البنك الدولي: السعودية تنتعش اقتصادياً وترتقي بتمكين المرأة

هدى علاء الدين

تشهد المملكة العربية السعودية نمواً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، لا سيما في القطاع غير النفطي حيث ركزت الحكومة على تنويع الاقتصاد وجذب الاستثمارات الأجنبية، ما أدى إلى زيادة الأنشطة الاقتصادية في العديد من القطاعات الحيوية. ويُتوقع أن يستمر اقتصاد المملكة في النمو خلال السنوات المقبلة أيضاً، وسط سعي حثيث إلى تحقيق رؤية 2030 التي تتضمن أهدافاً طموحة لتنويع الاقتصاد وتحقيق التنمية المستدامة، فضلاً عن التطور المتسارع في مجال تمكين المرأة نتيجة العديد من الاجراءات والقرارات التي تهدف إلى تعزيز دورها في المجتمع وزيادة مشاركتها في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

وفي هذا الاطار، أظهر العدد الأخير من تقرير البنك الدولي، عن آخر المستجدات الاقتصادية لمنطقة الخليج، والذي حمل عنوان “الاصلاحات الهيكلية وتحولات الأعراف الاجتماعية لزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة”، تحقيق الاقتصاد السعودي نمواً بنسبة 4.1 في المئة في العام 2024، ليعكس بذلك توسعاً في القطاعات النفطية وغير النفطية. أما في العام 2023، فتوقع التقرير أن ينكمش قطاع النفط بنسبة 8.4 في المئة، بما يعكس القيود المفروضة على إنتاج النفط والمتفق عليها داخل تحالف أوبك+. إلا أن القطاعات غير النفطية، وبحسب التقرير، ستخفف من حدّة الانكماش، بفضل نموها بنسبة 4.3 في المئة، مدعومة بسياسة مالية أكثر مرونة، واستهلاك خاص قوي، وتعزيز الاستثمارات العامة. وعليه، سيسجل إجمالي الناتج المحلي انكماشاً بنسبة 0.5 في المئة في العام 2023 قبل تحقيق انتعاش العام القادم.

كما أشار التقرير إلى أن القوى العاملة في القطاع الخاص السعودي نمت بصورة مطردة لتبلغ 2.6 مليون عامل في أوائل العام 2023. وبحسب القسم الخاص من التقرير، شهدت المملكة منذ العام 2017 زيادة كبيرة في معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة من جميع الفئات العمرية والمستويات التعليمية. وتضاعفت هذه النسبة في ست سنوات، من 17.4 في المئة في أوائل العام 2017 إلى 36 في المئة في الربع الأول من العام 2023. والأهم من ذلك أن هذه الزيادة في المشاركة لم تؤد إلى البطالة، بل على العكس، انخفضت معدلاتها بحيث وجدت المرأة السعودية فرص عمل في مختلف القطاعات الاقتصادية. وكان هذا التطور الإيجابي نتيجة لحملة الاصلاح الفاعلة التي بدأتها رؤية المملكة 2030 والتي سهّلت بصورة كبيرة انضمام المزيد من النساء إلى القوى العاملة، بالاضافة إلى التحولات في الأعراف الاجتماعية التي تم تسهيلها بفضل التزام الحكومة وعمليات التواصل الفاعلة. وفي هذا الاطار، اعتبر الخبير الاقتصادي الأول في البنك الدولي يوهانس كويتل، أن إنجازات السعودية في تعزيز التمكين الاقتصادي للمرأة في غضون سنوات قليلة مثيرة للإعجاب وتقدم دروساً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والعالم.

وعلى المستوى الخليجي عموماً، أشارت تقديرات البنك الدولي إلى أن اقتصادات منطقة مجلس التعاون الخليجي ستنمو بنسبة 1 في المئة في العام 2023، قبل أن تعاود الارتفاع لتسجل 3.6 في المئة عام 2024 و3.7 في المئة عام 2025. ويُعزى تفاقم ضعف الأداء لهذا العام بصورة أساسية إلى انخفاض أنشطة قطاع النفط الذي يُتوقع أن ينكمش بنسبة 3.9 في المئة، في أعقاب تخفيضات الانتاج المتتالية لمنظمة أوبك+، بالاضافة إلى التباطؤ الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، سيتم تعويض التراجع في أنشطة القطاع النفطي، من خلال القطاعات غير النفطية، التي من المتوقع أن تنمو بنسبة 3.9 في المئة في العام 2023، و3.4 في المئة على المدى المتوسط بدعم من الاستهلاك الخاص المستدام والاستثمارات الاستراتيجية الثابتة والسياسة المالية التيسيرية. ومن أجل الحفاظ على هذا المسار الايجابي، يجب على دول مجلس التعاون الخليجي أن تستمر في ممارسة إدارة حكيمة للاقتصاد الكلي، وفي التزامها بالاصلاحات الهيكلية، وتركز على زيادة صادراتها غير النفطية.

يعكس تقرير البنك الدولي الجهود الحثيثة التي تبذلها المملكة لتعزيز دور المرأة في المجتمع وتحقيق المساواة بين الجنسين، بحيث أصبحت المرأة اليوم جزءاً لا يتجزأ من مسيرة التنمية والتقدم فيها. فقد حققت السعودية تقدماً ملحوظاً في مجال سد الفجوة بين الجنسين، بحيث جاءت ضمن أفضل 3 دول تحسناً على مستوى العالم في هذا المجال للعام 2022، بحسب تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي. كما تعكس توقعات استمرار النمو في القطاع غير النفطي صلابة السياسة المالية الموجهة نحو تحقيق النمو المستدام، مع التركيز على زيادة الإنفاق الاستثماري الذي سيحفز النمو في العام 2024 من خلال زيادة الانتاجية وخلق فرص العمل وتحسين البنية التحتية.

شارك المقال