تحسّر مصدرٌ من منطقة وادي خالد العكّارية على وضع الآلاف من النازحين اللبنانيين إليها، ويُؤكّد عبر “لبنان الكبير” أنّ عدداً لا يُستهان به منهم “لا يتلقّى مساعدات من أيّة جهة، ولم يتمكّن حتّى اللحظة من إيجاد المأوى المناسب له”، خصوصاً في ظلّ “تهميش” المعنيين لحقوقهم في هذه البقعة الجغرافية المنسية لأعوام، على حدّ تعبيره.
ويعتبر المصدر الذي استقبل عائلة نازحة لم تعثر على مأوى لها في منزله (ريثما يتمّ تأمينه لها)، أنّ جميع محافظات الشمال تحظى بدعمٍ اجتماعي، إغاثيّ وصحيّ لم تنعم به المنطقة الحدودية “ففي طرابلس مثلاً، تمّ إنشاء مركز للاتصالات يُدعى الـ call center بجوار مقرّ البلدية لمتابعة شؤون النازحين في مراكز الايواء وخارجها كخطوة إيجابية تحترم النازح من جهة، وتُحصّنه من أيّة ضربة عدوانية محتملة من جهة ثانية، “لأنّ العدو بات يُركّز ضرباته أكثر على النازحين ويربطهم (قشة لفة) بقيادات حزبية، لذا من الضروريّ في هذه الظروف تأمينهم وتحمّل مسؤولية نزوحهم لظروف اضطّرارية”، متسائلاً: “هل ترغب الدّولة اللبنانية في دفع النازح إلى وادي خالد هذه المرة، ومنها إلى سوريا لترتاح؟”.
ويُضيف: “تتوزّع 25 عائلة نازحة بيْن مدرستيْن في الوادي، مع 150 عائلة أخرى تمّت استضافة بعضها في المنازل، فيما وجدت أخرى مأوى لها بعد استئجارها البيوت، ولا نغفل عن وجود عائلات كانت تحتاج إلى مأوى خاصّ بها أو إلى مركز يستضيفها بغية إيوائها في فترة صعبة لم تكن بالحسبان عليها أو على الدّولة العاجزة تمويلياً، لكنّ يُمكن التأكيد أنّ النازحين لدينا كانوا طالبوا محافظ عكّار عماد لبكي بالتدخل، وسجّلوا في البلديات ليتمّ شملهم ضمن الاحصاء الذي سيُرسل بطبيعة الحال إلى المحافظ لتشكيل الداتا المرتبطة بالمحافظة وأعداد النازحين إليها مع أبرز حاجاتهم التي لم تُؤمّن كما يلزم في بعض البلديات، بينما غابت بصورة شاملة عن بلديات أخرى”.
“الداتا” المطلوبة في هذه الظروف، لا تُلغي أهمّية الخطّة الحكومية المتخصّصة بإيواء النازحين والتي يراها بعض المتابعين “جيّدة لكنّها لا تكفي في دولة معرّضة لمختلف أنواع التهديدات أو أشكال الحصار التي تمنع عنها إجراء أيّ مشروع استثماريّ أو تلقيّ أيّ تمويل في فترة الحرب وحتّى في كلّ الفترات السابقة، بحيث يُؤكّد مصدر بلديّ لـ “لبنان الكبير” أنّ الدّول المانحة وكذلك المؤسسات الدّولية طالبت سياسيي لبنان، خلال العام 2018 وما قبله، بضرورة تنفيذ إصلاحات أساسية ومنها مرتبطة بسياساته الادارية والمالية، ولم نصل إلى نتيجة، فكلّ ما وصلنا إليه اليوم، يرتبط بالعرقلة السياسية لمؤتمرات داعمة أو لدول داعمة لنا وضربها ديبلوماسياً وسياسياً أو عبر وضع العصي في الدواليب كما يُقال، وهذا ما يُفسّر سبب إفلاس الدّولة وعدم قدرتها على التنفيذ والتحرّك جدّياً”.
وفي وقتٍ يُقارن فيه المصدر وضع وادي خالد بوضع مناطق وبلدات شمالية أخرى، يُشدّد على غياب دور الدّولة في محافظة عكّار ككلّ “حتّى ولو أظهرت عكس ذلك”. ويقول في حديثٍ لـ “لبنان الكبير”: “الدّعم لم يصل إلى معظم المدارس الحكومية في عكّار وبالتأكيد منطقة وادي خالد من ضمنها، وكما غابت هذه المحافظة الشمالية عن الخريطة الإنمائية والسياحية سابقاً، تغيب اليوم قدرات مساندتها في أصعب الظروف وأشنعها”.
ويُضيف: “لا نرى تنظيماً حكومياً واضحاً وعادلاً لحركة النزوح لديْنا، ولم نرصد شملنا ضمن الخطّة الحكومية كما يجب، لأنّ محافظة الشمال تتضمّن أكثر من 40 ألف نازح، ولم نرصد تخصيص مساعدات للنازحين المُحتاجين فعلاً إلى دعم عبر مساعدة المنظمات الإغاثية والإسعافية التي تلعب دوراً لافتاً منذ لحظة اندلاع الحرب العنيفة، لكن لا نعتقد أنّ وجودها وحدها كافٍ ليتحمّل كلّ هذه الأعداد والمطالب التي لا بدّ من تسجيلها في كلّ المراكز أو في كلّ المنازل التي استقبلت العائلات”.
ويقترح المصدر على المعنيين عدم حصر مراكز الإيواء شمالاً بالمدارس فحسب، بل يُمكن توسيع التوزيع عبر إضافة مراكز جديدة في كلّ منطقة “لتكون الحقيقة واضحة وضوح الشمس أمام الرسميين، لأنّ المدارس وحدها لن تكون قادرة على استيعاب كلّ النّاس، ولأنّ الوضع الحاليّ يفرض نفسه إنسانياً، ولا يُمكن ترك المواطن وحده ليُواجه مصيره من دون مبادرات حكومية، إغاثية وفردية”.