تخوّف من موت المرضى على أبواب المستشفيات

تالا الحريري

يُتابع المتحور “دلتا” الأكثر عدوانية مسلسل انتشاره في لبنان عبر تسجيله ارتفاعاً في الإصابات، وبات الخوف منه كبيراً قد يُطيح جهود الدولة لتأمين اللقاحات وتشجيع الناس على تلقيها من خلال ماراثونات عدّة، ما سينعكس سلباً حُكماً على القطاع الصحي الذي بات على وشك الانهيار، لأن المستشفيات فقدت قدرتها على استيعاب المزيد من المرضى وعلى إعطاء الأطباء والممرضين مطالبهم.

فبعد صراع سنة ونصف مع المتحور الانكليزي من فيروس كورونا، عاد المتحور الهندي دلتا لينهك القطاع الصحي وأجساد الناس من كل الأعمار بعوارض مماثلة وأكثر لكن بانتشار أسرع. وبات اتخاذ الاحتياطات كافة في الوقت الحالي ضرورة أكثر من أي وقت مضى.

عراجي: خطورة “دلتا” أعلى

يتوقع رئيس اللجنة الصحية النيابية الدكتور عاصم عراجي موت المرضى على أبواب المستشفيات، وفي هذا الخصوص قال لـ”لبنان الكبير”: “أحببت أن أوصل رسالة تحذيرية للمسؤولين، بأنّنا مقبلون على كارثة صحية كبيرة، بما أنّه لا يوجد لدينا أدوية ولا مستلزمات طبية. حتى المازوت مقطوع في المستشفيات، وهو عامل مهم لتسيير القطاع الصحي، فهناك مرضى على أجهزة التنفس وهناك آخرون في غرف العمليات”.

وكأنه لا يكفي المعاناة الكبيرة للقطاع الصحي ليأتي المتحور دلتا ويساهم في تدهوره بسرعة، ويقول عراجي: “أرقام كورونا تعاود ارتفاعها من جديد، وأقسام كورونا فُتحت في كل المستشفيات، لكن حالياً تم إقفال بعضها بسبب النقص الكبير في التمريض والمستشفيات، بسبب كورونا أو بسبب الظروف المادية”.

ومع عودة القلق الى حياة اللبنانيين بعد الارتفاع المتزايد لاصابات كورونا، والخوف من الوقوع في الدائرة الحمراء في ظل انتشار المتحور دلتا واستقبال الوافدين وعدم التزام الناس، يوضح عراجي: “دلتا متحور سريع الانتشار، وقد تبيّن أن خطورته أعلى من كل المتحورات السابقة من فيروس كورونا. متحور دلتا مثل المتحورات السابقة يؤذي الرئة، لكن نلاحظ انّ دلتا يؤذي الجهاز الهضمي أيضا، فهناك الكثير من الناس يأتون بعوارض جهاز هضمي كغثيان وغيره. وهناك لغط يحصل بين الناس حول ما اذا كان الجهاز الهضمي متضرراً من كورونا أو من الطقس الحار”.

وكالعادة، يطالب عراجي بأن يلتزم المواطنون بالإجراءات الصحية والتباعد الاجتماعي، لأنّه إذا ارتفعت الإصابات أكثر سيكون الوضع صعباً ولان المستشفيات والممرضين والممرضات لن يستطيعوا المواجهة بنفس الفاعلية التي واجهوا بها كورونا في السابق. ويختم عراجي بأنّ لا داعي لإقفال البلد فـ”مؤشر الإقفال ما زال بعيداً عن نسبة 60% من إشغال غرف العناية”.

حسن: الإقفال مستبعد

وفي حديث لوزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، قال إنّ “قرار الإقفال ليس لدى وزارة الصحة، لكنه مستبعد في الوقت الحاضر، لكن قد نعود للإقفال إذا وصلنا لنسبة 70 أو 75% من إشغال العناية الفائقة وإذا بقيت أرقام الإصابات بكورونا بهذه الوتيرة قد نصل إلى الإقفال نهاية أيلول”.

أبيض: إصابات كورونا ستنفجر قريباً

يحذّر مدير عام مستشفى الحريري الدكتور فراس أبيض المسؤولين من أنّ لبنان ومستشفى الحريري يعيشان تحت ضغط كبير ويطالبهم بالبحث عن حلول مستدامة، خصوصاً أنّ الكثير من المستشفيات أقفلت أقسام كورونا وبعض المرضى لم يعودوا قادرين على تحمل تكاليف المستشفيات الخاصة، فيتم نقلهم إلى مستشفى الحريري.

وحسب أبيض، فإنّ معدلات التلقيح ما زالت منخفضة، وارتفاع الاصابات بكورونا ما هو إلا بداية وستنفجر قريباً، والسبب هو رفع الإجراءات المتخذة لمواجهة كورونا وعودة الحياة إلى طبيعتها في لبنان، مع استقبال الوافدين من الخارج لإدخال العملة الصعبة إلى البلد من أجل حل الأزمة الاقتصادية، ما سمح بانتشار المتحور دلتا. واليوم عاد مستشفى الحريري ليتصدر المواجهة في وقت بات منهكاً، ويشهد ارتفاعاً في عدد المرضى أكثرهم من صغار السن أو ما دون الخمسين ومعظمهم من غير الملقحين.

وعلى الرغم من أنّ القطاع الصحي على وشك الانهيار، لكن لا أحد يستجيب لصرخة الأطباء والمستشفيات فـ”نحن في أزمة، أسوأ ما فيها أن مصيرنا بات مجهولاً. نريد أي بارقة أمل حتى لو كانت قشة نجاة. لكن للأسف الشديد بتنا نصرخ في بئر عميق”، يختم أبيض.

شارك المقال