إنتشار “الصفيرة” في البقاع الأوسط… والسبب شبكة مياه مهترئة!

راما الجراح

وكأن اللبناني المنهك معيشياً وإقتصادياً تنقصه مشكلات لم تكن في الحسبان، ففي البقاع الأوسط وتحديداً في منطقتي تعلبايا وسعدنايل رصدت عشرات الحالات المصابة بمرض اليرقان أو ما يعرف بـ “الصفيرة” أو “الصفار الأبيض” بحسب مصادر مؤكدة من مستوصف سعدنايل وتعلبايا، والنسبة الأكبر هي عند الأطفال.

و”الصفيرة” مرض ناجم عن تكون كمية زائدة من صبغة لونها مائل الى الصفرة في الدم تسمى “بيليروبين”، يؤدي إلى تراكمها تحت الجلد وفي العين ما ينتج عنه اصفرار في لون الجلد والعينين. ويمكن لأي شخص في أي عمر أن يصاب به، وهذا اللون المائل إلى الأصفر يشير إلى وجود مشكلات في الكبد أو القناة الصفراوية.

لا يُسبب اليرقان بحدّ ذاته أعراضاً خطيرةً، ولكن يُمكن أن يكون علامةً لمشكلات أخرى. فما أسباب انتشاره فجأة وبنسب عالية في البقاع الأوسط؟ وهل هناك موجة انتشار لليرقان في لبنان؟

أوضح رئيس بلدية سعدنايل حسين الشوباصي عبر “لبنان الكبير” أن هناك “جزءاً صغيراً من حي العين وحي البحيص في منطقة سعدنايل يسحب مياهه من الشبكة القديمة، ما يسمى بخط ٨ إنش، ومصدره جديتا، ويمر بتعلبايا، ويصل إلى هذه الأحياء في سعدنايل. مياهه ملوثة بصورة كبيرة لدرجة لا يمكن شربها، والمرجح أنها تُستعمل لتنظيف المنزل والملابس والاستحمام”، مشيراً الى أن “اليونيسف كشفت على هذه الشبكة من قبل وصنفتها بالمهترئة بنسبة تزيد عن ٦٠ في المئة على طولها من جديتا حتى سعدنايل. وفي فصل الشتاء الكارثة الكبرى حيث تختلط بالمياه الآسنة، وأحياناً يتحول لونها إلى أسود، ويختلط فيها مازوت وغيره ما يمكن أن يشكل خطراً كبيراً على صحة الانسان”.

وقال أحد فعاليات المنطقة الذي تمنى عدم ذكر اسمه أن “الناس في المنطقة ليس لديهم إمكانات مادية لشراء المياه كل يومين، لذلك يضطرون إلى استخدام هذه المياه من الشبكة، والمعنيون من البلديات هم المسؤولون عن هذه الكارثة على الرغم من أننا لا نستطيع لومهم بصورة كبيرة بسبب الأوضاع الصعبة التي تعيشها البلديات منذ سنوات، ولكن فليتحملوا مسؤوليتهم ويحملوا الملف إلى وزارة الأشغال أو أي جهة مانحة لحل هذه المشكلة من جذورها”.

طبيب الصحة العامة والأطفال الدكتور محمد العبد الله أكد عبر “لبنان الكبير” وجود حالات كثيرة من “الصفيرة” في سعدنايل وتعلبايا، “وقد بلّغنا فريق الترصد الوبائي التابع لوزارة الصحة لمتابعة أسباب هذا الانتشار الكبير، وجمع عيّنات مياه من المناطق الأكثر تسجيلاً للحالات، من أجل فحصها في مختبرات المياه التّابعة للمستشفيات الحكومية”.

ورجّح أن أحد الأسباب يعود الى المياه الملوثة بنسبة ٩٠٪، لأنه ينتقل عن طريق الفم، لافتاً الى أن الاصابات من مختلف الأعمار ولكن النسبة الأكبر عند صغار السن، ومعظمها من سكان المنطقة التحتا وفي السهل. و٩٩ في المئة من الحالات استطعنا حتى الآن معالجتها بصورة كاملة ومن دون أن تترك أي أثر في الجسم. ويحتاج الصغار فترة أسبوع حتى الشفاء التام، أما الشباب والكبار فتتراوح فترة العلاج بين ١٠ أيام إلى أسبوعين”.

وبالنسبة الى العوارض، أوضح أنها تبدأ بتغير لون البول إلى الداكن، كما تتسبب في ضعف الشهية للطعام، بالاضافة إلى ألم في البطن. وهناك أعراض غير مباشرة تأتي على شكل عوارض انفلونزا عادية، أو ألم في المفاصل والعضلات في أول يومين من الاصابة. وكل هذه العوارض يمكن أن تبدأ بالظهور في اليوم الثالث قبل اكتشاف “الصفيرة”.

الاجراءات الوقائية لمكافحة هذا المرض تبدأ أولاً باللجوء إلى تغيير مصدر المياه ولو اضطر الناس إلى شرائها حتى أخذ عينات والتأكد منها، استهلاك أطعمة ومياه مأمونة المصدر (أو وضع الكلور فيها عند الحاجة)، المحافظة على النظافة الشّخصية، غسل اليدين (لا سيّما قبل تحضير الطّعام وتناوله، وبعد استعمال المرحاض وتغيير حفاضات الأطفال)، التّخلص الآمن من الفضلات الصّلبة والسّائلة، بالاضافة إلى تلقّي اللّقاح. ولتجنب العدوى يجب عزل المريض في غرفة انفرادية حتى شفائه التام وعدم لمس أغراضه ولا تناول الأكل معه، وتطهير المرحاض بصورة جيدة قبل استعماله من بعده، بحسب العبد الله.

شارك المقال