بيْن وادي خالد وسوريا: رصاص طائش وغضب مكبوت

إسراء ديب
إسراء ديب

يتمسّك أهالي وادي خالد اليوم بالحكمة والصبر على الرصاص الطائش الذي يتناثر بشكلٍ شبه يوميّ من الطرف السوري الذي لا يُمكن التواصل أو التنسيق معه في ظلّ توتر العلاقات اللبنانية – السورية من جهة، وإهمال القوى الرسمية اللبنانية لهذه المنطقة منذ سنوات من جهة ثانية.

ليست خافية التداعيات السلبية التي قد تنتج من الرصاص الطائش الذي ازداد بشكلٍ غير مسبوق منذ اندلاع الأزمة السورية وتطوّرها بدءًا من عام 2011، فهي لا تقتصر على الخسائر البشرية التي غالبًا ما كانت تصل إلى وقوع إصابات من الجهة اللبنانية، لكنّها أدّت أيضًا إلى سقوط قتلى بسبب هذه الآفة الاجتماعية الخطيرة، ناهيك بالخسائر المادّية التي تضرّ بالممتلكات ولا سيما سيّارات المواطنين الذين ما زالوا يكبتون غضبهم وغيظهم الكبير للحدّ من انعكاسات الدخول في أيّ معركة كلامية أو مسلّحة بين الطرفين.

ومنذ ساعات، عاشت بلدة “العماير رجم عيسى” توترًا كبيرًا بعد سماع إطلاق نار كثيف في بلدة العويشات السورية، والذي وصفه الأهالي بأنّه كان “جنونيًا” وغير مقبول على الإطلاق، وأدّى إلى سقوط جريحة أصيبت في قدمها.

الشيخ: لن نسكت أبدًا

انتشر مقطع صوتي في مواقع التواصل الاجتماعي يعود لرئيس بلدية العماير أحمد الشيخ وهو ينتقد الرصاص الطائش بغضب شديد. وبحسب المعلومات، فإنّ السيّدة التي أصابها الرصاص هي زوجة شقيق الشيخ، وإنّ إصابتها جاءت طفيفة لكن ردّ فعل رئيس البلدية كان عنيفاً بسبب تكرار هذه الحوادث والخوف من فقدان أيّ شخص نتيجة الإهمال.

ويقول الشيخ لـ”لبنان الكبير”: “أصيبت زوجة أخي سعدى عجاج الحسن برصاص في قدمها وهي في حال صحيّة جيدة، لكن حال الغضب التي انتابتني كانت بسبب تكرار هذه الحوادث التي يزيد عددها علة الـ 10، وسبق أن قتلت امرأة وطفل منذ ما يُقارب الثلاثة أعوام، وغالبًا ما يأتي هذا الرصاص نتيجة مناسبة اجتماعية كزفاف، عزاء، أو خروج أحد الأشخاص من السجن كما حدث منذ ساعات مثلًا…”.

ويُضيف: “يوميًا، يقوم الجيش السوري بإطلاق الرصاص أيضًا وكنّا قد أبلغنا القوى الرسمية اللبنانية لمرات عدّة بالأمر لإيجاد حلّ لهذه المشكلة، لكن لا توجد حلول مع غياب التنسيق الأمني بينهما”.

ومع زيارة وفد سوري للبلدة للتخفيف من حدّة الاحتقان الشعبي، يُشدّد الشيخ على تعهدات ووعود من الطرف السوري للحدّ من تفاقم هذه الظاهرة، لافتًا إلى ضرورة حدوث تنسيق مشترك ولا سيما أنّ إطلاق الرصاص أحيانًا قد يحصل من وادي خالد أيضًا.

ووفق المعلومات، فإنّ بعض الشبان قطعوا الطرقات الحدودية بين الطرفين، مما يمنعهم من الوصول إلى الداخل اللبناني، الأمر الذي يُعدّ عاملًا خانقًا اقتصاديًا نظرًا لعمل بعضهم في تهريب الأشخاص والمحروقات وغيرها، مما يدفعهم مرغمين إلى إرسال وفد لم تكن زيارته إلى لبنان بسبب هذا الموضوع هي الأولى من نوعها، ويبدو أنّها لن تكون الأخيرة.

ويختم قائلًا: “غضبٌ كبير في وادي خالد حاليًا ناتج من هذه الحوادث التي إنْ تسبّبت بقتل أو إحداث ضرر لأيّ شخص، لن نسكت أبدًا وسنأخذ بثأرنا من القاتل بسبب غياب القانون”.

وكان عقد اجتماع في قاعة آل الكايد في العماير بين رئيس بلدية العماير رجم عيسى الشيخ أحمد الشيخ ومختار بلدة العماير وكلّ من الشيخ سويدان السويلم وسويدان العويشي وممدوح نجم المنفي موفدين من أهل قرية العويشات السورية، حيث تمّ “التعهد بعدم إطلاق النّار العشوائي بأيّ مناسبة كانت باتجاه كافة قرى وادي خالد”، معلنين التزامهم بتحمّل المسؤولية كاملة عند تكرار مثل هذه الحوادث.

الوريدي: سلاحٌ سوريّ متفلّت

يرى رئيس رابطة مختاري وادي خالد مروان الوريدي أنّ السوريين في المنطقة الحدودية لديهم سلاح متفلّت. ويقول لـ “لبنان الكبير”: “منذ أسبوع اشتعلت الأجواء بالرصاص بسبب زفاف أحدهم وفي فترة سابقة أصيب جنديّ من الجيش اللبناني، ويوميًا يتواصل الجيش السوري مع دورياته المشتركة بالرصاص أيضًا، مما يجعلنا في حال توتر وخوف من احتمال حصول وفاة مما يُؤدّي إلى حدوث ردّ فعل، مشيرًا إلى أنّ بلدة العويشات السورية تزيد نسبة اللبنانيين فيها على الـ 70 في المئة يُطلق غالبًا الشبان فيها الرصاص في حال ولدت بقرة لديهم، ومشدّدًا على ضرورة إيجاد حلول مناسبة للحدّ من حال الغضب”.

شارك المقال