“الحمار” بديلاً من البنزين! 

راما الجراح

تطوّر عملية النقل وحركة البضائع والأشخاص، والقدرة على النقل والتنقل بوسيلة متطورة ومُريحة يعتبران مؤشراً كبيراً على الحضارة والتقدم العلمي والتكنولوجيا، لذلك نرى التنافس بين الأميركيين والروس على الوصول إلى المريخ، وتسابُق الدول وكبرى شركات صناعة السيارات في العالم على إنتاج سيارات كهربائية أكثر ديمومة من سابقاتها وتطويرها، حتى إننا بدأنا نلمس مؤشرات تعكس تغييراً قريباً في الحروب والانتقال من الحروب التقليدية (صواريخ – دبابات – أسلحة ثقيلة…) والتكتيكات العسكرية إلى الحروب السيبرانية، إلا في لبنان فالتطور الذي يشهده العالم انعكس داخله إلى تقدم في التخلف.

وقد أعادت أزمة المحروقات التفكير في العودة إلى عصر البغال والحمير، في ظل ارتفاع أسعار مادتي البنزين والمازوت وانهيار العملة اللبنانية، وقد ارتفع الطلب على الحمير كوسيلة نقل للأشخاص أو البضائع بشكل واضح في العديد من المناطق اللبنانية. وأكد لنا أحد مسؤولي سوق المواشي في منطقة البقاع الغربي أنه “لم نرَ منذ زمن طويل حميراً أو بغالاً في السوق، وقد ازدهرت هذه الظاهرة منذ أكثر من ٣ أشهر، وأسعارها بدأت تراوح ما بين المليون والمليون ونصف المليون ليرة حتى وصلت اليوم إلى عشرة ملايين وفي أغلب الأحيان يرتفع السعر بحسب وزن الحمار وصحته وعمره”.

ومع انتشار ظاهرة الحمير والدواب، ولمعلومات أكثر عن أسعارها وكيفية الاعتناء بها، علاوة على تكاليفها وإلى أي مدى تُوفر علينا اليوم بدل “السرفيس” أو صفيحة البنزين، يقول زريق المولى أحد الأشخاص الذين اشتروا حمارين إضافيين إلى الحمارين اللذين يملكهما أن “سعر الحمار الواحد يصل اليوم إلى نحو 14 مليوناً بعدما كان سعره قبل أزمة الدولار يراوح ما بين 300 و500 ألف كحد أقصى، وذلك بسبب زيادة الطلب عليه في ظل هذه الظروف وبخاصة من الملاحم!”.

“الزاد لو تفتش ما بيتاكل”، انطلاقاً من هذه المقولة اعتبر المولى أن “هناك استخدامات كثيرة للحم الحمير في لبنان من دون علم السلطات المعنية ووزارة الصحة، فأنا شاهد على عمليات شراء شبه يومية لكميات كبيرة من الحمير من عدة أشخاص، وتكون أسعار الحمير التي تباع أقل بكثير من غيرها أي بنحو المليون ليرة فقط، وهذا الأسلوب لا يمكن تفسيره إلا من منطلق الاستخدام اليومي في المسالخ وليس لاقتنائها في المنازل وهذا الأمر خطير جداً، فإلى أين تذهب هذه الكميات”؟

وبحسب المولى: “هناك أحد الاشخاص يشتري مني عادةً علفاً للماعز اشترى 4 حمير، والسبب هو التنقل من الجبل إلى السهل وذلك لتوفير سعر تنكة البنزين هذا في حال وُجدت أساساً. وثمة أحد معارفي ويدعى أبو ناجي من منطقة عين دارة اشترى حمارين له ولأخيه، وذلك لتسهيل عملية التنقل بين مكان عملهما في آخر الضيعة وبين منزلهما، وحتى لو تأخرا عن عملهما نحو 15 دقيقة لكنهما يوفّران كلفة التنقل التي أصبحت تبلغ 10 آلاف ليرة فقط ضمن نطاق الضيعة عينها”.

وعن كلفة الطعام، يؤكد أن “ليس ثمة أي تكاليف إضافية على الحمير يمكن أن تشكل عبئا على صاحبها، فالحمار يأكل أي شيء من بقايا طعام المنزل أو أعشابا حول المنزل، وبين فترة وأخرى ننظّفها فقط، وأؤكد للجميع أن الحمار بصعود الجبل أقوى من سيارة “الجيب”، لكن أستبعد جداً أن تزدهر ظاهرة الحمير كوسيلة نقل بدلاً من السيارات، وستقتصر على نقل بضائع ليس أكثر في المناطق الوعرة”.

في القرن الحادي والعشرين ينتقل لبنان من مرحلة التطور وتحقيق الإنجازات العالمية والانتصارات العلمية والرياضية والثقافية المتنوعة، إلى مرحلة قد نسمع فيها عبارة “توصيلة الحمار بدولار”.

شارك المقال