الجمعيات المعنية بمساعدة اللاجئين السوريين “قنابل موقوتة”

راما الجراح

أزمة اللجوء السوري في لبنان طويلة ومعقدة طالما أن الدولة لا تملك خطة متكاملة لهذا الملف الذي يتنقل بين أزمة وأخرى، ويفتح البلد على كل الاحتمالات، وكان آخرها قضية مقتل منسق حزب “القوات اللبنانية” في جبيل باسكال سليمان بعد محاولة شبان سوريين سرقة سيارته ثم قتله ورمي جثته في الأراضي السورية، وقد تمكنت مديرية المخابرات في الجيش من توقيف معظم أعضاء العصابة السوريين المشاركين في العملية.

وعلى إثر بيان الجيش اللبناني وتأكيد مقتل سليمان، أقفل مناصرو حزب “القوات اللبنانية” الطرق الرئيسية في جبيل والبترون وذوق مكايل وغيرها، ووثّقت وسائل التواصل الاجتماعي ومنظمات حقوقية مناصرة للاجئين اعتداءات على لاجئين سوريين في لبنان، ومن بينها تسجيل فيديوهات توثق بالصوت والصورة شباناً يضربون مواطنيْن سورييْن ويركلانهم على رأسيهما، عدا عن فيديوهات لشبان يجوبون الشوارع على الدراجات النارية وهم يمهلون اللاجئين السوريين أياماً معدودة لإخلاء محالهم وشققهم والمغادرة تحت طائلة المسؤولية.

تزامناً، أصدرت عدة بلديات قراراً يمنع تجول السوريين بين السادسة مساء والسادسة صباحاً، لنعود إلى “النغمة” نفسها عند أي حدث متعلق باللاجئين، فيما غادر سوريون مناطقهم التي يسكنون فيها مؤقتاً ريثما تتضّح الأمور، بالاضافة إلى التعاميم التي صدرت من بعض البلديات حول منع أصحاب المؤسسات التجارية وأصحاب المصالح من تشغيل أي شخص سوري لا يحمل إقامة نظاميّة وإجازة عمل تخوّله العمل في لبنان، طالبة من عناصرها البلدية التدقيق في امتلاك سائقي السيارات والدراجات النارية أوراقاً نظامية تثبت ملكيتها وتسجيلها وكل الاجراءات القانونية الأخرى.

إزاء كل هذه التطورات الخطيرة، تخوفت مفوضية اللاجئين ومعظم الجمعيات المعنية بمساعدة اللاجئين في لبنان من أن تنعكس هذه الأوضاع عليها خصوصاً بعد دعوات الى اقتحام مكاتبها وحرقها في معظم المناطق اللبنانية ما اضطر العديد منها إلى إغلاقها والعمل من المنزل تحسباً لأي طارئ ومنها المفوضية السامية لشؤون اللاجئين “UNHCR”، وبرنامج الأغذية العالمي”WFP”، ومنظمة الاغاثة الدولية (RI) وغيرها. ولفت مصدر مواكب لعمل المنظمات الى أن “العمل جارٍ لتجميع داتا السوريين المسجلين في المنظمات والجمعيات لتأمين منازل وأماكن إيواء لهم إذا ما تعرضوا لمضايقات أو طرد من بيوتهم، مقابل التبليغ عن زملائهم غير المسجلين لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين”.

“عند كل أزمة متعلقة بملف اللجوء السوري نلمس خطراً وجوديا للجمعيات والمنظمات في لبنان بسبب الدعوات الى مهاجمة مكاتبنا والتعدي علينا على الرغم من معرفتهم أننا موظفون لبنانيون في المنظمة” بحسب مسؤول في إحدى المنظمات، وقال عبر “لبنان الكبير”: “مراكزنا اليوم شبيهة بالقنبلة الموقوتة، قد تنفجر في أي لحظة، لذلك أفرغنا مكاتبنا وعممنا على جميع موظفينا العمل من المنازل منذ لحظة وصول خبر مقتل باسكال سليمان إلى ما بعد عيد الفطر، والعودة إلى المكاتب يمكن أن تكون مؤقتة بحسب الأوضاع الأمنية وما يمكن أن تؤول إليه الأمور”.

أضاف: “لا شك في أننا على اطلاع شامل على الأوضاع السياسية والأمنية، وتصلنا معلومات خاصة عن بعض القرارات التي يمكن أن تتخذها الحكومة، ولا يبدو لنا أن هناك توجهاً إلى اتخاذ قرارات حاسمة في ملف اللجوء في لبنان لأن القرار لم يتخذ بعد، وبعد فترة قصيرة ستبرد النفوس ونعود الى حياتنا الطبيعية على الرغم من كل تعاميم البلديات الظالمة بحق السوريين المظلومين الذين لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما حصل”.

وأكد أن “كل ما يشاع حول خطر إقفال بعض المنظمات والجمعيات غير وارد، ويمكن أن يكون البعض منها لم يحصل على تمويل كافٍ لمشاريعه وقد يتوقف عن العمل في بعض المناطق ليس أكثر”.

وأعلن وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي خلال اللقاء التشاوري في السراي الحكومي أن “من أصل مليوني نازح سوري هناك فقط ٣٠٠ ألف لديهم إقامة و٨٠٠ ألف مسجلون ومليون و٢٠٠ ألف غير مسجلين، ووزارة الداخلية ستكون أكثر حزماً في منح الاقامات للسوريين”.

شارك المقال