بعد تألقه في مونديال قطر… المغرب نحو إنجازٍ جديد

رياض عيتاني

في كأس العالم 2022، التي استضافتها قطر كأول دولة عربية وفي الشرق الأوسط، حقق منتخب المغرب إنجازاً تاريخياً باحتلاله المركز الرابع ليصبح أول منتخب عربي وإفريقي يبلغ الدور نصف النهائي.

هذا الإنجاز لم يكن صدفة، بل جاء نتيجة عمل متواصل من الاتحاد المحلي والأندية والمنتخبات، ليترجم هذا التألق الكروي أيضاً بتتويج الوداد بلقب دوري أبطال آسيا في ذلك العام، ونهضة بركان بلقب كأس الاتحاد (الكونفديرالية)، إضافة إلى تتويج منتخب كرة القدم للصالات “فوتسال” بلقب كأس العرب بعد اللقب القاري.

لكن التاريخ الأكبر سجّله منتخب السيدات، الذي تأهل إلى نهائيات كأس العالم أيضاً وبات بذلك أول منتخب عربي يشارك فيها، قبل أن يودّع البطولة العالمية من دور الـ16 على يد فرنسا، بعدما أنهى دور المجموعات في المركز الثاني برصيد 6 نقاط، بفارق الأهداف عن كولومبيا صاحبة الصدارة.

إنجاز كأس العالم

سجّل منتخب المغرب اسمه بأحرف من ذهب في النسخة الأخيرة لكأس العالم، بحيث بات أول منتخب عربي وإفريقي يصل إلى مربّع الكبار، محققاً ما عجزت عنه منتخبات الكاميرون (1990) والسنغال (2002) وغانا (2010).

وبعد إسدال الستارة على المونديال، الذي يُعد من الأجمل في التاريخ، بدأت التساؤلات تطرح بصورة واسعة على الصعيدين العالمي والمحلي عن كيفية استثمار إنجاز “أسود الأطلس”، لأن الوصول إلى هذا المكان يعتبر مسؤولية كبيرة أمام المعنيين، ويضعهم أمام تحدٍ أصعب، خصوصاً أن الدولة العربية أصبحت محط أنظار العالم كروياً.

وكان لافتاً تهافت المغاربة بالآلاف على استقبال أعضاء المنتخب، إثر عودتهم من قطر وقبل توجههم إلى القصر الملكي، حيث حظوا باستقبال آخر من العاهل المغربي الملك محمد السادس.

ويحتل المغرب حالياً المركز 13 في التصنيف العالمي الأخير للاتحاد الدولي لكرة القدم، متفوقاً على منتخبات كبيرة مثل ألمانيا وسويسرا وأوروغواي وغيرها، فيما يحتل الصدارة العربية بفارق مريح عن تونس الثانية وصاحبة المركز 29 عالمياً.

استثمار ناجح

هذا الإنجاز كانت له تأثيرات إيجابية على القطاع الرياضي، فأصبح ينظر إلى المغرب كمنتخب متكامل، منظّم، قوي وواثق، وبدأت الأنظار تتّجه أكثر نحو أسماء اللاعبين، الذين يشارك معظمهم في دوريات أوروبية كبرى.

وفي 14 آذار 2023، أعلن الملك محمد السادس تقدم بلاده بعرض مشترك مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم 2030 لكرة القدم.

وانضمت أوكرانيا في البداية إلى إسبانيا والبرتغال كشريك محتمل في ملفهما للعام 2030، ولكن مع عدم وجود نهاية في الأفق للحرب مع روسيا، تقدم المغرب للمشاركة مع الدولتين الأوروبيتين في عرض مشترك. وجاء إعلانه عن تقديم الملف المشترك أثناء تكريم الملك محمد السادس وحصوله على جائزة الإنجاز المميز للعام 2022، المقدمة من رئيس الاتحاد الافريقي لكرة القدم باتريس موتسيبي.

وسبق للمغرب التقدم بملف لتنظيم كأس العالم 2010، لكنه حصد 10 أصوات فقط وخسر فرصة الاستضافة لمصلحة جنوب إفريقيا، إلا أنه نجح في استضافة كأس العالم للأندية 2022.

ويبدو أن التطوّر الكبير لمنظومة كرة القدم المغربية، استُثمر بالطريقة الصحيحة، بعدما بات المغرب قاب قوسين من استضافة الحدث العالمي بعد 7 سنوات.

الخبر السار

ففي 4 تشرين الأول 2023، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) إقامة كأس العالم 2030 في المغرب وإسبانيا والبرتغال، بينما ستقام أول ثلاث مباريات في أوروغواي والأرجنتين وباراغواي للاحتفال بمئوية المسابقة.

وكان الملف المشترك من المغرب والبرتغال وإسبانيا هو الملف الوحيد لاستضافة البطولة، بحيث كان من المفترض أن يعلن “فيفا” الملف الفائز خلال العام المقبل.

وستكون هذه أول نسخة من كأس العالم تقام في ثلاث قارات وست دول، ما يعني أن مباريات دور المجموعات ستقام في فصول مناخية مختلفة.

ورحب العاهل المغربي بقرار “فيفا”، وجاء في بيان للديوان الملكي: “يزف صاحب الجلالة الملك محمد السادس بفرحة كبيرة للشعب المغربي خبر اعتماد مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم بالإجماع ملف المغرب وإسبانيا والبرتغال كترشيح وحيد لتنظيم كأس العالم 2030 لكرة القدم. ويمثل هذا القرار إشادة واعترافاً بالمكانة الخاصة التي يحظى بها المغرب بين الأمم الكبرى”.

يستحق الشعب المغربي استضافة كأس العالم، ويستحق أيضاً تحقيق نتيجة أفضل من تلك التي حقّقها في النسخة الأخيرة، لكن عليه الآن أن يبلغ نهائيات كأس العالم 2026 أولاً، واستكمال الإنجاز الكبير الذي حقّقه في قطر تالياً، على أمل أن يبقى علم المغرب مرفوعاً عالياً في كل الاستحقاقات الرياضية… بانتظار الفوز رسمياً باستضافة مونديال 2030.

شارك المقال