طرابلس تدخل عالم الفنون القتالية بأمسية “ملوكيّة”

إسراء ديب
إسراء ديب

تحظى مدينة طرابلس باهتمام رياضي لافت دفعها الى استقطاب حدث مهمّ أمِل أهالي المدينة وعشاق الرياضة القتالية بمختلف أنواعها في تكراره من جديد بالتنظيم والجذب الجماهيريّ عينه، إذْ شهدت المدينة تنظيم منظّمة “آي سي أس أو ACS” منازلات عالية المستوى في الرياضة القتالية وتحديداً في رياضتيّ “الكيك بوكسينغ” و”المواي تاي” وذلك بأمسية طويلة لم تخلُ من المنافسة التي جمعت لاعبين محلّيين، عرباً وأجانب في القاعة الرياضية المغلقة- الميناء.

وبعنوان “العودة” (The Return)، تمكّنت المنظمة التي تأسّست في 10 نيسان 2021، من إحياء الروح الرياضية في نفوس أكثر من 4000 شخص بحماسة رهيبة ومثيرة في المدينة التي كانت تتوق الى هذه الاحتفالية “الملوكية”، وفق ما أطلق عليها رئيس المنظمة وليد عجاج عشيّة الحدث الذي جمع فئات شعبية، رياضية ورسمية أدركت أهمّيته.

وعلى الرّغم من “الأضواء” التي غالباً ما تُلقى على رياضة كرة السلّة محلّياً والتي تتمتّع فعلياً بأهمّية في لبنان والعالم، إلا أنّ المنظمة تسعى فعلياً إلى فرض “ساحة قتالية” جديدة لا يُمكن إخفاء حجم منافعها الذي قد يفوق أيّ نوع رياضي آخر، لا سيما في المرحلة الحالية بما تحمل من ثقل اجتماعي وضغوط نفسيّة لا حصر لها، لذلك تحظى الرياضة القتالية (بما تتضمّن من صعوبات ومميّزات)، بدور مهمّ كانت قد كشفته أبحاث عدّة، منها دراسة نشرتها صحيفة “الاندبندنت” البريطانية منذ أعوام، تُؤكّد أنّ الفنون القتالية “تساعد على التركيز واستعادة الادراك الكلّي للدماغ، كما تساعد في تطوير قدرة الأشخاص على حلّ الألغاز وتحديد المخاطر وتفاديها…”، وهو ما يُعطيها أهمّية كبيرة يُمكن استثمارها في طرابلس، بغية تحسين أفكار الشبان وإبعادها عن أيّ “فيروس” فكريّ أو “طفرة” سلوكية غير سوية.

يُمكن القول، إنّ “آي سي أس” التي بدأت رحلتها الرياضية من مدينة طرابلس (يُعدّ أكبر جمهورها من المدينة أيضاً)، وانتقلت إلى مدن ومحافظات لبنانية مختلفة (نظمّت ضمنها ما يُقارب الـ 11 حدثاً منها 3 في المدينة)، على موعدٍ قريب مع العالمية بصورة رسمية في إسبانيا- برشلونة، وذلك من خلال استعدادها لتنظيم مباراة في 12 أيّار، والتي ستحمل بالتأكيد تأييداً وطنياً ومناطقياً طرابلسياً، مع العلم أنّ هذه الاحتفالية المرتقبة لم تكن هي الأولى من نوعها، إذْ نُظمّت مباراة أخرى في السنغال العام الماضي، لكن على ما يبدو، أنّ تحضيرات هذا العام ستحمل رسالة رياضية من “مدرسة” جذبت الكثير من المتابعين في الفترة الأخيرة، خصوصاً من المدينة التي عادت إليها “آي سي إس” من جديد فحجزت من أجلها كلّ المقاعد في القاعة بسرعة قياسية، الأمر الذي يُوضح سبب تسمية الحدث بـ “العودة”.

مدير المنظمة رياض الرطل، يصف هذه الأمسية بـ “الحلم الذي صار حقيقة”، وفي حديثٍ لـ “لبنان الكبير” يقول: “نظمنا هذه المناسبة بمعايير عالمية وبمستويات دولية بأبطال لبنانيين من مناطق مختلفة، وبوجود لاعبين غير لبنانيين تحديداً من إسبانيا، بلغاريا، السنغال، تركيا، المغرب، سوريا وفلسطين، بحيث تمكّن كلّ لاعب من فرض خصوصيته وقدراته في المنافسة التي كانت شرسة إلى حدّ كبير، ونالت فعلياً إعجاب واستغراب اللاعبين الأجانب الذين لم يتوقّعوا أن يُنظم مثل هذا الحدث في لبنان، وبتخطيط كبير من عجاج الذي اهتم باللاعبين اللبنانيين ووزّع بعضهم، فمنهم من توّجه إلى إسبانيا، تايلند، كما إلى الامارات ضمن مخيّمات للتدريب، ما دفعهم إلى التفوّق على غيرهم من اللاعبين”.

ويعتبر الرطل أنّ الفنون القتالية لا تُعدّ مناسبة لجميع الفئات والنّاس، لكنّها ضرورة للغاية خصوصاً لكلّ من يُعاني من صعوبات، كالتعب، الارهاق والضغوط المختلفة مثل خروج أحدهم من منطقة فقيرة مثلاً، لكن لا يغفل أحد أيضاً الدّور الذي تلعبه هذه الفنون التي تُعتبر فعلياً استثماراً صحياً للمواطنين يُبعدهم عن منطق الجريمة مثلاً، واستثماراً اقتصادياً أيضاً عبر خلقها فرص العمل القائمة على تشغيل النوادي، زيادة عدد الموظفين فيها، استقطابها لتلاميذ ومتدرّبين يُعرفون فيما بعد، ما يعني أنّها تعود بالفائدة أيضاً على النادي واللاعب من الناحيتيْن المادّية والرياضية.

وبعد فوز اللاعب عبد الله الحايك (ابن منطقة القبّة- 26 عاماً) على هادي بهجت بالوزن المفتوح في الأمسية، يُؤكّد الحايك لـ “لبنان الكبير” أنّ ما حصل في تلك الليلة كان خرافياً ولا يتوقّعه أحد، و”للوهلة الأولى، تعتقد أنّك تلعب في ملاعب طوكيو، ما دفعنا إلى اللعب باحترافية وبمستوى عال للغاية”.

ويُضيف: “لعبت ضمن منظمة (آي سي أس) منذ عامين في طرابلس وفزت (2-0)، كما فزت منذ أيّام بتحدّيات تشمل ثلاث رياضات قتالية في المباراة (أوّلها بلعبة كيك بوكسينغ kick boxing، ثانيها MMA، وثالثهاmuay thai)، وذلك على الرّغم من وجود إصابة في يدي بعد سقوط الزجاج عليها وقد عولجت منها، لكنّني لم أتردّد بسببها على الرّغم من الآلام التي يُمكن أن تتسبّب فيها، وفزت بإرادتي وبتحدٍ واضح مع نفسي ضمن تنظيم مميّز لا يعرف الطائفية ولا العنصرية”.

هذه الألعاب التي يرى الحايك أنّها لا تتلقّى دعماً سياسياً، يتوقّع أنْ تكون “بفضل الله والمنظمة من أهمّ الألعاب التي يُمكن فرضها على الساحة بمنتهى القوّة قريباً”، مشيراً إلى أنّ “المدينة تتضمّن لاعبين ومدرّبين مهمّين ويتمتّعون بعزيمة كبيرة ويُمكنهم لعب دور مهمّ أيضاً، خصوصاً وأنّهم يخرجون من منطقة شعبية اعتادت على التحدّي فعلياً”.

ويشكر الحايك والده عمر الحايك الذي رافقه في رحلته الرياضية، “لذلك أهدي فوزي له وللفريق الذي ساعدني ودعمني مع أبناء منطقتي”، كما يشكر عجاج والرطل على “مساهمتهما في إنجاح هذه الاحتفالية”.

شارك المقال