معرض الكتاب الـ 50 في طرابلس… من جحيم الحرب إلى روضة الثقافة!

إسراء ديب
إسراء ديب

لا تستغني الرابطة الثقافية في مدينة طرابلس عن إطلاقها معرض الكتاب سنوياً، فعلى الرّغم من فوضى الحرب والتحدّيات المختلفة التي تُواجهها مختلف المؤسسات المحلّية المتأثّرة بالنزاع المحلّي والإقليمي الذي سلب الأضواء أخيراً، إلا أنّ هذا الصرح الثقافي الطرابلسي، لم يتراجع عن إعلانه خلع عباءة الخوف أو نفض غبار المشكلات عن هذه المدينة التي تتمسّك بعرسها الثقافي، ليُعلن افتتاح معرض الكتاب بنسخته الخمسين، وذلك في التاسع عشر من شهر نيسان الجاري في قاعات الرابطة.

في الواقع، تُثبت الرابطة عاماً بعد عام، قدرتها على احتواء المدينة وأهوائها، كما على فرض هويتها التي كانت وما زالت مرتبطة بالعلم، الثقافة والعلماء، إذْ لم يُطلق لقب “مدينة العلم والعلماء” عليها عبثاً، وهي تُحاول تجاوز كلّ المعرقلات والآفات المختلفة، لتخرج من الحزن مؤقتاً إلى نافذة العلم التي تجذب الآلاف من أبنائها إلى الرابطة التي اهتمت منذ لحظة إنشائها عام 1943 بالفعاليات والأمسيات الثقافية التي تُكرّس ولاء المدينة للمؤسسات التربوية والهيئات الثقافية، في وقتٍ لا يخفى فيه على أحد أنّ إطلاق الفعالية هذا العام سيكون مميّزاً واستثنائياً، كما يحمل رسالة أكثر من ضرورية في تاريخ المدينة الحديث، لأنّه يسبق بأيّام قرب تتويج طرابلس عاصمة للثقافة العربية لعام 2024، والتي من المقرّر إعلانها في شهر أيّار وفق وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمّد وسام المرتضى الذي لا يزال يستقبل زوّاره ويُجري لقاءاته قبيل حلول الموعد الأحبّ إلى المدينة.

تاريخياً، ارتبط معرض الكتاب الذي انطلق قبيل الحرب الأهلية، أيّ عام 1974، بالرابطة الثقافية التي كانت تُنظمه، لكن عام 1998، انتقل عرض هذه الفعالية إلى معرض رشيد كرامي الدّولي، حيث شهدت هذه الفعاليات على نقلة نوعية بسبب حجم المعرض بما يتضمّن من تفاصيل هندسية جاذبة. وفي العام 2019، وبسبب انتشار وباء كورونا وسوء الأوضاع المعيشية والمالية، عاد معرض الكتاب إلى بيته الأساسيّ أيّ الرابطة حيث تقلّ التكلفة والأعباء، في وقتٍ يتمّ التركيز فيه على ضرورة إحياء الروح الثقافية والعلمية التي تتوق إليها عاصمة الشمال، لا سيما في أزماتها الأخيرة، أمنياً، سياسياً ومالياً، ووسط “الغمامة السوداء” التي يتمنّى الجميع إزالتها، وفق وصف رئيس الرابطة الصحافيّ رامز الفرّي.

المعرض الذي سيستمرّ حتّى 28 نيسان الحالي يومياً، منذ الساعة الثالثة حتّى السابعة مساءً، سيشهد في يوم افتتاحه أيّ في 19 نيسان، حضوراً سياسياً، ثقافياً، فنّياً، تربوياً، اجتماعياً، دينياً وشعبياً، وذلك عند الساعة الخامسة مساءً، ومن المتوقّع أنْ يقام الاحتفال بحضور وزير الثقافة الذي كان مثّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي العام الفائت، إضافة إلى نواب المدينة الذين عادة ما يحضرون هذه المناسبة إمّا يوم الافتتاح أو في الأيّام المتبقيّة، وذلك لإجراء جولة ضمن مقرّ الرابطة وأجنحتها التي تنتظر الطرابلسيين الذين لم يستسلموا لظروف الحرب أو للمكائد السياسية والأمنية أو للضائقة المالية التي يُمكن أنْ تحدّ من إجراء هذه الاحتفالية، إذْ يُقسم الكثير من المتابعين أنّهم يقومون بادّخار أسعار الكتب التي يرغبون في شرائها من المعرض سنوياً، كيّ لا يُحرموا من لذة شرائها والتي تكاد تكون “إدماناً” بالنسبة إلى بعضهم، خصوصاً وأنّ الكثير من المواطنين بات يرجو فعلياً، انتصار رائحة الكتب والثقافة برياضها المثمرة على رائحة حرق الاطارات والنفايات شمالاً.

وكان الفرّي تحدث عن قرب انطلاق معرض الكتاب هذا العام، قائلاً: “على الرّغم من الظروف العصيبة التي يمرّ بها لبنان والمنطقة وشبح الحرب الذي يُخيّم على بلادنا، فقد أصرّينا على الاستمرار في معرض الكتاب الذي يُشكّل جزءاً من تاريخ المدينة، بالتعاون مع الأصدقاء من المكتبات والجامعات والمؤسسات التربوية والثقافية والاجتماعية، والذي تنظّم على هامشه عشرات الأنشطة، الأمسيات، الندوات، تواقيع الكتب، اللقاءات والوقفات التضامنية مع أهلنا في غزة وجنوبنا الغالي”.

شارك المقال