كيف يحمي اللقاح في المحيط الموبوء؟

تالا الحريري

مع تكاثر الفيروسات وتجدد القديمة منها، بات العالم موبوءاً، وأصبحت الحماية الشخصية والمجتمعية ضرورية. فالجراثيم ليست في الهواء وحسب، بل داخل أجسامنا أيضاً ومنها ما يسبب المرض الشديد أو يؤدي إلى الموت. هنا تكمن أهمية التعرف على الحماية الأولى والأساسية وهي اللقاحات، وبما أنّ هناك جدلاً حول فاعلية اللقاح وما إذا كان خطيراً، لا بد من التعرف عليه علمياً.

اللقاحات ومحتوياتها

تحتوي كل اللقاحات على مكوّن نشط (المستضد) يولّد استجابة مناعية. يكون المستضد جزءاً صغيراً أو كاملاً من الكائن الحي المسبب للمرض. تعمل الأضداد الخاصة بالمستضد مع بقية عناصر الجهاز المناعي عند إنتاجها، على تدمير العامل الممرض. وعموماً لا تحمي هذه الأضداد من عامل ممرض آخر إلا إذا كان العاملان الممرضان متشابهين. وعند الاستجابة الأولية، تتكون خلايا ذاكرة منتجة للأضداد تظل حية حتى بعد تغلّب الأضداد على العامل الممرض. ففي الاصابة الثانية، تكون الاستجابة أسرع بكثير وأكثر فاعلية من المرة الأولى لأن خلايا الذاكرة تكون جاهزة.

يحتوي اللقاح على مواد حافظة في حال استخدم لتطعيم أكثر من شخص وذلك لكي يمنع تلوث اللقاح عند فتح القارورة. مادة ثنائي فينوكسي إيثانول هي أكثر المواد الحافظة شيوعاً واستُخدمت لسنوات عديدة في عدد من اللقاحات، وتعتبر مادة آمنة لاستخدامها فيها لأنها قليلة السمية لدى الإنسان.

كما يحتوي اللقاح على المثبتات من السكريات (اللاكتوز والسكروز)، والأحماض الأمينية (الغليسين)، والهلام، والبروتينات (الألبومين البشري المأشوب المشتق من الخميرة)، التي تمنع حدوث تفاعلات كيميائية داخل اللقاح وتحول دون التصاق مكوّناته بالقارورة.

تحافظ المواد الفاعلة بالسطح على الامتزاج الجيد لجميع مكوّنات اللقاح، وتحول دون ترسّب العناصر الموجودة في الشكل السائل للقاح وتكتلها. المادة المخففة هي سائل يُستخدم لتخفيف لقاح كي يبلغ مستوى التركيز الصحيح قُبيل استخدامه، والمادة المخففة الأكثر استخداماً هي الماء المعقم. كما تحتوي بعض اللقاحات على مواد مساعدة تحسن من الاستجابة المناعية للقاح.

شروط الموافقة على اللقاح

تُختبر اللقاحات لدى متطوعين من الشباب البالغين والمتمتعين بصحة جيدة، وعندما تتوافر نتائج جميع هذه التجارب السريرية، تجرى عمليات لاستعراض النجاعة والمأمونية من أجل الحصول على الموافقة التنظيمية وموافقة سياسات الصحة العامة. ويستعرض المسؤولون في كل بلد عن كثب بيانات الدراسة ويقررون التصريح أو عدم التصريح باستخدام اللقاح. وتُجرى عمليات رصد إضافية باستمرار بعد بدء استخدام اللقاح، ما يمكّن العلماء من تتبع تأثير اللقاحات ومأمونيتها حتى عند استخدامها لدى عدد كبير من الأشخاص، على مدى فترة زمنية طويلة، وتُستخدم هذه البيانات لتعديل السياسات الخاصة باستخدام اللقاحات بهدف تحسين تأثيرها على وجه أمثل.

المناعة المجتمعية

عندما يتلقّى شخص ما اللقاح، فإن من المحتمل جداً أن يتمتع بالحماية ضد المرض المستهدف. لكن هناك فئات يتعذّر عليها تلقي اللقاح، مثل المصابين باعتلالات صحية كامنة تسبب إضعاف جهازهم المناعي مثل السرطان أو فيروس العوز المناعي البشري أو الذين يعانون من حساسية شديدة لبعض مكونات اللقاحات. لذلك فإنّ اللقاح، عند إنتشاره بين عدد كبير من أفراد المجتمع المحلي، سيصعب على العامل الممرض الانتشار ويقلّ احتمال تعرّض الأشخاص الذين تتعذّر حمايتهم باللقاحات لخطر العوامل الممرضة الضارة. ويُطلق على ذلك المناعة المجتمعية، أو ما يُعرف عموماً بمناعة القطيع.

وتتطلب بعض اللقاحات جرعات متعددة، تُعطى في فترة زمنية فاصلة قدرها أسابيع أو أشهر. وفي بعض الأحيان، يعد ذلك ضرورياً لإتاحة إنتاج أضداد طويلة العمر.

شارك المقال