fbpx

اختصاص “الشرعي” ما بيطعمي خبز

فاطمة البسام
تابعنا على الواتساب

على مساحة 10452 كيلومتراً مربعاً، هناك حوالي 100 طبيب شرعي فقط لا غير، وهو رقم يمكن القول انه قليل نسبة إلى أهمية الاختصاص كونه ركناً أساسياً في الكشف عن أسباب الموت وحلّ الجرائم، والمفتاح من أجل الوصول إلى العدالة.

يشكل الطب الشرعي فرعاً من فروع الطب الذي يختص بتشخيص سبب الوفاة أو حوادث الصدم، وهو بالتالي يخدم الحالات الجنائية ويعتمد على مجموعة كبيرة من العلوم: علم الجنايات لمعرفة كيفية التسمم، حالات الادمان على المخدرات، التصوير الفوتوغرافي الذي يتيح معرفة كيف ينفلش الرصاص والمسافة التي أطلق منها، علم الأسلحة النارية، علم السلاح الأبيض، علم الأسنان وعلم التشريح الذي هو من أبرز التقنيات في علم الجريمة، وهذا العلم معروف منذ أكثر من خمسة الآف سنة على يد المصريين القدامى وبات إجراؤه اليوم ممكناً بواسطة المنظار أو التصوير الصوتي.

وحده الطبيب الشرعي يجيد التحدّث إلى الأشخاص ولو بعد موتهم، ليخبرنا عن اللحظات والدقائق الأخيرة التي عاشوها. وعلى قدر أهمية هذا الاختصاص إلاّ أن عدد الخريجين غير كافٍ في بلد يرتفع فيه مؤشر الجريمة.

وبحسب ما تقول الأخصائية في علم الجريمة، باميلا حنينه بو غصن، لموقع “لبنان الكبير”، اختصاص الطب الشرعي “ما بيطعمي خبز”، ولهذا السبب لا يرغب فيه طلاب الطب، فمعاينة الطبيب الشرعي تتراوح بين 100 و300 دولار كحد أقصى، فكم جثة سيعاين ليؤمن بدلاً شهرياً مقبولاً؟ خصوصاً أن هذا الاختصاص تحكمه بعض الاعتبارات الدينية، فالكثير من الأهالي لا يرضى الكشف على جثث موتاه، وكم سيحتاج الخريج ليتم تعيينه في المحكمة ولا سيما في بلد تحكمه المحسوبيات؟

وتضيف بو غصن: “لدينا عدد كبير من الجرائم وفي المقابل عدد قليل من الأطباء لأن معظمهم اختار الهجرة بحثاً عن ظروف أفضل للعمل، وبالتالي هذا الأمر يبطئ الوصول إلى العدالة”.

أحد الأطباء الشرعيين الذي يمارس المهنة “المتعبة” منذ 30 سنة على حدّ تعبيره، يتقاضى التسعيرة التي وضعتها وزارة العدل وهي 100 ألف ليرة على التقرير الواحد، وهذه التسعيرة لم تعدّل بعد انهيار العملة.

ويؤكد الطبيب لموقع “لبنان الكبير”، ومن دون تردد، أنه يضطر الى طلب بدل اتعابه من أصحاب العلاقة، ولو أن الأمر مخالف للقانون، مشيراً الى أن المديرية قالت “دبروا حالكم”، فالبدل الذي يحصل عليه من وزارة العدل لا يكفي ثمن فنجان قهوة، لذلك توقف عن تقديم التقارير، لأن البدل الذي سيحصل عليه بعد 6 أشهر من تقديم الطلب لا يكفي أجرة الطريق.

بالإضافة إلى البدل القليل هناك عدّة مشكلات أخرى يذكرها الطبيب، ففي الكثير من الأحيان يتم استدعاؤهم إلى المخافر من أجل تبرير التقارير التي تقدموا بها لأنها لم تعجب فلاناً أو علاناً، أو لم تعجب المدعي العام، وفي مرات كثيرة يتعرضون للضغط أو التهديد من أجل تغيير تقاريرهم.

يعاني الأطباء الشرعيون من عدم التنسيق أحياناً بينهم وبين الأجهزة الأمنية ما يؤدي حكماً الى تغيير وضعيات الضحايا والمصابين، كما يعانون من غياب التجهيزات المتعلقة بالطب الشرعي في عدد كبير من المستشفيات بالاضافة الى التأخر في صرف أتعابهم.

أمّا عدد الأطباء الشرعيين في كلّ لبنان فيبلغ قرابة 80 طبيباً، 4 منهم فقط في البقاع، والسبب أن تعيين الأطباء الشرعيين يحتاج إلى مرسوم جمهوري، وآخر دفعة تم تعيينها عام 2005.

ويختم الطبيب: “يعني اللي بيتخرج ما بيتعيّن، يعني ما بيشتغل”.

إشترك بالقائمة البريدية

شارك المقال