كارثة حلّت على عكار… صراخ الجرحى يهزّ الجبال وطمس للحقائق!

إسراء ديب
إسراء ديب

عاشت محافظة عكّار ليلة دامية وسوداء بعد انفجار خزان بنزين في التليل العكارية، وهي فاجعة كبيرة لم ترحم صغيرًا ولا كبيرًا أحرقت أجسادهم وقلوب عائلاتهم التي ما تزال تحت تأثير صدمة كبيرة لم تكن متوقّعة، فكلّ ما كان يُفكّر فيه الضحايا أو المصابين بالحرائق التي تتراوح بين المتوسطة والكبيرة، الحصول على مادّة البنزين بعد قيام الجيش اللبناني بالكشف عن هذا الصهريج الذي يحتوي على نحو 20 ألف ليتر من المحروقات، ليكون 15 آب أيَضًا تاريخًا أسود يُضاف إلى سجلات شهر آب القاتم.

ككلّ حادثة تحصل في لبنان، لا سيما في الشمال الحزين تُصدر القوى الرسمية بيانات استنكارية واتهامية تتنصّل من خلالها من مسؤولياتها الحقيقية، ولو حصلت هذه المجزرة في أيّ بلدٍ آخر، لكانت خشيت القوى الرسمية من هول الفاجعة لتُعلن استقالتها من مراكز الحكم، إلّا في لبنان هم ما زالوا يتربصون ويتمسكون بمناصبهم وبمحاصصتهم وحقائبهم التي أدّت إلى انفجار مرفأ بيروت أوّلًا وصولًا إلى انفجار عكّار الذي لم يسلم أيضًا من الاتهامات المتبادلة، كما لم يسلم أيضًا من عدم اتخاذ الدّولة مسؤولياتها في تحمّل أعباء الجرحى وكيفية معالجتهم لا سيما وأنّ عكار لا يوجد فيها أيّ مستشفى لعلاج الحروق ليضطر الجرحى إلى الانتقال إلى مستشفى السلام في طرابلس أو إلى مستشفى الجعيتاوي في بيروت، ما يُشكّل ضغطًا كبيرًا على هذه المستشفيات العاجزة بدورها عن القيام بعلاجات تكفي الجرحى الذين تجاوزوا الـ 79 جريحًا.

أهالي الشمال منكوبون وغاضبون

أهالي الشمال الآن لا يستبشرون خيرًا بنوابهم ووزرائهم ولا بأيّ سلطة من السلطات اللبنانية، لا سيما وأنّ أهالي عكّار قدّموا الكثير من التضحيات العسكرية لهذه الدّولة المسمومة بالفساد والإهمال، كما أنّ المستشفيات التي امتلأت بالجثث المحروقة والأشلاء التي ذاب بعضها وفق المعلومات، أو الجرحى الذين يصرخون هم وأهاليهم من شدّة الألم، يُشير إلى توجه لبنان والشعب اللبناني إلى الأسوأ، وها هم أهالي عكّار يُنفسون غضبهم بإحراق وتحطيم آليات تعود لصاحب الأرض التي وقع فيها الانفجار، ولن يتمكّنوا من الشعور بالارتياح بعد هذه الضربة الموجعة بخاصّة بعد استشهاد أكثر من 27 ضحية…

معلومات متضاربة 

تضاربت الكثير من المعلومات وتعدّدت السيناريوهات التي وضعت لهذا الانفجار العنيف، فهناك من أعاد ملكية الصهريج الذي وضع في أرض يملكها جورج إبراهيم المعروف بجورج الرشيدي وهو تاجر باطون كبير، إلى المواطن علي صبحي الفرج من وادي خالد ومسجون منذ حوالي 3 أشهر بتهمة التهريب، ووفق معلومات ” لبنان الكبير” فإنّ الفرج يعمل لدى الرشيدي الذي كان يُدرك فعليًا وجود هذا الصهريج على أرضه وهو يعمل في التهريب إلى سوريا أيضًا وأنّ الأرض تحتوي على مخزون أكبر من المحروقات، بحسب المعلومات. 

ومعلومات أخرى، كانت قد أشارت إلى قيام أحد الأشخاص بين المواطنين الذين كانوا ينتظرون البنزين، بإشعال “قداحة” ما أدّى إلى وقوع هذا التفجير المريع، ولكن هناك استبعاد أمني لهذه الفرضية التي ما تزال قيد الدرس حتّى اللحظة.

من جهة أخرى، المعلومات الأكثر تداولًا لا سيما بين المواطنين الذي أكّدوا رصدهم لرصاصات أدّت إلى هذا الانفجار الذي حصل بسبب إطلاق نار من قبل صاحب الأرض الذي لا يُريد تفريغ هذا الصهريج، ما دفعه إلى إطلاق النّار من سلاح حربي.

اللواء خير: الخسائر لا تُوصف

يرى رئيس الهيئة العليا للإغاثة اللواء الركن محمّد خير أنّ الخسائر التي حصلت في مجزرة عكّار ضخمة ولا توصف، ويتأسف لعدم افتتاح المستشفى التركي في صيدا المتخصّص بالحروق، ويقول لـ ” لبنان الكبير”:” لا أدري لماذا لم يتمّ افتتاح هذا المستشفى حتّى اللحظة، وهي ما تزال تحتاج إلى التوظيف فحسب، ونحن نتواصل فعليًا مع الكادر الطبّي التركي لنقل الجرحى إلى تركيا لأنّهم متخصّصون بهذا المجال ونحن نحاول التواصل مع الجمعيات المهتمة للمساعدات وغيرها”. 

ويعتبر اللواء خير أنّ الخسائر التي مسّت الشمال كبيرة للغاية، ويقول:” الشعب في شمال لبنان بدءًا من مدينة طرابلس إلى عكّار مجروحًا ومحرومًا منذ 100 سنة حتّى يومنا هذا، وهم محرومون من كلّ شيء حتّى من أبسط حقوقهم للأسف”. 

الوريدي: الفرج في السجن

يُؤكّد رئيس رابطة المخاتير في وادي خالد المختار مروان الوريدي أنّ صاحب الأرض هو جورج الرشيدي وهو تاجر باطون كبير ومن أكبر الموردين، وإنّ هذه الأرض متخصّصة في البحص والرمل وهو لديه أكثر من 20 شاحنة ينقل فيها هذه البضائع إلى وادي خالد وكلّ من أراد البناء يتجه إليه، مشدّدًا على أنّ الرشيدي لا يترك عكّار أبدًا ولا يُغادرها لأنّ عمله كلّه في هذه المحافظة. 

ويتساءل الوريدي عبر ” لبنان الكبير” قائَلًا:” كيف يُمكن أن أملك أرضًا ولا أعرف طبيعة الصهريج الذي وضع فيه؟”، مؤكّدًا أنّ الفرج في السجن منذ 3 أشهر تقريبًا.

رئيس بلدية التليل: قضاء وقدر

 يردّ رئيس بلدية التليل العكارية جوزف نصور على من يتهمه بأنّه ينتمي للتيّار الوطني الحرّ، وذلك بعد انتشار بعض المعلومات التي كانت قد أشارت إلى انتسابه إلى هذا التيّار، ويقول لـ” لبنان الكبير”:” لا أنتمي لهذا التيار ولا لأيّ تيّار آخر، ولكنّني أناصر تيّار المستقبل والنائب هادي حبيش”. 

وعن الفاجعة التي كان قد أشار في تصريحات إعلامية مختلفة إلى أنّها تمّت بسبب” قدّاحة” أشعلت الخزان كلّه، يُضيف قائلًا:” كنت موجودًا في موقع الحادثة ومديرية المخابرات أيضًا ولم نسمع أو يسمع أحد إطلاق رصاص في محيط المنطقة، ولا يوحي أحدهم أنّ الانفجار كان مقصودًا بل كان حادثًا مؤسفًا وقاسيًا وكان قضاء وقدر له أسباب عدّة بالتأكيد”. 

أمّا عن الصهريج الموجود فيُؤكّد أنّه يعود لأحد أبناء وادي خالد ويقصد أحمد الفرج وهو في السجن ويعمل من خلاله وفق ما يقول، كما يلفت منصور إلى أنّ الصهريج كان موجودًا منذ أكثر من 15 عامًا ” ولكن لا نعلم أنّه أعيد تعبأته من جديد والجيش هو من كشف عليه…، مشيرًا إلى انتظاره للتحقيقات الرسمية الجارية وتسليمه شخصيًا لابن صاحب الأرض حيث كان الصهريج”.

بالتزامن، صدر عن قيادة الجيش ـــ مديرية التوجيه البيان الآتي: بتاريخ 15 / 8 /2021 أوقفت مديرية المخابرات قيد التحقيق المدعو (ر.أ) ابن صاحب قطعة الأرض التي انفجر فيها خزان الوقود بتاريخه في بلدة التليل-عكار، وأدّى إلى سقوط عدد من الإصابات بين مدنيين وعسكريين.

 

شارك المقال