الجنوبيون يدفعون ضريبة الهوية عن كل الوطن

نور فياض
نور فياض

يكاد ينتهي الشهر الخامس من اندلاع المواجهات في الجنوب والعدو الاسرائيلي لا يزال يرتكب أبشع الجرائم بحق أهله كما في غزة. وبعد أن كانت الاشتباكات محصورة بالمناطق المتاخمة للحدود مع فلسطين المحتلة، تطوّرت وتخطت قواعد الاشتباك وطال القصف مناطق بعيدة كل البعد عن تلك القواعد كالنبطية، الغازية وحتى بعلبك، مع استخدام الأسلحة المحرمة دولياً.

ومع سقوط العديد من أبناء هذه القرى، التي أصبحت شبه مدمرة أو مدمرة كلياً، لا تزال حركة النزوح قائمة، وبلغ عدد النازحين أكثر من 45 ألفاً يتوزعون على عشرات المناطق، منها صور، صيدا، الضاحية الجنوبية، إقليم الخروب، صوفر، بحمدون وجبيل. فكيف هي أحوالهم في الجنوب؟

عضو كتلة “التنمية والتحرير” النائب قاسم هاشم يؤكد عبر موقع “لبنان الكبير” أن “من أولوياتنا متابعة ملف ايواء النازحين وتأمين المتطلبات اليومية الحياتية والمعيشية، اضافة الى تأمين الغذاء اليومي والطبابة، وطبعاً متابعة هذا الملف مع لجان المناطق الموجودين فيها في مراكز الايواء والمتابعة مع وزارة الصحة وكل المستشفيات في المناطق الجنوبية، كما تأمين الخدمات الصحية لهم. فهذا أمر أساسي وهذه مسؤولية الحكومة ونحن نتابع دائماً مع المؤسسات المعنية بالوزارات المسؤولة. كما أن مجلس الجنوب يقوم بدوره وبواجبه في هذا المجال منذ اليوم الأول: تأمين متطلبات مراكز الايواء من مساعدات غذائية شبه شهرية، وهو في صدد اعداد دفعة جديدة منها”.

ويشدد على “واجب الدولة والحكومة تجاه شعبهما لا سيما في ظل ما يتعرض له الجنوب حيث أبناء المناطق الحدودية خصوصاً يدفعون ضريبة الهوية والانتماء عن كل الوطن، بغض النظر عما يقوله البعض هنا وهناك لكن طبعاً بقاء الناس وتشبثهم بقراهم على الرغم من كل ما يصيبهم من هذا العدوان هو تأكيد لهوية هذا البلد وضرورة صمود كل لبنان، وهذا فعل قوة للحكومة في الداخل اللبناني من أجل أن يبقى لبنان على ما هو عليه.”

اذاً، بعد نزوح غالبية سكان المناطق المتاخمة للحدود، ازدادت الكثافة السكانية في المناطق الأكثر أمناً ومن الطبيعي أن يكثر الطلب على المنتجات وخصوصاً الغذائية ووفق قانون العرض والطلب يرتفع سعر السلعة الأكثر طلباً. وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم انما عند كل مأزق نشهدها ونشهد معها غياباً للرقابة.

في السياق، يقول هاشم: “نحن نعرف كل ما يقال عن أجهزة الرقابة وأن هنالك نوعاً من التفلت في الظروف العادية، فكيف في الظروف الاستثنائية؟ هل فعلاً كانت جمعية حماية المستهلك قادرة على وضع حد لتفلت الأسعار؟ أبداً. فكيف في ظل ظرف استثنائي؟ للأسف دائماً ما نرى جشعاً للاستثمار في زمن ألم الناس ووجعهم وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية وظروف البلد وما يصيبه من واقع مزرٍ، الا أن البعض يستمر في جشعه للاستثمار على الأزمات ويزيد من ثرواته على حساب ألم الناس.”

وفي ما يتعلق بالتعويضات للمتضررين، يوضح هاشم أن “الحكومة ستأخذ قراراً وستتابع لكن السؤال هل هنالك قدرة اليوم على اجراء كل الكشوفات والمسوحات المطلوبة ضمن استمرار القصف اليومي؟”، معرباً عن اعتقاده أن “هذا الأمر يحتاج الى بعض الهدوء حتى تتحرك اللجان بقرار الحكومة سواء عبر الجنوب أو كل المؤسسات المعنية لتقوم بواجبها تجاه من دمرت منازلهم بصورة كاملة نتيجة هذا العدوان.”

وفي مدينة النبطية، على الرغم من الاعتداءات التي طالت المنطقة في الآونة الأخيرة، الا ان ذلك لم يؤثر على حركة النازحين، الذين لا يزالون يتوافدون اليها، بحسب خضر قديح المسؤول عن ملف النازحين في النبطية، الذي يشير عبر موقع “لبنان الكبير” الى أن “الخدمات التي كنا نوفّرها للنازحين لا تزال موجودة، وهذا الشهر كثرت بفضل بعض الجمعيات والمؤسسات واحداها تابعة للـ UN، التي قدمت أدوات للمطبخ، وألبسة وغيرها. اما مجلس الجنوب فكعادته قدّم الحصص الغذائية وغيرها من مستلزمات يومية”.

ترك أبناء المناطق المتاخمة للحدود منازلهم ورزقهم ومصالحهم وباتوا بحاجة الى عمل ليؤمنوا متطلباتهم، ووفقاً لأحد النازخين فان “متطلبات الحياة كثيرة على الرغم من المساعدات، لذلك بدأت أبحث عن عمل في المنطقة التي تؤويني وعائلتي. ولحسن الحظ وجدت عملاً في فرن قريب والحمد لله.”

حالة هذا النازح كغيره، ممن يبحثون عن عمل ليؤمنوا مطالبهم ومنهم اضافة الى المطالب، لتمضية وقتهم.

في هذا الصدد، يؤكد قديح أن “عدة أشخاص لجؤوا الينا لتأمين فرص عمل لهم في المنطقة، وظائف في لبلدية أو مهن حرة، فالنازح اليوم يتكّل على نفسه وليس على الخدمات فقط، وهذا أمر جيّد”.

وفي ما يتعلّق بنواب المنطقة، يقول قديح: “من المعروف أن نواب المنطقة ينتمون الى حزب الله وحركة أمل وكلاهما لا يقصّران فالأول يقدّم خدماته عبر المجلس البلدي، والثاني عبر مجلس الجنوب. صحيح أنهم غير موجودين في الميدان يومياً انما ملائكتهم حاضرة”، مضيفاً: “كل من يقصدنا لا نرده خائباً، اذ نتصل بالمعنيين ونؤمن لهم كل ما يحتاجونه، فنحن جميعنا أهل وخطنا مفتوح للجميع في كل الأوقات.”

يحكى يومياً عن اتفاق تسعى الدول العربية والغربية الى إنجازه لوقف النار في غزة، وحتى لو توصلت اليه، فالعدو يقول ان لبنان غير معني به، مع أنه يتكبّد يومياً خسائر اقتصادية وسياسية جمّة. فهل سنشهد هدنة على الجبهتين قبل شهر رمضان، أم أننا ننتظر حرباً موسّعة؟

شارك المقال