“اللبنانية” أمام تحديات ومطالبات محقة… وملف التفرغ رهن التجاذبات

راما الجراح

لطالما عانت الجامعة اللبنانية من مشكلات كثيرة واضرابات تحذيرية لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا بغية تحقيق مطالب الأساتذة والجامعة وحتى الطلاب، ولكن إلى اليوم الأساتذة المتعاقدون في الجامعة لم يحصلوا على رواتبهم منذ ثلاث سنوات، وحتى ملف التفرغ لم يبت فيه شيء ومعلق منذ فترة طويلة على الرغم من المطالبات بتمريره، ولكن كما جرت العادة التجاذبات السياسية لعبت دورها في الملف، وهناك انقسام كبير حول تفريغ أعداد أساتذة بالتوازن بين المسلمين والمسحيين، وهذا البند هو في أساس إعلان إضراب الأساتذة المتعاقدين الذي بدأ أمس.

وأعلنت اللجنة الرسمية للأساتذة المتعاقدين بالساعة في الجامعة اللبنانية، الاضراب العام بدءاً من يوم أمس الاثنين ولمدة أسبوع، في جميع كليات الجامعة وفروعها، ودعت الأساتذة المتفرغين في الجامعة ومجلس المندوبين، ورابطة موظفي الجامعة والطلاب إلى المشاركة في الاعتصام أمام وزارة التربية اليوم الثلاثاء لرفع الغبن عن الأساتذة المتعاقدين، ومن أجل تسريع إقرار ملف التفرغ وتحصيل حقوقهم المتمثلة في رفع أجر الساعة وإعطاء بدل انتاجية وبدل نقل، فيما أصدرت الجامعة اللبنانية قراراً باستمرار التدريس في جميع كليات الجامعة ومعاهدها وفروعها.

مصدر خاص قال لـ “لبنان الكبير”: “طالما الأحزاب لم تدخل حتى الآن في الإضراب فلن يستمر، وبالنسبة الى مطالب الأساتذة يمكن أن يتم إعطاؤهم جزء ترضية من بدل انتاجية ورفع بدل الساعة التي لا تزال إلى اليوم ٢٠٠ ألف ليره فقط”.

واعتبر المصدر أن “رئيس الجامعة اللبنانية بسام بدران يريد أن يربح من الجميع ولا يخسر أحداً، وأخرج نفسه من المشكلة من خلال إعطاء الملف لوزير التربية عباس الحلبي ولائحة بأسماء كل المتعاقدين الذين يملكون ٥٠ ساعة تعليم، والذين يملكون ٤٠٠ ساعة ورفعه بصيغته ليتولى الوزير زمام الأمور وهذه الطريقة ليست شفافة والملف لن يمر. والأهم عندما أقرت خطة التعافي الاقتصادي عأيام الرئيس ميشال عون تم إقرار منع التوظيف في القطاع العام والمؤسسات العامة لمدة ٥ سنوات قابلة للتجديد، إضافة إلى شروط صندوق النقد الدولي نقل التوظيف في لبنان من التثبيت إلى التعاقد للتخلص من رواتب المتقاعدين فيما بعد وهذا جزء أساسي من عدم إقرار ملف التفرغ”.

وفي ضوء إعلان الاضراب وقرار الجامعة، أكد أحد الأساتذة المتعاقدين منذ ١٠ سنوات في الجامعة اللبنانية عبر “لبنان الكبير” أن “الجامعة ليس من حقها إتخاذ قرار بإستمرار التدريس لأننا لم نعلن الاضراب من دون سبب، وإدارة الجامعة أعلم بمعاناتنا، فنحن لم نتقاضَ عقد ٢٠٢٠-٢٠٢١ ولا ٢٠٢٢- ٢٠٢٣، وعقد ٢٠٢٣-٢٠٢٤ حتى اليوم مصيره مجهول، ووعدنا رئيس الجامعة مرات عدة بأن يزيد أجر الساعة وأبلغونا من فترة قصيرة أن الأجر سيبقى نفسه ٢٠٠ ألف ليرة وهذا قبل حسم الضرائب، بالاضافة إلى أن الدولة أقرت بدل النقل لكل القطاعات ولم يشملنا القرار، كما أنه لم يُحسب لنا بدل الانتاجية، وفي عملية حسابية سريعة لا يتجاوز راتبنا الـ ١٠٠ دولار في الشهر، في المقابل الأستاذ المتفرغ والملاك راتبه الشهري بحدود الـ ٢٠٠٠ دولار شهرياً وهذه فجوة كبيرة”.

أضاف: “سألنا عن مصير عقد ٢٠٢٠-٢٠٢١ وكان الجواب أنه مش محرز، لأنه سيدفع على سعر صرف الـ ١٥٠٠ بسعر الساعة ٦٥ ألفاً، أي السنة الكاملة يمكن أن تكون فقط ٢٥٠ دولاراً وحتى اليوم لم نتقاضاه. اللجنة الرسمية للمتعاقدين أعلنت الاضراب لمدة أسبوع واحد من حسن النية كي لا تتعطل الجامعة، والواضح حتى اللحظة أن هناك طرفين حركة أمل وحزب الله يشارطان في حال لم نأخذ ما نريد لن يمر هذا الملف في مجلس الوزراء، وعدد الأساتذة المنتمين الى هذين الطرفين كبير جداً، ولذلك هناك إحتمال كبير للتوجه إلى التصعيد في حال لم يقفوا على مطالبنا، وهذا الإضراب تحذيري يترافق مع حشد أمام وزارة التربية يوم الثلاثاء لأن الملف عند الوزير”.

وفي تفاصيل المطالبات وملف التفرغ، اعتبر الكاتب والباحث السياسي نسيب حطيط المطلع على الملف أن “ما لم يقله الأساتذة المتعاقدون بصورة أساسية هو مطالبتهم بتحريرهم من أعمال السخرة على مستوى الجامعة اللبنانية حيث يشكلون ٧٠ في المئة من الأساتذة ولم يقبضوا رواتبهم منذ العام الدراسي ٢٠٢٠-٢٠٢١، وبالتالي ثلاث سنوات المتعاقد قد دفع ثمن بدل نقل، وأعطى كل ما هو مطلوب ولكنه لم يأخذ حقه وما كان يساوي من قيمة دولارية منذ ثلاث سنوات الآن يساوي صفراً”.

وأوضح حطيط لـ “لبنان الكبير” أن “الاستاذ المتعاقد حتى لو قبض بدل ما علمه، فإنه يقبض بعد سنتين يعني لا يقبض شهرياً ولا سنوياً الا بعد مرور سنتين،أي لا يمكن تأمين مقومات المعيشة بهذه الطريقة من الجامعة، والأستاذ المتعاقد كنظام معتمد في الجامعة يتقاضى بدل التعليم كبدل مالي غير مشمول بالرعاية الصحية ولا بالمنح التربوية ولا حتى ببدل النقل وبالتالي هو محروم من كل هذه التقديمات لا أمان صحي ولا أمان اجتماعي”.

النقطة الأهم أن المتعاقد لا يملك الاستقرار الوظيفي في الجامعة، وليس له أي حق مكتسب بالبقاء في التعليم حتى لو مضى على تعاقده ١٠ سنوات تستطيع الجامعة فسخ العقد من دون أسباب، تحت بند لا حاجة أو عدم توافر النصاب في ساعات التعليم، بحسب حطيط الذي أكد أن “الأستاذ المتعاقد ضمن نظام الجامعة اللبنانية يحق له بعد سنتين إذا استوفى الشروط القانونية أن يتم تفريغه، ولكن اعتادت الجامعة منذ ٥ عقود أن يتم كل ١٠ سنوات اقرار ملف التفرغ ولكنه مبتور وغير عادل ولا يشمل كل المستحقين وآخر مرة أقر عام ٢٠١٤”.

وعن كيفية التعاطي في ملف التفرغ، رأى حطيط أن “الطريقة كارثية لأنها تتعلق بمسألة التوازن الطائفي، بحيث أنه في نظام الطائف هناك مناصفة في الفئة الأولى في المعطى الاداري، ولكن التعليم ليس إدارياً بل هو أكاديمي، يعني في حال لم يتوافر أساتذة مسيحيون نتيجة الهجرة أو لأنهم في الجامعات الخاصة المسيحية، اذا توافر ١٠٠ أستاذ مسيحي من دون أي سبب قاهر ومن دون أي منع من أي حزب نتيجة الظروف الواقعية فعلى المسلمين لو كانوا ١٠٠٠ أستاذ يدرسون في الجامعة اللبنانية أن يتفرغ منهم ١٠٠ فقط حتى لو كل العمر وهذا هو أساس المشكلة، وبطبيعة الحال حتى الآن لم يجرؤ أحد على أن يتجاوز هذا البند مع أنه مخالف للطائف والعدالة الانسانية والاجتماعية”.

ولفت الى أن “التفرغ يأتي ضمن لوائح حزبية، يعني المتعاقد يظلم مرتين، مرة من الدولة والجامعة لأنهما لم تفرغهاه، ويظلم مرة ثانية اذا كان يستوفي الشروط وصاحب حق ولكن اللوائح الحزبية من المكاتب التربوية الحزبية تقدم لوائح لمنتسبيها حتى يتجاوزوا المستحقين لأنهم غير منتسبين الى الأحزاب، ما يعني يفضّل المحزب ولو لم يتمتع بالكفاءة المطلوبة على المستحق غير المحزب، وبالتالي التفرغ تاريخياً كان وفق المعيار الحزبي وليس وفق معيار الأقدمية والمستوى العلمي”.

شارك المقال