fbpx

حقيقة المرأة

د. نسب مرعب
د. نسب مرعب
المرأة
تابعنا على الواتساب

المرأة كائن يتجاوز الطبيعة ويفوق الخيال الشامل، وكأنّها خُلقت من دموع الشمس وآهات القمر. هي غصن حالم من شجرة الأمنيات، غصن ينوء بمآزق البشر حتى يحمل أشهى الثمر.

جمال المرأة عبء وليس ميزة. وإن أرادت يوماً التخلّص منه أو تجاهله حاصرتها الانتقادات وخاصمتها الفُرص.

المرأة والجمال كإنعكاس الصورة في المرآة، وعندما تنكسر الأخيرة تتلاشى آمال الرؤية والحضور والتواجد، لأن المرأة يُعترف بها في معظم الأحيان من خلال شكلها.

هذا الشكل الذي ينحت خصرها لتصبح تحفة فنية، أو يشدّ وسطها بحزام حاسم صارم ليختصر كل معاني الجاذبية في سنتيمترات محدودة مقفلة على أية مغامرة طعام غير محسوبة.

ويعتبرون وجهها أجمل وأجدر عندما تغطّيه المساحيق التي تمتزج على بشرتها بكلّ التدرّجات اللامعة والخافتة المتباينة.

وإبتسامتها ليست صدى لخطاب قلبها وعواطفه بقدر ما تمثّل شفتين مكتنزتين تستدعيان القُبل.

ولا أحد يسأل إن نامت عيونها وهدأت، أم بكت وتورّمت. المهم أن تصنع لنفسها في اليوم التالي أهداباً ولو إصطناعية، وأن تفتح عيونها على مسائل تكون فيها مجرّد متعة للبصر، أو كلمة منسية في ذيل الخبر.

حتى الأنف لم يسلم، فهو إن تعمّد التمدد، جاءت يد الخبير لتحجيمه ورسمه وإختزاله، فتتحوّل أنوف آلاف النساء إلى دمى صغيرة متشابهة شامخة بزيف كبرياء، وتنحسر كذوبان الشمس في لحظة المساء.

أمّا التجاعيد، فهي الخطأ الفادح والخطر الداهم الذي ما إن يظهر حتى يستنفر الجميع… يقامرون حتى بالزمن، ويحقنون سنواته المتقدمة بأحدث ما توصلوا إليه لتحدّي مفاعيل الوقت وعلاماته.

لا تمتلك المرأة خصلات شعرها، فهي مطالبة دوماً بإخضاعها. وينبغي قمع أي شعرة متمرّدة على عجل، وأي شعرة بيضاء تعدّ إنشقاقاً يجب القضاء عليه في مهده.

كما تعيش المرأة رهينة للألوان. ثمّة من يلفّها بلون واحد تضيع فيه ملامحها، وهناك من يجرّدها من الألوان بتعريتها. وهكذا يصبح الجسد عند البعض خطيئة متمادية، وعند البعض الآخر سلعة رخيصة.

وكذلك، لا تنجو قامة المرأة من المقاييس والقوالب والأنماط المحددة سلفاً. فإن كانت قصيرة ألبسها أباطرة الموضة الكعب العالي الذي يجعل خطواتها صعبة وبطيئة كما يريدون لمسيرتها أن تكون. وإن كانت طويلة جداً، يعتبرونها تخطّت دونيتها الشكلية المتعارف عليها.

المرأة ليست عطراً أسيراً في زجاجة ينطلق حين تضغط عليه أنامل الهوى، فيثير ثم يتبخّر. المرأة وردة تضرب جذورها في الأرض، قد تنمو أو تذبل، ولكن وفق إيقاعها الخاص، ولها أشواك تدمي من يحاول قطفها عنوة.

المرأة عذاب، عذاب منح الحياة وسلبها. وحقيقة المرأة تضحية حيثما حلّت، تشتعل داخلها، وتحت رماده، لوعة الواقع وحرمانه. وتبقى المرأة الحقيقة الدامغة التي تتبدّد أمامها أوهام الشكل، ويضمر في حضرتها سراب المظهر.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال