حلويات رمضان من كمالية الى مكمّلة

نور فياض
نور فياض

شهر رمضان الكريم حمل معه البهجة والاحتفالات على الرغم مما يمرّ به الجنوب من أحداث أمنية، فلا يزال القصف متواصلاً وأبناء الشريط الحدودي خارج محيطهم؛ ومع ذلك زيّنت المدن شوارعها وأعادت احياء طقوس رمضان كضرب المدفع عند الافطار. ولم تقتصر الأجواء على تلك الطقوس انما أقيمت الاحتفالات في شوارع النبطية وتخللتها مسابقات وجوائز بالاضافة الى ألعاب للأطفال. اما في صور فلا يختلف المشهد كثيراً، اذ ان المطاعم “مفولة” كما الكورنيش الذي لا يخلو من المارة قبل الافطار وبعده.

ومن طقوس الشهر الفضيل الحلويات الرمضانية التي تعتبر من مكمّلات هذا الشهر أو ربما من الكماليات. العثملية، المدلوقة، الشعيبيات، القطايف، حلاوة الجبن وغيرها… أصناف يحب الصائم تناولها وتعتبر من التراث الرمضاني الموسمي، اذ غالبية المواطنين تتناولها في الشهر الفضيل فقط. وخلال الأزمة الاقتصادية فاقت أسعار هذه الحلويات القدرة الشرائية للمواطن، وبات طعمها مالحاً. وكان من المتوقع أن تبقى على هذه الحالة في هذا الشهر وخصوصاً أن نسبة كبيرة من الجنوبيين باتت بلا مدخول بسبب القصف، ومنهم من خسروا أعمالهم ومنازلهم. لكن حدث ما هو غير متوقع اذ انتعشت أسواق الحلوى والعصائر في المناطق اللبنانية كافة.

أصبحت الشوارع تعبق بروائح الحلويات الرمضانية المنبعثة من المحال التي قدمت هذا الشهر أصنافاً عدة للزبائن بأسعار تناسب الجميع. وعادت القشطة الى مكانتها لدى اللبناني لتزيّن سفرته.

تقول مديرة “حلويات السلطان” في مدينة النبطية عبر موقع “لبنان الكبير”: “نحن شعب تأقلم مع كل ما أصابه من أزمات، وأصبح متفائلاً يسير على مبدأ “قل لا يصيبكم الا ما كتب الله لكم، ويعيش كل يوم بيومه”. وتؤكد أن “الاقبال هذه السنة جيد جداً الحمد لله، يتفاوت بين يوم وآخر، اذ ينشط جداً في نهاية الأسبوع ويكون أقل نشاطاً خلاله.”

وتضيف: “صحيح أن الاقبال ممتاز لكنه يتأثر قليلاً عند حصول أي حدث أمني. ولا يمكن أن نقارن بين هذا الشهر والصيف نسبة الى وجود عوامل أخرى، اذ ان الصيف يمتلئ بالسياح والمغتربين الذين تأخذ غالبيتهم الحلوى معها في سفرها. وبالتالي على الرغم من كل الأحداث والأزمان يمكننا اعتبار أن موسم حلويات رمضان ممتاز لهذه السنة، ولائحة الأسعار نضعها أمام المواطن ليكون على بيّنة مما يريد شراءه.”

لا يختلف المشهد في النبطية عن مدينة صور التي تعجّ بالمواطنين المقيمين والنازحين.

ويلفت أبو عبدالله المدير في “حلويات الشرق” في حديث لـ “لبنان الكبير” الى أن “الناس يتهافتون على شراء الحلويات في هذا الشهر الفضيل، صحيح أن الطلب عليها خلال الأزمة الاقتصادية كان خفيفاً على عكس اليوم، ولكن يمكننا اعتبار الموسم جيداً جداً يصل أحياناً الى نسبة ممتازة وخصوصاً في نهاية الأسبوع بحيث تستقبل صور سكان بيروت، وتزداد نسبة المبيعات في مناسبة عيد الأم.”

ويعتبر أبو عبد الله أن “المغترب اليوم الله يعينه، لا يستطع ارسال المال الى ذويه كي يشتروا هذه الحلوى التي تعتبر عند البعض من الكماليات ونقصد هنا أصحاب الدخل الزهيد، في المقابل نجد في محال الحلويات أناساً من مختلف الطبقات الاجتماعية يبتاعون الحلوى باستمرار أي ما يقارب مرتين الى ثلاث مرات في الأسبوع”، موضحاً أن “من العوامل التي أدت الى ارتفاع المبيعات هي النازحون الذين نرجو الله أن يكون معهم.”

ويرى أن “الاغتيالات التي تحصل في صميم المدينة تسبب تراجع المبيعات كما حصل حين شن العدو غارة على طريق الحوش، اذ تخوّف الناس حينها من شن غارة أخرى وبالتالي فرغت المحال. اما غير ذلك، فكل المحلال مكتظة والموسم ممتاز جداً هذه السنة.”

لم تعد الحلويات من الكماليات كما شهدنا ابان الأزمة الاقتصادية والغلاء الفاحش الذي طالها، اذ تشتد يومياً قبل ساعات الافطار حركة المنتظرين في طوابير أمام محال الحلوى ما يعني أنها استرجعت مكانتها لتكون مكمّلة لهذا الشهر كما عهدنا سابقاً متحدّية الأوضاع الاقتصادية والأمنية. تعوّد اللبناني وتأقلم أولاً مع الغلاء وارتفاع الدولار وثانياً مع الأوضاع الأمنية، وهذا لأنه محب للحياة.

شارك المقال