لسعة العقرب تنهي حياة زهراء… والترياق مفقود

تالا الحريري

لسعة عقرب تسببت بوفاة الطفلة زهراء طليس، لم تتوافر الحقنة المطلوبة لمحاربة سُمّه قبل أن ينتشر في جسمها فماتت، هكذا ببساطة جرى تداول الخبر في وسائل الاعلام، فلا دواء ولا مستلزمات طبية ولا تجهيزات لا في المستشفيات ولا في المستوصفات ولا في الصيدليات.

أطفال لبنان يعانون من عدم توفر دواء سعال أو مخفض للحرارة، والموت بانتظار من يتعرض للسعة عقرب بسبب عدم توافر حقنة يتم استعمالها بكثرة، تلك حقيقة وليست مشهداً من فيلم سينمائي متخيل، فالفتاة الصغيرة ما كان بإمكانها مقاومة السُّمّ الذي انتشر في جسدها وهي تتنظر وصول الحقنة من سوريا لإنقاذ حياتها.

ماذا لو خزنت هذه الحقن لمثل هذه الحالات الطارئة؟ لعل ذلك كأن أنقذ زهراء من الموت المؤلم، والسؤال الذي يُطرح لماذا الدواء ضد لسعة العقارب غير مدرج منذ عقود على قائمة الأدوية التي يستوردها لبنان، ما هي الأسباب ومبررات وزارة الصحة الجهة المسؤولة عن حماية صحة اللبنانيين من كل صنوف الأمراض واللسعات الطارئة.

شمالي: الحل ليس في أيدينا

بالتواصل مع مستشفى دار الأمل الجامعي ـــ بعلبك، التي تلقت فيها الطفلة زهراء طليس العلاج، أفاد الدكتور معن شمالي المشرف على علاج الطفلة، “لبنان الكبير”: “تم تأمين أول جرعة من سوريا في الخامسة فجراً، وصلت إلى لبنان في الساعة العاشرة صباحاً وإلى المستشفى في الواحدة والنصف ظهراً وتم اعطاء الطفلة أول جرعة في الخامسة مساءً.”

الطفلة زهراء بقيت 48 ساعة في المستشفى بين وقت انتظار الحقنة ووقت علاجها، من ثمّ توفيت. ويتم التداول بأنّ الطفلة تلقّت 4 حقن مضادة للسعة العقرب، وبهذا الخصوص يقول الدكتور: ” الـ4 حقن كافية كأول جرعة، نحن نعطي 3 كأول جرعة عادةً.”

هنا تدور التساؤلات: إذا كانت الـ4 حقن كافية، فلماذا توفيت الطفلة؟ هل بسبب التأخر بوصول الحقن وتلقيها لها؟

لكن الحقيقة وحسب قول الدكتور معن “الطفلة ملسوعة 4 مرات من عقرب كبير وهي وزنها صغير، واللسعة كانت قريبة من القلب في منطقة تحت الإبط تحديداً. وإذا عدنا إلى المراجع العلمية، خصوصاً في حالة زهراء وحدّتها، هناك نسبة 30-40% لإمكانية حدوث وفاة.”

ويضيف: “لكل لسعة عقرب antidote (ترياق) معين وذلك حسب المنطقة، في أوروبا يأخذون جزءاً من العقرب ليحللوا نوعه والترياق المناسب له، أمّا نحن، فليس لدينا هذه الإمكانية أبداً، فليس كل مريض نعطيه هذا الترياق يمكن أن يعمل على محاربة سم العقرب.”

بالنسبة للحقن، يوضح الدكتور: “الحقن لم تكن متوفرة في المستشفى، لكن صيدلية المستشفى أمّنتها، والجرعات الباقية تم تأمينها من وزارة الصحة. في العادة، نحول هكذا حالات إلى المستشفيات الحكومية، لأنّ الترياق ضد لسعة أفعى أو عقرب أو عضة كلب متوفر دائماً في هذه المستشفيات. ولكن بعد اتصالاتنا مع مستشفى زحلة الحكومي وبعلبك الحكومي تبين أنها لم تكن متوفرة.”

ويؤكد الدكتور معن المعلومات المتداولة حول عدم توفر حقنة ضد عضة الكلب التي تعتبر إمكانية حدوثها أعلى بكثير من لسعة عقرب أو أفعى.

وعن تأمين هذه الحقن في المستشفى يقول: “أكيد هناك اتصالات بين إدارة المستشفى ووزارة الصحة، وعلى المستشفيات الحكومية التشديد على هذا الموضوع.”

ويشير الى موضوع الدواء الذي أصبح حديث كل يوم: “مشكلات الدواء في السوق المحلي اصبحت أكبر من أي حكيم أو مستشفى، حتى الأدوية العادية لا تتوفر للمريض، الحل ليس في أيدينا، نحن نحاول قدر الإمكان مساعدة المريض والقيام بواجبنا.”

خضر: حياة الانسان أصبحت بخطر ورخيصة

أمّا محافظ بعلبك بشير خضر فيقول لــ “لبنان الكبير”: “التعرّض لحالات لسع هو شيء نادر ولا يحدث كل يوم، وموضوع الإجراءات بشأن الحماية من العقارب والأفاعي وغيرها هو مسؤولية وزارة الصحة لتأمين العقاقير والترياق في المستشفيات، وأكيد يجب أن تتوفر في كل مستشفى حكومي، أصبح الشخص يموت من لسعة عقرب أو عضة كلب، الحد الأدنى ليبقى الإنسان على قيد الحياة، أن تتوفر مواد اولية في المستشفيات. وقد تواصلنا شفهياً مع وزارة الصحة، ولكن أكيد سنرسل مكتوباً رسمياً لهم.”

وعن غياب هذه التجهيزات والعقاقير في محافظة البقاع يقول: “المستشفيات في كل لبنان تعاني من أزمة الدواء، ليس فقط في بعلبك الهرمل. ومستشفيات بعلبك مثل باقي المستشفيات اللبنانية تعاني الشيء نفسه من ناحية النقص ببعض المواد الضرورية، بالإضافة إلى نقص في المازوت أحياناً.”

في مثل هذه الحالات، التوجه الأول للمواطنين هو إلقاء اللوم على وزارة الصحة لعدم توفيرها هذه الحقن، لكن كان رد المحافظ: “لا يمكنني تحميل المسؤوليات لأحد، لكن اليوم في ظل شح الأدوية وتهريبها إلى الخارج ودعم الأدوية الذي ما زال موجوداً، نرى نقصاً وفراغاً في الصيدليات. أجهزة الرقابة يجب أن تكون حازمة أكثر، ويجب حل أزمة الدواء بأسرع وقت ممكن، بالإضافة إلى حل موضوع المحروقات أيضاً، فهو جزء من تسيير قطاع الصحة، وزير الصحة حمد حسن من بعلبك، وبالتالي هذه منطقته، وعندما نطلب منه شيئاً ضمن الإمكانيات المتوفرة، لا يقصّر. لكن هذه الحادثة أعادت علامات الاستفهام بخصوص حياة الإنسان التي أصبحت معرضة للخطر وكونها أصبحت رخيصة لهذه الدرجة.”

تعميم مصلحة الطب الوقائي

وفي هذا الخصوص، عممت مصلحة الطب الوقائي في وزارة الصحة العامة، إرشادات صحية من الواجب اتباعها في حال التعرض لعضة كلب أو لدغة عقرب، حفاظاً على صحة المريض في ظل تسجيل ارتفاع في داء الكلب، وفي أعداد الذين تعرضوا للدغات ولسعات من قبل الحيوانات الأليفة والشاردة والبرية. وبحسب تصريح آخر، هناك 5000 جرعة من الأدوية المضادة للكلاب تلبّي 70% من الحاجات حتى نهاية السنة، قيل غنّها ستصل بشكل سريع نهار الاثنين في 2 آب عبر مطار بيروت لكن لا خبر عن وصولها حتى الآن. وبحسب الوزارة، فإنّها ستبحث في اعتماد آلية جديدة تقضي بأن توزع هذه الأدوية على المستشفيات والصيدليات على حد سواء، على عكس الآلية الحالية التي تحصر توزيعها بالمراكز والمستشفيات الحكومية المعتمدة لمكافحة داء الكلب.

شارك المقال