الدخول اليها انخفض ٤٠٪… الضغوط المالية تُقفل مستشفيات في لبنان

راما الجراح

يبدو أن قرار الدمج الذي اتخذته المستشفيات في لبنان لمواجهة شبح الاقفال بعد دق ناقوس الخطر مراراً مع تحذيرات من احتمال بلوغ مستشفيات عديدة مرحلة الاقفال بسبب الأزمة المالية، وتراجع أعداد المرضى إلى النصف بسبب الوضع المعيشي، وارتفاع تكاليف المصاريف التشغيلية، ونقص الكوادر البشرية، لم ينفع كثيراً، اذ ان ٤ أو ٥ مستشفيات أقفلت بسبب الضغوط المالية عليها بحسب ما أكد نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون.

وكانت المستشفيات الجامعية الكبرى عملت على دمج مستشفيات متعثرة عديدة، فأصبح مستشفى “كسروان” تحت إدارة مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت، وانضمت أيضاً مستشفيات “سان شارل” و”القرطباوي” و”تل شيحا” و”سيدة السلام” إلى مستشفى “أوتيل ديو دو فرانس”، كما انضم مستشفى “البرجي” في الكورة في شمال لبنان إلى مستشفى “القديس جاورجيوس”. وظاهرة دمج المستشفيات انطلقت في العاملين الماضيين في إطار استراتيجية إعادة الهيكلة لإنقاذ المؤسسات من الإفلاس وأخذت في التوسع، بما أن التقديرات أشارت إلى أن نسبة ٢٥ في المئة من مستشفيات لبنان متعثرة.

نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة وصف في حديث لـ”لبنان الكبير” الوضع بأنه “سيء إلى أقصى الحدود”، مشيراً الى أن “الدخول الى المستشفيات انخفض بنسبة لا تقل عن ٤٠٪ وهذا يعني أن الناس لم تعد لديها القدرة على تسديد الفاتورة الاستشفائية، وهناك صعوبة في استيراد المستلزمات الطبية بسبب سمعة لبنان نتيجة التحويلات المادية”.

رفعت تعرفة المستشفيات إلى حوالي ٧٥٪ عما كانت عليه في العام ٢٠١٩، بحسب هارون الذي أكد أن “هناك تضخماً كبيراً منذ ذلك العام إلى اليوم والتعرفة ليست مناسبة للتكاليف التي تنفقها المستشفيات، لذلك يجب رفعها بالتوازي مع الغلاء من الأكل إلى المستلزمات الطبية وأعمال الصيانة وتحديث الأدوات”.

وشدد على أن “المشكلة لا تقف عند عدم الدخول الى المستشفى بل المرضى لم يعد بمقدورهم شراء الأدوية، بالاضافة إلى أن المحروقات في المستشفيات باتت كارثة، ومرضى غسيل الكلى خط أحمر ومعظمهم من غير الميسورين مادياً، وحتى المورفين لا يزال مفقوداً”.

وشرح المشكلة مع تعامل المصارف أنهم يسددون فواتير المستوردين نقداً عند التسليم على سعر الصرف اليومي في السوق السوداء، سواء لشراء المستلزمات الطبية، الأدوية، المحروقات، الطعام أو غيرها من الحاجات الضرورية. ومن جهة أخرى، في الوقت الذي أبلغتنا فيه المصارف توقفها عن دفع رواتب موظفي المستشفيات الموطّنة بسبب عدم مدّها من مصرف لبنان بالسيولة اللازمة، ما يعني أن حسابات المستشفيات في المصارف لم يعد لها معنى أو سبب وجود، إذ لم يعد في وسعنا التصرف بودائعنا المصرفية، علماً أن الجهات الضامنة على اختلافها تسدد مستحقات المستشفيات عبر تحويلها إلى الحسابات المصرفية”.

طارق، أب لطفلتين، يعمل في تجارة المواد الغذائية، أشار عبر “لبنان الكبير” الى “أننا بتنا نلجأ إلى المستوصفات في أي حالة مرض نواجهها ولو كانت تستدعي الاستشفاء بسب عدم قدرتنا على تغطية التكاليف والفروق التي تبلغ ٣٥٪ وهي حصراً بالدولار في المستشفيات، اذ تكلفة الليلة الواحدة في المستشفى تتخطى الـ ٢٠٠ دولار كحد أدنى”.

وحذرت نقابة المستشفيات في بيان من “خطورة الوضع وذلك من جهتين، عدم تعاقد بعض المستشفيات مع بعض الجهات الضامنة بسبب التعرفات، وعدم قدرتها على الإنتظار مدة طويلة لقبض مستحقاتها، وبالتالي، عدم استقبال المرضى المعنيين وحرمانهم من العناية اللازمة، تعثّر البعض الآخر مالياً ما سيؤدي حتما الى التدني في مستوى الخدمات المطلوبة”.

وطالبت النقابة بـ “إيجاد حلّ سريع لهذه المعضلة، وأن تؤمّن الحكومة الأموال اللازمة لتغطية الكلفة الفعلية للطبابة، علماً أن النقابة قد أعدّت دراسة لهذه الكلفة سيتم توزيعها على المسؤولين لمناقشتها وايجاد السبل المصحّحة للوضع بالتعاون بيننا جميعاً”.

شارك المقال