الوضع الصحي شمالاً يخرج عن السيطرة والكارثة تهدد كلّ لبنان!

إسراء ديب
إسراء ديب

خرج الوضع الصحي عن السيطرة في مختلف المناطق الشمالية ومنها بلدة ببنين – العبدة وكذلك الضنية، نتيجة انتشار مرض الكوليرا بصورة سريعة بين أبنائهما، خصوصاً في ظلّ عدم قيام المعنيين بخطوة تُسهم في إعادة التيار الكهربائي إلى هذه البلدات لاعادة ضخّ المياه كيّ لا يضطر أبناؤها من اللبنانيين أو النازحين السوريين الى اللجوء لمصادر ملوّثة وغير آمنة تدفع إلى مزيدٍ من العدوى القاهرة.

وكانت صورة تُشير إلى عدد الاصابات بين مناطق أو محافظات لبنانية أثارت الجدل شمالاً، لا سيما بعدما احتلّت ببنين المرتبة الأولى من حيث العدد إذْ تجاوز الـ 60 حالة مع تسجيل حالات وفاة، في وقتٍ يُسجّل قضاء المنية – الضنية ارتفاعاً واضحاً في الاصابات، الأمر الذي يُشير إلى خطورة الأزمة التي تُسيطر على مختلف المحافظات الشمالية.

ولم يستجب المعنيون للمناشدات بضرورة تزويد أبناء الشمال بالمياه النظيفة أو على الأقلّ تأمين التيار الكهربائي لهم لتشغيل مضخات المياه، الأمر الذي رفع عدد المصابين سريعاً وسط عجز واضح من المستشفيات التي رفعت راية الاستسلام مع نقص المواد المتاحة للعلاج وغلاء الأسعار وعدم وجود أسّرة فارغة و”تفويل” غير مسبوق بمصابين بهذا الوباء الذي يُدرك الآباء وكذلك الأجداد حجم خطورته، خصوصاً مع عدم تمكّن البلديات من تحمّل مسؤولياتها مع شدّة الأزمات الاقتصادية.

وفي السياق، أوضح رئيس قسم الصحّة في اتحاد بلديات الضنّية، محمد سلمى أنّ المسؤولية لا تقتصر على وزارة الصحة فحسب، بل تتحمّل وزارات البيئة، الزراعة والطاقة هذه المسؤولية أيضاً. وقال لـ “لبنان الكبير”: “الحالات في هذا القضاء تزداد باستمرار ونضطر الى نقلها إلى مستشفيات حكومية لاسيما مستشفى طرابلس الحكومي، لكن لا نخفي الأزمة الكبيرة التي نعاني منها نظراً الى وجود مستشفى واحد في الضنية لكنّه غير مجهز حتّى لإجراء فحوص وهو مستشفى سير الحكومي، أمّا مستشفى المنية الحكوميّ فقد امتلأ بالحالات وكذلك مستشفى الخير، وصحيح أنّنا نحاول تجهيز مستوصف للأسبوع المقبل في محاولة لاستقبال الاصابات بحالاتها المتوسطة أو البسيطة، لكنّنا نعاني حرفياً”.

ونبّه سلمى على احتمال عودة مشهد كورونا الخطير إلى الواجهة من جديد لكن هذه المرّة مع الكوليرا، محذراً من “كارثة نتجه إليها وإن لم تُحلّ فسينتشر الوباء في لبنان كلّه”.

وإذْ شدّد على شدّة التقصير والاهمال الخطير من وزارة الصحة، لفت إلى أنّها لا تتحمّل وحدها هذه المسؤولية، “وعلى الوزارات المعنية كافة أن تتعاون للتنسيق في ما بينها للحدّ من انتشار الأوبئة والأمراض”، مشيراً إلى أنّ أكثر الحالات المصابة باتت تضرب الفئات العمرية كلّها لكنّها تُؤثر على كبار السنّ والصغار بصورة كبيرة، “ونحاول مواجهتها بالطرق كافة على الرّغم من عدم توافر بعض المواد الأساسية ما ينعكس على صحة التشخيص والعلاج”. وتمنى “أن ينتشر الوعي اجتماعياً، فالكوليرا ليس كذبة أبداً ولا يجب الاستهانة به”.

ووفق المعطيات فإنّ وزارة الصحة لا تقوم حتّى اللحظة، بإبلاغ القطاع الصحي في الضنية بالحالات المصابة كما يجب ولم تُحقّق بعد بمصدر هذا الوباء في القضاء، وهو دورها الذي يجب أن تقوم به في هذه الأزمة، بل يقوم الأهالي بإبلاغ الأقسام المعنية بهذه الحالات التي غالباً ما تنقل إلى المستشفى وإن كانت خطيرة، فيما تُعالج بعض الحالات من المنزل وسط تدخل من الممرضين الذين يقومون بذلك.

كما أشار مصدر من القضاء لـ “لبنان الكبير” إلى أنّ “التلوث يُعدّ السبب الرئيس لهذه الحالات، فالضنية الغنية بالمياه، غالبية مناطقها مرتفعة، ولا تحتاج إلى ضخّ للمياه، ما يعني أنّها لا تُعاني من أزمة مياه التي قيل عنها انّها من ضمن الأسباب التي تُؤدّي إلى هذا الوباء، وعلى ما يبدو أنّ التلوّث يأتي أيضاَ من مياه الدّولة وهذا لا يُعدّ خافياً على أحد”، موضحاً أنّ أيّاً من المعنيين أو السياسيين القدامى أو الجدد لم يحاول التواصل مع المتخصّصين في هذا المجال أو المسؤولين عن القطاع الصحي في القضاء للمساعدة أو لتقديم دعم معنوي.

وزير الصحة في طرابلس

إلى ذلك، جال وزير الصحة العامّة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض في طرابلس التي ينتشر فيها الوباء أيضاً (لكن ليس بمستوى الانتشار عينه الذي تُواجهه مناطق أو مدن أخرى)، وعقد اجتماعاً في قاعة الاستقلال في سرايا المدينة، مع لجنة إدارة الكوارث والأزمات، وعلى الرّغم من وضعه خطّة للعمل لاقت استحساناً من الأوساط الطرابلسية، إلا أنّها تبقى محاولات بطيئة في وقتٍ ينتشر الوباء بسرعة البرق، خصوصاً مع فتح أبواب المدارس. كما استكمل الأبيض جولته الشمالية، في تأكيد منه على متابعة الوزارة لتطوّرات هذا الوباء.

وكان رئيس بلديّة ببنين – العبدة، كفاح الكسار أكد في بيان سابق أنّ ما يحدث اليوم في موضوع انتشار إصابات الكوليرا كان متوقعاً، “وسببه الإهمال المتواصل لكثيرٍ من مرجعيات هذا البلد التي لم تكن تستمع الى صراخنا عندما كنّا نصرخ قائلين إنّ هناك قنبلة موقوتة اسمها المياه”. وقال: “تسود حال من الغليان والغضب لم نشهد لها مثيلاً في مناطقنا وشوارعنا، وعتبنا كبير على وزارة الصحة التي كانت تتعمّد عدم الردّ على اتصالاتنا، حتى بتنا نشعر وكأنّنا كالأيتام على موائد اللئام…”.

شارك المقال