تنوّع المأكولات يغيب في رمضان… واقتراحات بديلة!

راما الجراح

اعتاد اللبنانيون خلال شهر رمضان على تنوع أصناف المأكولات على موائدهم، لكن هذا العام ستغيب أصناف عدة عن سُفرة العائلة، ليس لأنها غير متوفرة في الأسواق، بل لأن أسعارها تفوق قدرة اللبنانيين على شرائها بشكل يومي أو حتى أسبوعي على مدى شهر رمضان المبارك. فبعد أن أصبح الراتب الشهري للعدد الأكبر من اللبنانيين يتراوح ما بين ٥٠ و٦٠ دولاراً، ستصبح تلقائياً الكثير من الأطعمة صعبة المنال.

وفي هذا السياق، أكد نقيب مستوردي المواد الغذائية هاني البحصلي أنه “لن يكون هناك مجاعة ونحن في أزمة كبيرة نتيجة الحرب في أوكرانيا وشحّ الدولار ولا سيما لناحية القمح والزيت لكن لا مشكلة في المواد الأخرى”.

وأفاد البحصلي بأن “تأمين بدائل الزيت من أوكرانيا عبر الانتاج المحلّي الذي يستورد المواد الخام من دول أخرى وأبرزها أوكرانيا”. ودعا الناس “للتريّث وعدم التخزين بكميات كبرى، مشيراً إلى أن السلع متوافرة لشهر رمضان ولا مشكلة في السكر والحبوب والمواد الأساسية لكن سترتفع الأسعار”.

غياب أصناف وحلول بديلة

ومن بين الأصناف التي من المؤكد أنها ستغيب بشكل شبه نهائي عن موائد عائلات كثيرة، صحن الفتوش الذي يعتبر طبقاً رئيسياً في رمضان لحاجة الجسم لفوائد الخضار في هذا الشهر. فقد باتت العائلة التي تتكون من ٤ أشخاص مثلا تحتاج بشكل يومي لحوالي ٢٠٠ ألف ليرة لبنانية فقط ثمن “جاط” الفتوش بينما كانت كلفته تساوي حوالي ٣٠ ألفا كحد أقصى، مما يعني أن أكثرية العائلات في لبنان ستعاني لتأمين السلع والمكونات الأساسية لموائدها خلال شهر رمضان. وسيدفع التضخم العائلات نحو التكيف السلبي معه، إما عبر تخفيض كميات الطعام أو الاعتماد على بدائل أرخص كالنشويات مكان الخضار واللحوم، وما سينتج عن ذلك من سوء تغذية.

وهذا ما أكدته اخصائية التغذية نبيلة الميس لـ”لبنان الكبير” إذ قالت: “لا شك أن الصيام مع قلة التغذية يؤدي إلى الكثير من المشاكل الصحية والنقص في المعادن والحديد والبروتينات التي يحتاجها الجسم ليكون بصحة جيدة. وهذا الأمر للأسف متوقع الحدوث هذا العام تحديداً في لبنان بسبب الأزمة الاقتصادية والضائقة المادية التي يعاني منها أكثر من ٨٠٪ من السكان، وعليه من الضروري توجيه الناس ومساعدتهم عبر استبدال أصناف بأخرى تحتوي على الفائدة عينها تقريبا لكن بكلفة أقل مثلا، ومن ناحية أخرى توجههم للسعي إلى الحد منها”.

وأضافت: “العائلات التي اعتادت من قبل على التنوّع في الأصناف بشكل كبير على مائدة رمضان، يمكنها خفض عدد الأطباق على السفرة إلى طبق أو اثنين مثلا، وبدلا من التنوّع المفرط باطباق ليست مغذية، اللجوء إلى صحن الفتوش لأنه مهم وضروري للجسم في فترة الصيام خصوصاً. ومن جهة أخرى هناك العائلات التي لا يخولها وضعها المادي الا تحضير طبق رئيسي على الإفطار، يمكننا في هذه الحالة تحضير هذا الطبق وبدلا من صحن الفتوش والفيتامينات والالياف الموجودة فيه، يمكن لهذه العائلات استبداله بالحبوب (العدس، الحمص، الفاصوليا)، حتى اللحوم يمكن أن نستبدلها بهذه الاصناف لأنها تحتوي على البروتينات التي تحتاجها أجسامنا أيضا”.

استفتاء حول مائدة رمضان

على غير عادتها، لن تذهب أم خالد (أم لثلاثة أولاد) هذا العام إلى السوبرماركت قبل بدء شهر رمضان لشراء كميات من المواد الغذائية لموائد الإفطار، بل ستشتري حاجياتها بشكل متدرج ويومي تقريباً لعدم قدرتها على دفع ثمنها مرة واحدة والاكتفاء بالأهم منها بعد ارتفاع الأسعار بشكل جنوني.

وقالت: “الفاتورة التي كنا نقوم بتموينها لشهر رمضان كانت تبلغ كحد أقصى مليون ليرة، وكانت تكفينا طوال شهر الخير، أما اليوم هذا المبلغ يساوي سعر ١٠ ليتر زيت وكيلو لحمة، أي أن الوضع كارثي أكثر مما نتصور، وهناك أقاويل في العديد من المحال التجارية أن الأسعار سترتفع أكثر مع بداية شهر رمضان، وكأن الأمر استغلال لحاجات الناس الضرورية واضطرارهم لشرائها ولو “بالدّين” بسبب الصيام”.

الواقع عينه تحدث عنه طارق ع. (أب لطفلين) يعيش مع والديه، وقال أن “مائدة الإفطار هذا العام ستكون “على قدنا” والحاجات التي سنشتريها نحاول اختيارها بدقة من الآن قبل أن ترتفع أسعارها أكثر، لكن بكل أسف لن استطيع تأمين مائدة رمضانية لأهلي وعائلتي كما في السابق، وسأضطر إلى الطلب من زوجتي الاستغناء عن عدة أصناف وأن تقتصر على الطبق الأساسي فقط”.

الأزمات التي تعصف بلبنان حدّت من القدرة الشرائية لدى الأفراد، الأمر الذي يُنذر بكارثة غذائية على المدى القريب ما لم يتم اجتراح حلول ولو آنية، فما نفع التطمينات عن عدم انقطاع المواد خلال شهر رمضان في الوقت الذي لا يملك المواطن ثمن شرائها؟!

شارك المقال