دفع رئيس بلدية البدّاوي حسن غمراوي إلى الدعوة لاعتصام سيجمع أبناء المنطقة وجوارها صباح الأحد للمطالبة بترحيل هذه المواد عبر الضغط على وزارة الطاقة، وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال وليد فيّاض، والمديرية العامّة للنفط لترحيلها من الشركة ولبنان كلّه، “لأنّ بقاءها سيضرّ الشمال بصورة مباشرة وسيُحدث كارثة لا تُحمد عقباها، مع العلم أنّها قد لا تكون ناتجة عن ضربة إسرائيلية محتملة فحسب، بل يُمكن لأيّ حريق بسيط بين القصب مثلاً أن يُشعلها أيضاً”.

وفي حديثٍ لـ “لبنان الكبير”، يقول المصدر: “بعد تفجير مرفأ بيروت 2020، تحرّكت دائرة الهندسة في الجيش وكشفت عن وجود هذه المواد، لتُؤكّد الشركة خطورتها أيضاً، لكن حتّى اللحظة لم يعرف كيفية ترحيلها ومن سيُرحّلها أساساً بغياب دراسة متخصّصة وعاجلة لهذا الأمر (مع العلم أنّه يُقال ستكون عبر شركة إيطالية)، لكنّ الكتاب الذي أُرسل رسمياً الى كلّ المعنيين في ظلّ رئاسة العماد ميشال عون للجمهورية، ليُنذرهم ويحثّهم على التحرّك لم يُثمر حراكاً ملموساً، وكان صدر منذ 26 آذار عام 2021، وقد أرسلت وزارة الدّاخلية هذا الكتاب أو التقرير الى وزارة الطاقة أيضاً”.

ويُضيف: “بعد التهديدات التي تمسّ البلاد أخيراً، أُرسلت من جديد، وثيقة إحالة تُحذّر من وجود كمّيات خطيرة في المنشآت شمالاً، تحديداً في 26 شباط 2024 أيّ منذ أيّام، وذلك بعد إرسالها من الدّاخلية عبر الأمن المركزي إلى محافظ طرابلس والشمال القاضي رمزي نهرا الذي أرسل بدوره هذا الكتاب الذي دوّن بإمضاء وزارة الطاقة إلى البلدية في البداوي، ما أحدث حال صدمة وخوف شمالاً، خصوصاً وأنّ الوثيقة تُؤكّد وجود خطر على السلامة العامّة المهدّدة في طرابلس، البداوي، دير عمار، المنية وحتّى مجدليا، بمواد كان يُخيّل للبعض أحياناً إزالتها من المعنيين، لكن على ما يبدو أنّها نُقلت إلى المصفاة بتكتّم تام منذ حرب تمّوز عام 2006 بعدما كانت موجودة في منشآت أو معامل أخرى في المناطق التي طالتها التعدّيات، كي لا يضربها العدو في مناطق القتال”.

ويُوضح المصدر أنّ هذا الكلام لم يكن عبر تقرير من الشركة أو بكتاب من وزارة الدّاخلية فحسب، بل ذكره أيضاً منذ عاميْن تقريباً، العميد المتقاعد بسام الأيوبي، الذي وجّه إخباراً عبر مقطع مصوّر يُؤكّد فيه وجود 75 حاوية في مصفاة IPC في طرابلس، تحوي مواد خطيرة جداً، وناشد حينها كلّاً من رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة، وزير الدّفاع ووزير الداخلية، والمسؤولين الأمنيين كافّة، معالجة الموضوع بأقصى سرعة ممكنة، وبالتالي “إنّ تدخّل وزارة الداخلية والجيش ضروريّ، لكن بغياب تدخل مجلس الوزراء بحدّ ذاته، لن نصل إلى نتيجة تُطمئن المواطن الخائف”.

أما غمراوي فلا يُخفي عتبه على وزارة الطاقة وغيرها من الوزارات المتخصّصة والمعنيين، بسبب عدم تحرّك أحدهم لحماية أرواح المواطنين ومناطقهم، الأمر الذي يصفه بأنّه “عملية إهمال غير مفهومة لا يُمكن السكوت عنها، خصوصاً بعد الحديث عن وجود هذه المواد في المنشآت، الأمر الذي لا يُعدّ سهلاً أبداً”.

ويقول لـ “لبنان الكبير”: “دعوْنا الاعلام وفعاليات البداوي مع النّاس لنتكلّم في التفاصيل ولنطالب بما علينا المطالبة به، لأنّنا سنركّز على هذا الموضوع الذي لن نغفل عنه نظراً الى خطورته وانعكاسه علينا، وفي الواقع، أتابع مع المعنيين الذين نحمّلهم مسؤولية اللامبالاة التي يُعاملوننا بها دائماً، ولهذا السبب أدعو الناس الى المشاركة والمتابعة، لأنّ المشاركة في الاحتجاج لا تكفي وحدها بالتأكيد، بل تحتاج إلى المتابعة بصورة مستمرّة والضغط للوصول إلى بر الأمان”.

شارك المقال