fbpx

عاشوراء الجنوب… تتحدّى الحرب بكثرة المجالس والمضافات

نور فياض
نور فياض
تابعنا على الواتساب

تأتي ذكرى عاشوراء هذه السنة بطريقة مغايرة عن السنوات الفائتة، فبعد أن كان إحياؤها ينتشر في المناطق التي تقطنها الطائفة الشيعية، جاءت الحرب في الجنوب لتحد قسراً من إمكان ذلك في المناطق الحدودية، لكن هذه الأوضاع الأمنية الاستثنائية لم تمنع النازحين من إحيائها في المناطق التي لجأوا اليها، وحتى الاعتداءات التي طالت المناطق غير الموجودة ضمن قواعد الاشتباك لم تشكّل عائقاً في ممارسة هذه الشعائر.

في النبطية وصور مجالس تعج بالمؤمنين ومضافات “على مد عينك والنظر” يتهافت الجميع فيها على تقديم المأكولات وتناولها لنيل الأجر والبركة.

وككل سنة لا تقتصر المشاركة على أبناء الطائفة الشيعية وحسب، انما تشمل فعاليات مسيحية تحضر أيضاً هذه المجالس.

يقول نائب رئيس بلدية صور صلاح صبراوي عبر موقع “لبنان الكبير”: “تقيم كل من حركة أمل وحزب الله مجلساً عزائياً في الوقت نفسه ويوماً بعد يوم يزداد عدد الوافدين الى هذه المجالس إن كان من السكان الأصليين أو النازحين الذين كانوا يمارسون هذه الشعائر في بلداتهم بالاضافة الى الشخصيات السياسية.”

ويلفت الى أن “المشاركة هذه السنة لم تقتصر على طائفة واحدة، انما شهدنا حضور المطران شربل عبد الله والمطران جورج اسكندر بالاضافة الى الأب جان يونس، مهند ديب وغيرهم من الفعاليات المسيحية وكانت لهم كلمات فيها. وللمرضى حصة أيضاً في وجودهم بهذه المجالس، فهناك شاب مسيحي يعاني من مرض مزمن يشارك فيها لنيل الدعاء للشفاء.”

ويؤكد صبراوي أن “صور تعج بالمضائف الموجودة على مداخل المدينة وعددها غير مسبوق، واللافت أيضاً اقامة مضيف من الطائفة المسيحية لتكون صورة حقيقية عن العيش المشترك ولبنان الذي نحب ونريد. وحركة المشاركين في المجالس تعدت الـ ٧٠٠٠ في الداخل، أما خارج الباحة فالأرقام أكثر ومن المتوقع أن يصل الوافدون الى ١٢٠٠٠ شخص في الأيام الأخيرة من عاشوراء.”

لا يختلف المشهد في صور عن النبطية، التي نزح اليها أيضاً العديد من العائلات جرّاء الحرب التي طالت بلداتهم.

ويقول عضو المجلس البلدي في النبطية صادق اسماعيل: “المجالس الحسينية تقام بعد صلاة الصبح حتى منتصف الليل وتتعدى الـ٥٠ مجلساً بالاضافة الى مجلسين مركزيين لحركة أمل وحزب الله تشارك فيهما فعاليات سياسية واجتماعية وتعدّت المشاركة في كل منهما الـ٤٠٠٠ شخص، فالاقبال زاد بفضل النازحين.”

وفي ما يتعلق بالمضائف، يؤكد اسماعيل أنها “موجودة على طول الشوارع وهي متعددة ومختلفة بضيافاتها وليست مقتصرة على ميسوري الحال، فذوو الدخل المحدود يقيمونها أيضاً ويتبارون في إحيائها. وهي ليست محصورة بأهل النبطية وحسب، انما نجد مضائف للمناطق الحدودية كمضيف الطيبة وغيرها”.

ويشدد على أن “المضائف تموّل من الناس أنفسهم، فغالبية من يأخذ الضيافة تتبرّع بالمال لها، لكسب الأجر إن كان من ناحية المشاركة أو تلقي الضيافة. ونجد فيها كل المأكولات صباحاً ومساء بحيث يمكن للناس ألا تعدّ الطعام في بيوتها على مدى ٤٠ يوماً، فكل شيء متوافر على مدار اليوم. وبسبب الحرب المستمرة على جنوب لبنان، فقد ساهمت هذه المضائف في تخفيف بعض العبء عن النازحين وحتى الفقراء المقيمين من ناحية تأمين وجبات غذائية يومية لهم، وأيضاً مشاركتهم في هذه الطقوس التي كانوا يمارسونها في قراهم، ما يبدد شعورهم بالغربة.”

ويعتبر اسماعيل أن “احياء عاشوراء هذه السنة يشجع الناس على أن يستمدوا منها العزيمة والصمود والتحدي اذا ما استطعنا ربط ما حصل بكربلاء بما يحصل في الجنوب، فهذه الأمور تزيد من اصرار الناس على مواجهة الظالمين والمحتلين ومقارعة الظلم. فالنبطية تعج بالحياة والمشاركات العاشورائية”.

لا يمر يوم من دون اعتداء من العدو الاسرائيلي على المناطق الآمنة أن كان عبر الاغتيالات أو خرق جدار الصوت في أوقات غير متوقعة، الا أن لشعائر عاشوراء نكهة خاصة فاحياؤها مستمر متحدياً الحرب وحتى الأوضاع الاقتصادية.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال