هل يتقلص حجم الإنسان ليتكيف مع تغير المناخ؟

حسناء بو حرفوش

حذر بعض الخبراء من أن البشر سيتطورون لتحمل آثار الاحتباس الحراري بشكل أفضل. وحسب مقال في موقع المنتدى الإقتصادي العالمي، “قد يتقلص حجم البشر مع اشتداد تغير المناخ بهدف التكيف للحصول على فرصة أفضل للبقاء”.

ووفقاً لأستاذ علم الحفريات، “تميل الثدييات في المناطق التي ترتفع فيها درجات الحرارة الى أن تكون أصغر حجماً من تلك الموجودة في المناطق الأكثر برودة. لكن خبراء آخرين يشككون في أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى تكيف البشر والثدييات الأخرى بهذه الطريقة، مشيرين إلى أن توافر الموارد من المرجح أن يحدد كيفية تطورنا.

وعلى مر السنين، تطورت الأنواع لتتكيف مع محيطها المتغير. أما حالياً، ومع الارتفاع الصاروخي في مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي وتكثيف تغير المناخ، يعتقد بعض الخبراء أن البشر سيتطورون ليصمدوا بشكل أفضل في عالم الاحتباس الحراري.

ويتوقع أستاذ علم الأحافير في جامعة إدنبرة ستيف بروسات، أن يتقلص حجم البشر للحصول على فرصة أفضل للبقاء على قيد الحياة في مواجهة تغير المناخ. ويلفت النظر إلى أنواع مبكرة من الخيول، والتي تطورت لتصبح أصغر حجماً مع ارتفاع درجات الحرارة خلال العصر الباليوسيني/الأيوسيني Eocene Thermal Maximum، منذ حوالي 55 مليون سنة.

ويشير إلى التشابه الذي وصفه بالغريب بين محنة الخيول في ذلك الوقت والبشر في الآونة الحالية، معتبراً أن أوجه التشابه يمكن أن تعطينا نظرة ثاقبة عن مستقبل التطور البشري. وفي كتابه الذي يحمل عنوان “The Rise of the Mammals and Reign of the Mammals”، يلفت بروسات إلى أن الثدييات في المناطق الأكثر ارتفاعاً تميل الى أن تكون أصغر حجماً مقارنة بالثدييات في المناطق الأكثر برودة، ربما لأن مساحة السطح الأصغر مقارنة بالحجم يمكن أن تساعد الحيوانات على التبريد. ويمكن الالتفات الى مثال Homo floresiensis، وهو نوع قديم من البشر عاش سابقاً في فلوريس، وهي جزيرة إندونيسية، منذ حوالي 50 ألفاً إلى 100 ألف عام، بحيث أدت ندرة الموارد إلى نمو هؤلاء البشر القدامى إلى حوالي 3.5 أقدام فقط.

وفي عالم يزداد احتراراً، يمكن للعديد من الأنواع، بما في ذلك البشر المعاصرون، أن تصبح أصغر حجماً للبقاء على قيد الحياة.

ويقول بروسات في حديث لصحيفة الغارديان: “هذا لا يعني أن كل أنواع الثدييات ستصبح أصغر حجماً، ولكن يبدو أنها خدعة بقاء شائعة للثدييات عندما ترتفع درجات الحرارة بسرعة كبيرة”. ويثير هذا الافتراض السؤال التالي: “إذا ارتفعت درجات الحرارة بسرعة كبيرة، فهل يمكن أن يصبح البشر أصغر حجماً بكثير؟”، يجيب بروسات بالقول: “أعتقد أن هذا أمر معقول بالتأكيد”.

وربطت دراسة أجريت في العام 2021 بين درجة الحرارة وحجم الجسم، على الرغم من أنها وجدت أيضاً أن درجة الحرارة ليس لها تأثير على حجم الدماغ. ومع ذلك، يشكك بعض الخبراء في أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى تطور البشر أو حتى الثدييات الأخرى، ليصبحوا أصغر حجماً، مشيرين إلى أن من المرجح أن يتصل ذلك بتأثير توافر الموارد أو لا.

بدوره، يرى أدريان ليستر، عالم الأحياء القديمة في متحف التاريخ الطبيعي في لندن: “لا يتحكم الانتقاء الطبيعي فينا حقاً. إذا كان هذا سيحدث، فبالإمكان أن نشهد في الأصل وفاة عدد كبير من الأشخاص قبل أن يتمكنوا من التكاثر بسبب ارتفاع درجة حرارة المناخ. هذا لا يحدث في عالم اليوم. ها نحن نرتدي ملابس ونمتلك القدرة على توفير التدفئة ولدينا مكيف يقينا اشتداد الحر”.

وفي كل الأحوال، وسواء تقلص البشر أم لا، يجزم بروسات بأن الجنس البشري ضار بالحيوانات الأخرى، ويختم: “أعتقد أنك لو كنت وحيد القرن أو فيلاً أو أسداً أو كوالا، لربما تمنيت أن يرحل البشر. فلنأمل ألا يحدث ذلك!”.

شارك المقال