طابور ذلّ جديد… أو “بروباغندا” إعلامية!؟

تالا الحريري

بما أنّ الطوابير أصبحت حديث الناس وبدأنا نشهدها في أغلب القطاعات، تم فتح طابور ذلّ جديد يتعلق بالغاز المنزلي. فبعدما اصطف الناس في طوابير طويلة ومذلّة للحصول على البنزين والخبز والأدوية والأغذية وغيرها، جاء دور الغاز اليوم إثر شائعات راجت عن احتمال انقطاع المخزون بعد ١٠ أيام، فتهافتوا على شركات الغاز، فيما يؤكد بعض مسؤولي الشركات أنّه لا يوجد أزمة.

لكن كيف للمواطن اللبناني أن يصدق بعد كل الأزمات التي عاني منها؟ إذ لا كهرباء ولا مازوت ولا بنزين ولا أدوية، وغيرها الكثير من حاجات المواطن الأساسية. وبعد أزمة الغاز، يتوقع المواطن الوقوف قريباً في طوابير المياه، والآتي أعظم.

القصة عند رياض سلامة

يشدّد  نقيب موزعي الغاز فريد زينون على وجود أزمة غاز، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “البعض قال إنّ الغاز موجود، هذا غير صحيح. لا نريد أن نكذب على الناس، هناك أزمة، لا يجب أن يقال إنّه يوجد غاز فيما لا يمكننا أن نعطي الناس”. ويضيف: “القصة واقفة عند رياض سلامة، مصرف لبنان لا يقوم بإعطاء موافقة مسبقة والمخزون يكفي لمدة أسبوع، صوتنا يعلو حتى يقوموا بالتوقيع لتدخل البواخر. هناك باخرة موجودة في المياه الاقليمية منذ 17 يوماً وفيها 5 آلاف طن غاز، تنتظر الموافقة، وهناك باخرة ستصل منتصف الشهر تحمل 9 آلاف طن. وطالما مصرف لبنان يعطي الموافقة ويفتح الاعتمادات ستأتي البواخر ولن ننقطع من الغاز. اليوم المصرف يقول إنه لا يوجد أموال، فما الحل؟ ماذا نفعل؟ منقطع الناس من الغاز؟ اليوم الغاز مادة حيوية، يمكننا العيش من دون كهرباء لكن لا يمكننا العيش من دون الطعام”.

وبعدما استجدّت هذه الأزمة، وكثُرت الطوابير على شركات الغاز، كيف يجري التوزيع خصوصاً أنّ المخزون غير كافٍ؟ يفيد زينون أنّه يتم توزيع الغاز للناس بالمفرق، أمّا وكلاء الغاز الذين يوزعون في كل لبنان فيأخذون نصف أو ربع الكمية من تلك التي كانوا يحصلون عليها يومياً”.

وفي حال رُفع الدعم عن الغاز وهذا القرار بيد الدولة، سوف يصبح سعر القارورة حسب سعر صرف  الدولار الحالي، وحسب زينون، “بـ110 آلاف ليرة، لكن اذا لم يعطِ مصرف لبنان الموافقة بعد أسبوع وانتهى المخزون، أكيد سوف يصل سعر القارورة في السوق السوداء إلى 200-300 ألف ليرة”.

“بروباغندا” إعلامية

في المقابل، كلام أمين سر نقابة موزعي الغاز جان حاتم ورئيس نقابة مالكي ومستثمري تعبئة الغاز المنزلي النقيب أنطوان يمين يناقض تماماً كلام النقيب زينون. فبعد تصريح حاتم بعدم وجود أزمة غاز، وأنّ ما يحصل هو “بروباغندا” إعلامية فقط، أوضح لـ”لبنان الكبير”: “لم أقل إنّه لا يوجد أزمة، نحن نحاول إدارة الأزمة بانتظار الموافقة المسبقة من مصرف لبنان حتى تدخل الباخرة، وهذا تتابعه وزارة الطاقة والشركات المستوردة”.

وبخصوص الأزمة يقول: “بعض المسؤولين الذين يعتبرون أنفسهم مسؤولين، قالوا إنّ الغاز سوف ينقطع بعد أسبوع وإنّ الاحتياطي غير كافٍ، أكيد حينها سوف تتهافت الناس للحصول على الغاز. لكن هناك مسؤولون نواجههم، وهم يقومون بالمتابعة وعلى معرفة بكمية الاحتياطي الموجودة كل يوم بيومه في خزانات شركات الاستيراد”. ويتابع: “المصرف المركزي لم يقل إنّه لا يريد أن يوقّع، لكننا نعاني منذ نهاية 2019 من أزمات لذلك هناك تأخير، وإذا دخلت البواخر تُحل الأزمة. الذي بث هذا الخبر له مصلحة، إمّا مرسل من قبل أحد أم أنّه غبي، لا داعي أن يظهر ويتكلم من خلال الاعلام عن انقطاع الغاز بعد 10 أو 15 يوماً، هذا الكلام ليس له داعٍ واعتقد أنّ هناك خلفية لهذا الكلام لكن الآن ما عاد ينفع شيء، فالناس لم تعد تصدق”.

ويضيف: “الكمية التي خُفضت جرى حسمها من حصة الوكيل وليس من حصة الشركات، ونحن متفقون أن يخفضوا لنا البضاعة إلى النصف ونحن نتصرّف في السوق ونعطي المناطق، لكن خفضوا حصتنا إلى 10-20%، و80% الباقية يبيعونها بالمفرق”.

أمّا أنطوان يمين فيوافق جان حاتم باعتبار ما حصل مجرد “بروباغندا”، ويقول لـ”لبنان الكبير”: “هذا ينال من الأمن الاجتماعي، ممنوع التلاعب بالمواطنين. إذا كان هناك أزمة فعلى المديرية العامة للنفط أن تعلن ذلك، فيما الواقع أن أحد المستوردين دفع شخصاً آخر إلى التصريح للضغط على مصرف لبنان”.

وردّاً على تصريح النقيب فريد زينون بانقطاع الغاز وبوجود أزمة، يقول يمّين: “اذا انقطع للغاز، فالمعامل هي التي تصرّح وليس هو، لا داعي لكل هذا الهلع من أجل شخص يريد الظهور على الشاشة، ولو كان هناك دولة يجب أن يُحاسب لأن كل شخص يتحدّث بالأمن الاجتماعي ولا يملك أي معلومات يجب أن يُعاقب”.

ويوضح: “نحن ندرك أنّ المصرف مقصّر قليلاً وأنّه لا توجد أموال، ومن المحتمل أن يُرفع الدعم عن الغاز مثلما رُفع عن البنزين، لكن لا يمكن قطع الغاز ولا يمكن رفع الدعم عنه من دون إيجاد بديل للمواطن. ولهذا السبب عُقد البارحة الثلاثاء 10 آب اجتماع بين وزيري النفط والاقتصاد وحاكم مصرف لبنان لوضع آلية للبطاقة التموينية”.

مصدر خاص

مصدر خاص من شركة توزيع الغاز الوطنية (Natgaz Filling Station) أوضح لـ”لبنان الكبير”: “لا وجود لأزمة كبيرة كما يُقال، الأزمة بشكل عام موجودة في لبنان منذ سنة، وشركات الغاز تحاول دائماً أنّ تغطّي احتياجات الناس في كل المناطق. ولو فعلاً هناك انقطاع للغاز، لصرّحت الشركات بذلك، لكن حتى يبقى المخزون لفترة أطول، تتم المطالبة باكراً بالموافقة على البواخر حتى تدخل”.

أمّا بخصوص التوزيع، فأكّد المصدر أنّ الكل “يعبئ” الغاز بشكل طبيعي: “كل من يأتي الى الشركة يحصل على الغاز ولا يذهب صفر اليدين، وقوارير الغاز Standard أي أنّ هناك معايير ثابتة من وزارة الاقتصاد، فالقارورة الصغيرة تزن 10 كلغ والكبيرة 35 كلغ”.

أمّا بالنسبة لـ”ربع الكمية” التي تحدّث عنها النقيب زينون، فيقول المصدر: “المقصود أنه اذا الموزع يمتلك مئة قارورة لا يمكننا تعبئتها كلّها، ليتسنّى لنا التعبئة للجميع، وهذا بسبب وجود الطوابير”.

شارك المقال