فواتير الكهرباء بالمليارات… وخيار أصحاب المؤسسات عدم الدفع

راما الجراح

تعتمد الفاتورة الجديدة لمؤسسة كهرباء لبنان على طريقة احتساب خاصة، فالتعرفة الجديدة الثابتة هي ٢٦ سنتاً رسم عداد عن كلّ أمبير، وتبدأ باحتساب ١٠ سنتات لأول ١٠٠ كيلواط/ ساعة و٢٦ سنتاً لكلّ استهلاك يزيد على المئة كيلواط/ ساعة. ورفع أصحاب المؤسسات الصناعية والانتاجية والمعامل في البقاع الصوت بعد أسعار الفواتير الخيالية، وعقدوا لقاء تشاورياً تضامنياً موسعاً تباحثوا خلاله في أزمة ارتفاع الفواتير، ورفضوا التعرفة الباهظة التي أقرتها المؤسسة. وشارك في اللقاء عدد من أصحاب المصانع والمزارع والمحال التجارية والفنادق والمطاعم والمستشفيات والمختبرات وأصحاب المهن الحرة والبرادات ومعاصر الزيتون، بالاضافة إلى مشاركة عدد من النواب وممثلين عنهم وفعاليات من المنطقة، أكدوا أنه لا إمكان للقبول بهذه الفواتير بأي شكل من الأشكال.

واعتبر النائب ياسين ياسين في حديث عبر “لبنان الكبير” أن “أزمة الكهرباء أهم ركن في أسباب الانهيار الاقتصادي وعجز الـ ٤٠ مليار دولار، بحيث شكلت وزارة الطاقة حلبة صراع بين أركان المنظومة على تولي إدارتها، واحتكرها التيار الوطني الحر لسنوات طويلة رافضاً التنازل عنها ليعبث الفساد في مرافقها كافة. وعليه، كان أحد المطالب الأساسية لصندوق النقد الدولي رفع الدعم، ما دفع حكومة العهد الأخيرة والتي تصرّف الأعمال حالياً باتجاه قرار مجلس إدارة كهرباء لبنان الصادر في 5/8/2022، والذي يربط بين تنفيذ الخطة وتعاون وزارات العدل والداخلية والدفاع والمالية ومصرف لبنان، إضافة إلى مجلس الوزراء”.

أضاف: “كهرباء لبنان اعتبرت أن نجاح الخطة يتطلب صرف واردات المؤسسة بالليرة اللبنانية إلى دولار أميركي، بصورة منتظمة، حسب سعر الصرف على منصة صيرفة الذي سوف يحدّده شهرياً مصرف لبنان لتسديد التزامات مؤسسة كهرباء لبنان المالية، بما فيها شراء المحروقات وأعمال التشغيل والصيانة والتصليحات للمنشآت والتجهيزات، تأمين المؤازرة الأمنية من جانب القوى الأمنية لفِرق المؤسسة في حملات نزع التعديات على الشبكة الكهربائية، لحظ الاعتمادات اللازمة في الموازنة العامة للدولة وموازنات المؤسسات العامة، بما فيها مصالح المياه وموازنات البلديات وغيرها من هيئات القطاع العام، لتسديد فواتير استهلاكها للكهرباء حسب التعرفة الجديدة، والطلب من الحكومة اللبنانية تأمين التمويل اللازم لدفع فواتير استهلاك الطاقة الكهربائية من مخيّمات غير اللبنانيين”.

وأوضح ياسين أن “عدم التقيّد بالشروط المذكورة سيدفع المؤسسة إلى رفع المعدل الوسطي لتعرفة مبيع الطاقة من ٢٧ سنتاً إلى حوالي 37.6 سنتاً لكل كيلوواط من أجل تأمين التوازن المالي، علماً أن التعرفة المخفّضة المحددة بـ١٠سنتات يُفترض أن تعوّض من خلال الشق الثابت من التعرفة لجميع المشتركين، والذي يحدد كالتالي: ٢١ سنتاً عن كل أمبير واحد (غالبية العدادات المنزلية قدرتها ١٥ أمبير) زائد ٤.٣ دولارات بدل تأهيل”.

وأشار الى أن “مجلس إدارتها وافق في اجتماعه الأخير في ٢١-١٢- ٢٠٢٢ على خطة لنزع التعديات تعتمد على منطق من لا يدفع لا يحصل على الكهرباء. ففي حين يصل الهدر غير الفني إلى ٣٦٪ ستعمد المؤسسة إلى خفض هذا الهدر من خلال التنظيف، كما يسمي موظفو كهرباء لبنان عملية نزع التعديات، كل مخرج تغذية (عدد المخارج المنبثقة عن المحطات الـ ٧٨ هو ٨٠٠ مخرج) قبل زيادة عدد ساعات التغذية عليه. لكن مشكلة هذه الخطوة أنها تتسم بغياب العدالة. فإذا كان في منطقة ما ٢٠٪ ممن يحصلون على الكهرباء بطرق غير قانونية، فلا يمكن تحميل المسؤولية للـ٨٠٪ الملتزمين بالدفع. وبالتالي الأجدى تطبيق شعار من لا يدفع لا يحصل على الكهرباء بصورة فردية لا جماعية، وهذا ما يسبب زيادة في قيمة الفاتورة”.

وعن الحلول، رأى ياسين أن “هناك ثلاثة حلول، الأول زيادة ساعات التغذية يؤدي الى انخفاض الكلفة الكلية وبالتالي انخفاض الأسعار، الثاني وقف الهدر والتعديات لكي يشارك الجميع في عمليات الدفع ما يؤدي الى انخفاض الأسعار، والأخير التوقف عن عمل الصفقات المشبوهة في وزارة الطاقة في مناقصات الفيول ما يؤدي الى انخفاض الكلفة الكلية وبالتالي انخفاض الأسعار، وفي حال لم يتم إيجاد أي حل قريب من الطبيعي أن تتأثر الكلفة التشغيلية للمؤسسات الانتاجية ما سيعوق استمرارها في العمل”.

وأكد سليم مهنا صاحب شركة لصناعة الحجر في منطقة راشيا الوادي لـ”لبنان الكبير” أن “لا وجود لتوازن بين مصلحة الدولة ومصلحة الوطن بالنسبة الى الأسعار الارتجالية لفواتير الكهرباء التي تتجاوز الأفراد، فهذا الموضوع وطني يتضمن الاقتصاد الوطني، وحماية كل قطاعات الانتاج، المزارع موجوع، وأصحاب المؤسسات الصناعية، رب العائلة، الحداد والنجار، وكل شخص يستعمل كهرباء، والوجع الأكبر للمستهلك، فأنا أملك شركة لصناعة الحجر الطبيعي، عندما تجبرني الدولة على الانتاج بسعر مرتفع بسبب فواتير الكهرباء العالية سأضطر تلقائياً الى البيع بأسعار عالية، وفي هذه الحالة أفقد قدرة البيع بكميات كبيرة لأن المستهلك يبحث دائماً عن أرخص الأسعار، وفي الوقت نفسه أنا أتعرض للمنافسة بالحجر المصري من الخارج والذي يدخل إلى لبنان بأسعار زهيدة لأن حكومته داعمة لهذا القطاع، وسعر الكيلوواط في الكهرباء أرخص بكثير من لبنان”.

وقال: “قبل التعميم الجديد لمؤسسة كهرباء لبنان، كان الكيلوواط بـ ٦ سنت، اليوم أصبح بـ ٢٦ سنتاً، ولم يكتفوا بذلك، بحيث أعلن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة أنه لن يعطي دولاراً واحداً لتغطية كلفة الفيول إلا إذا أعطيتموني هامش ٢٠ في المئة زيادة عن سعر السوق، يعني ٨٥ ألفاً صيرفة زائد ٢٠٪، وأصبحت الفواتير على سعر صرف ١٠٣ آلاف. وللأسف بعد الفوترة، ووضع بدل تأهيل واشتراك ٣٠٠ دولار على المعمل في الشهر، رفعوا الـ TVA إلى ١١ في المئة، حتى جاءت فاتورة الكهرباء على المعمل ٣٤٧ مليوناً من ضمنها ٤٠ مليوناً TVA عدا عن كل هذا، المنزل تعطيه كهرباء لبنان أول ١٠٠ كيلوواط استهلاك في الشهر بـ ١٠ سنت، أما المعامل من أول كيلوواط بـ ٢٦ سنتاً!”.

وتساءل مهنا: “هل المطلوب منا كأصحاب معامل مرخصة وتلتزم بالضرائب أن تدفع ضريبة الهدر والفساد والزعران الذين لا يدفعون من الأساس والنواب والوزراء الذين ينيرون منازلهم مجاناً؟”، لافتاً الى “أننا بحثنا عن حلول من ضمنها الطاقة الشمسية، ولكن للأسف لا يمكنها أن تتحمل المعامل التي تستهلك ١٥٠ أمبير، إلا إذا أردت أن أمضي بالمشروع تكلفتها ٣٠٠ ألف دولار ولا إمكان لذلك وخصوصاً في بلد غير مستقر من كل النواحي وعندها سنعرض رأسمالنا لخطر كبير”.

وعن الأرقام الخيالية لفواتير الكهرباء، أشار الى أن “أحد معامل الحجر في بلدة القرعون لصاحبه محمد الحسين، جاءت فاتورته على شهرين ٤ مليارات ونصف المليار، يعني ٥٠ ألف دولار، أي ٢٥ ألف دولار في الشهر، ومعملنا فاتورته الشهرية ٢٠٠٠ دولار، وهناك مزارع من مشغرة يستخدم بئراً ارتوازية لري مزروعاته جاءت فاتورته ملياراً و١٠٠ مليون في الوقت الذي أنتج موسمه ٨٠٠ مليون فقط وهذه كارثة كبيرة”.

أضاف: “وضعونا أمام خيار واحد وهو عدم الدفع لأننا وبكل بساطة لا نملك الإمكان لذلك، الحل الوحيد أن تتقوا الله وترجعوا وتراجعوا، ليس من المنطق أن ندفع ٢٦ سنتاً على الكيلوواط مع ضريبة ١١٪، وفي أميركا وكندا وألمانيا وغيرها بـ ١٠ سنت، وفي مصر بـ ٥ سنت! وأنا أدعو إلى حملة وطنية لردع هذه القرارات الفاجرة بحقنا”.

شارك المقال