بديل الدواء مخيف… والدفع بالدولار!

راما الجراح

عندما تكون صحة الإنسان “بالدق” وتصبح سلامته على المحك، لا بُد من التوقف عن كل شيء وإيلاء كل الاهتمام لصحته، فمسؤولية الدولة حمايته وواجبها تأمين طبابته، فإما تكون سبباً في إنقاذ حياته أو تعريضها للمخاطر التي لا تُحمد عقباها.

وفي لبنان لا كهرباء في المستشفيات، ولا كميات أوكسيجين تفي بالغرض، والأدوية مقطوعة في الأسواق المزمنة منها وغير المزمنة، وفي حال وُجدت قيمتها تكون باهظة ويصعب على المريض شراءها. لا حل قريب ولا بعيد، وكأنه حُكم علينا بالإعدام ببطء حتى الموت!

في ظل كل هذه الصعوبات، يحاول المواطن اللبناني بشتى الطرق تأمين الأدوية اللازمة والضرورية لذويه ولو بأثمانٍ باهظة من خلال طلبها من الخارج أو من إحدى الصيدليات التي يمكن أن يتوفر فيها دواء على سعر صرف السوق السوداء.

غياب دعم الدولة

في هذا السياق يشرح الصيدلاني ريان غطمي تفاصيل أزمة الدواء من باب أن “الدولة كانت داعمة بنسبة ٨٥٪ للأدوية مقابل أن تدفع الشركات نسبة الـ ١٥٪ المتبقية، وعندما امتنعت الدولة عن الدفع بدأت تتراجع كميات الأدوية في السوق لأن شركات الأدوية لم تعد تقوم بتسليم الصيدليات كما في السابق بسبب الدفع الذي أصبح بالـ”فريش” دولار مقابل اعتكاف الدولة عن دعمها للقطاع”.

خسائر بالجملة وانقطاع للأودية

وفي ما يخص الخسارة التي تتكبدها الشركات مقابل تخلي الدولة عن دعم الأدوية يقول غطمي لـ”لبنان الكبير” أن “حوالي ١٩٠٠ دواء من المسكنات والالتهابات أصبحت أسعارها على سعر صرف الـ١٢ ألفاً، بمعنى أن شركات الدواء تتكبد خسائر كبيرة، تشتري وتستورد بالدولار الذي تجاوز سعر صرفه الـ ٢٠ ألفاً وتبيع على الـ ١٢ ألفاً، وحتى مع القرار الأخير لوزارة الصحة باحتساب أسعار الأدوية غير المدعومة بنسبة ٦٥٪ من سعر صرف السوق السوداء تبقى الشركات تتكبد خسائر وهذا ليس حلاً بديلاً، وبالنسبة للأدوية المزمنة فهي مدعومة من جهة وتباع على سعر صرف الـ ١٥٠٠ ل.ل لكنها غير موجودة في السوق إلا بكميات قليلة ولا يتم تسليمها بسبب امتناع مصرف لبنان عن إعطاء الدولار”.

تركيبة البديل مطابقة ١٠٠٪

ويضيف: “قبل أن تستفحل أزمة انقطاع الدواء في لبنان كان ممنوعاً إعطاء أدوية بديلة للمرضى، لكن اليوم من الأدوية الموجودة في الصيدلية نحاول مساعدة الناس، ونعود إلى تركيبة الدواء الأصلي عندما تكون مطابقة بتركيبتها للدواء البديل يمكن وصفها للمرضى”.

ويلفت إلى أن “طبيعة عمل الصيدلي تُخوله أن يكون أعلم وأخبر بهذه الأمور أكثر من أي دكتور متخصص، والأدوية المطابقة بأغلبها معترف بها من وزارة الصحة ومن أميركا ودول أوروبية وأغلبها مطابقة للمواصفات بنسبة ١٠٠٪، فلا داعي للخوف من البدائل لان الفارق بينها وبين الدواء الأصلي يعود للاسم التجاري فقط لا غير”.

ويختم غطمي بدعوة وزارة الصحة والدولة اللبنانية إلى إيجاد حل سريع لأزمة الدواء من خلال دعم الأدوية اللبنانية الموجودة في السوق بدل دفع الأموال على أدوية مستوردة من الخارج!

حاجة لبنان لمختبرات ودراسات

وتعتبر الدكتورة غنوة دقدوقي أنه “من الضروري توفير الدواء المطلوب للمرضى، لكن لا شك أن البديل يجب أن تتوفر فيه أدنى المواصفات وهذا كله يكون عبر مختبر مركزي ودراسات عن مطابقة الأدوية ومدى فعاليتها وعوارضها الجانبية، وبكل أسف كل هذا غير موجود في لبنان، والمواطن اليوم يشتري أي دواء يمكن أن يُسكّن ألمه من دون الاكتراث لعوارضه الجانبية وتأثيره في جسمه”.

وترى أننا “دخلنا في فوضى عارمة بالنسبة للأدوية وصحة الناس، وهذا قد يوصلنا قريباً للهلاك، ويجب أن يكون هناك تنسيق بين الأطباء والصيادلة بشكل دائم لنتساعد جميعاً على مساعدة الناس لأخذ الدواء بالطريقة الصحيحة وبأقل أضرار ممكنة”.

وتطلب في نهاية حديثها من وزارة الصحة والدولة اللبنانية أن يكون هناك دراسات مطابقة لكل الأدوية البديلة على الأراضي اللبنانية حتى يعرف الجميع إذا كان الدواء مطابقاً للمواصفات وآمناً.

الخوف سيد الموقف، ونحن أمام مشهدية تُسقِط عن هذا البلد صفة الدولة، حتى إنه لم يعد يملك أدنى مقوماتها ولا يتمتع بالأهلية القانونية إلا شكلياً، وعليه لا يستحق الاعتراف به إلا بعد تطهيره من الفساد أو أننا سنموت بعد قليل…

شارك المقال