منذ سنوات والقطاع التعليمي ليس على ما يرام، أزمات جمة عصفت به، أقفلت المدارس مراراً بفعل اغلاق الطرق ابان “الثورة”، أو حتى التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا بالاضافة الى الأزمة الاقتصادية التي حرمت الطلاب من التعلم أو اضطرتهم الى تغيير مدرستهم الى أن أتت الحرب وأضافت أزمة جديدة الى هذا القطاع.
آلاف الطلاب نزحوا من الجنوب منذ بداية المواجهات بين “حزب الله” واسرائيل، والتحق البعض بمدارس سكنه الجديد والبعض الآخر اعتمد الدراسة عبر “الأونلاين”، فكيف ستكون أحوالهم وأساتذتهم هذه السنة مع ارتفاع وتيرة الحرب؟
المشهد ضبابي حول العام الدراسي القادم، اذ ان هناك عدة معضلات تواجهه ليس بالطلاب وحسب، انما أيضاً الأساتذة وخصوصاً المتعاقدون، بحسب المسؤول عن القطاع التربوي في حركة “أمل” علي مشيك، الذي يقول: “لا يمكن أن ينطلق العام الدراسي في الجامعة اللبنانية وفي المدارس والمهنيات والمعاهد الرسمية من دون إعطاء بدل إنتاجية كافٍ يشمل القطاعات كافة، وهذا الموضوع محط متابعة دقيقة من المكتب التربوي المركزي لحركة أمل بالتشاور مع الفعاليات التربوية والحزبية كافة. وقد أصبح واضحاً أن كل الروابط في التعليم الأكاديمي والمهني والتقني الرسمي وكل من يدافع عن حقوق الأساتذة لن يتمكنوا من إقناعهم بالعودة وعدم الإضراب ولو تأجل من دون إقرار بدل إنتاجية يؤمن حداً أدنى من مقومات الحياة، والحل لا يكون بإقفال الأبواب أمام وزير التربية على قاعدة إلك معنا.. بس ما معنا، بل بالسعي إلى الحلول وعقد إجتماعات وفتح أبواب الحوار والنقاش مع الجميع والضغط على الجهات المانحة.
وترفض رابطة الثانوي والأساتذة تقاضي مبلغ ٣٠٠ دولار مع الراتب الذي كانوا يتقاضونه العام الدراسي الفائت، وهم اليوم يطالبون بـ ١٠٠٠ دولار، وفق ما يوضح مشيك، الذي يؤكد “أننا نواجه أيضاً مشكلة نزوح الطلاب وما سترتب عليها من نتائج، بحيث بدأ العام الدراسي الفائت واعتمد على الأونلاين واليوم من المتوقع ألا تسير الوزارة بهذا القرار مجدداً، ونطرح السؤال هنا: هل التعلّم عن بعد سيفي بالغرض؟ هل يستطيع الطلاب انهاء المنهج المطلوب؟ علماً أن هذه الوسيلة وفقاً لتجارب سابقة غير ناجحة بسبب عناصر عدة.”
ويعتبر أن “ملف المتعاقدين من الأولوية لدينا، اذ ان المدارس المقفلة لن تفتح هذا الموسم فلا نستطيع أن نلزمهم البقاء في المنازل بسبب الحرب والنزوح القسري، فنحن نريد الحفاظ عليهم سواء مارسوا مهنة التعليم أم لم يمارسوها وخصوصاً في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة التي يواجهونها، لذلك علينا أن نستفيد منهم ونسد حاجات المدارس ونحن نتابع هذا الملف مع مجلس الوزراء والرئيس نبيه بري.”
أما في الموضوع المتعلق بالاقساط، فيلفت مدير مدرسة “أجيال” والأستاذ الجامعي داوود حرب عبر موقع “لبنان الكبير” الى أنها “ارتفعت ٦٠٪ عن السنوات السابقة ولكن الاقبال لم ينخفض بل نحن كمدرسة أجيال منذ شهر ونيف اكتمل التسجيل لدينا”، مشيراً الى أن “لدينا كل الطبقات الاجتماعية وحسومات أيضاً للمتفوقين وللاخوة، اما العائلات غير المقتدرة فقد هجرت المدارس الخاصة تدريجياً. وفي مدرستنا أعداد قليلة من الطلاب النازحين منهم المقتدر مادياً ومنهم من الطبقات المتوسطة ونقدّم الحسومات لهم كمبادرة من المدرسة، أما الجهات الحزبية فوزّعت الطلاب النازحين على مدارسها، والعدد الأكبر منهم في المدارس الرسمية”.
وفي ما يختص بالجامعات الخاصة، يؤكد حرب أنها “لا تميّز بين النازح والطالب العادي، فالجامعة أكثر ما يمكنها فعله، اتاحة خاصية التعليم عن بعد للطلاب، أو اعادة بعض المواد في حال لم يتمكنوا من الحضور لإنجازها بسبب القصف أو الوضع الأمني، اما الأقساط فهناك جهات تدفع للطالب مباشرة وهو من يدفع للجامعة”.
معلّمون ومعلّمات، طلاب وطالبات ينتظرون عاماً دراسياً ضبابياً، مجهول المصير، وحتى الآن لا خطط واضحة. وعلى وقع جدار الصوت والغارات أنجز الطلاب الامتحانات الرسمية بعد عام دراسي صعب درسوا فيه في أجواء صعبة ومنهم من لم يتمكن من الدراسة بفعل التهجير المتكرر. ومصير هؤلاء مرتبط بتوسع الحرب أو بانتهائها لكن في كلتي الحالتين لن يعودوا أقله هذا العام الى مدارسهم، فالاحتمال الأول لن ينطلق عام دراسي، والثاني المدارس بحاجة الى ترميم أو اعادة بناء وكذلك المنازل.
اذاً، عام دراسي آخر سيعيشه الطلاب الجنوبيون بعيداً عن مدارسهم وفي أجواء غير مريحة الا اذا اتخذت الوزارة قراراً سريعاً يمكنهم من الدراسة بصورة طبيعية.