الصادرات الزراعية تتراجع ٨٠%… جلسة حكومية لإغاثة القطاع؟

راما الجراح

في البلدان الصناعية المتطورة، تعد الزراعة التي تحقق مفهوم الأمن الغذائي مؤشراً اقتصادياً للتنمية الاجتماعية. ولكن في لبنان يبدو المشهد مختلفاً، فهذا القطاع الذي يُساهم بنحو ٧٪ من الناتج المحلي الاجمالي، يعاني إهمالاً مستمراً منذ عقود. وبينما يرزح البلد تحت وطأة الانهيار الاقتصادي، يقفُ القطاعُ الزراعي على مفترق طرق بين اليأس والوعود بحلول قريبة، ومنذ بداية الأزمة في تشرين الأوّل ٢٠١٩، شهدت الزراعة تدهوراً متسارعاً، ما أدّى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية في ظل المخاوف المُلِحّة بشأن الأمن الغذائي.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” يحتوي لبنان على أعلى نسبة من الأراضي الصالحة للزراعة في العالم العربي. فمع أكثر من ٢٠٠٠٠٠ هكتار (٤٩٤٠٠٠ فدّان)، تؤدّي الزراعة دوراً ثانوياً نسبياً في اقتصاد لبنان، وتُمثِّل ٧% فقط من إجمالي الناتج المحلّي الوطني، وتستأثر بـ ٨% من اليد العاملة الفاعلة. وفي المناطق الريفية مثل عكار والضنية والبقاع، تساهم الأنشطة الزراعية بصورة كبيرة في إجمالي الناتج المحلي، بحيث تشكل ما يصل إلى ٨٠٪ من الناتج الاقتصادي. وقد حدّدت المنظمة قطاع الأغذية الزراعية باعتباره مصدراً أساسياً وسريع النمو لفرص العمل في لبنان.

تتصف الزراعة اللبنانية بمعظمها بارتفاع تكاليف الانتاج بسبب ارتفاع أسعار عوامل الانتاج الزراعي بدءاً من التكاليف الثابتة، بما في ذلك إيجار الأراضي الزراعية، بالاضافة إلى الحيازات الصغيرة التي لا تستطيع الافادة من وفورات الانتاج الكبير. وكان للأزمة الاقتصادية وقع كبير على الانتاج الزراعي، ما قلّص حجمه، لأن المزارعين يعانون من نقص في الوقود والأسمدة وغيرها من العوامل. وهذا الانخفاض في الانتاج الزراعي أدّى إلى انخفاض حجم الصادرات والقدرة التنافسية إزاء منتجات مماثلة تنتجها بلدان أخرى، فضلاً عن أن المزارعين اللبنانيين لا يستطيعون منافسة المنتجات المستوردة الأقل سعراً.

ووصف رئيس تجمع المزارعين والفلاحين ابراهيم الترشيشي الواقع بعبارة “الحل موجود بس ما في مسؤول بيحب الحل”، بمعنى أن إهمال المسؤولين لحل المشكلات الزراعية أدى إلى تراكمها بهذا الشكل، مشيراً في حديثه عبر “لبنان الكبير” إلى أن “الدولة تعاقب المزارعين وتعمل على افلاسهم وخفض مساحة الأراضي الزراعية وتشريع الاستيراد بصورة قاتلة للمنتجات المحلية”.

ومن المشكلات الأساسية في هذا القطاع بحسب الترشيشي أن “الأسعار لا تصل إلى نصف كلفة الانتاج على غالبية الأصناف، بدءاً من الحشائش الى الفاكهة والخضار وصولاً الى البطاطا والبصل العكاري الذي يصرخ مزارعوه مع بداية مواسم القلع وللسنة الثالثة على التوالي”.

ولا يخفى على أحد أن من المشكلات الكبرى التي واجهت المزارعين إغلاق الأسواق الاقليمية أمام المنتجات اللبنانية، الأمر الذي أدى إلى إغراق الأسواق المحلية بكميات كبيرة من المنتجات متخطّياً قدرتها الاستيعابيّة لصرف هذه الكميات ما دفع بالمزارع اللبناني إلى تلفها، وهو الذي لا ضمانات له، ولا تعويضات للخسائر التي يتكبّدها في المحصول، إضافة إلى الأزمة التي لم ترحم المزارعين الذين يتكبّدون كلفة تبريد المنتجات المكلفة التي اعتمدت على نظام الطاقة الشمسية جراء انقطاع التيار الكهربائي.

ومن العقبات التي تحدث عنها الترشيشي “الضريبة السورية المفروضة على الشاحنات اللبنانية منذ أكثر من عشر سنوات، على الرغم من أن سوريا فتحت باب استيراد البطاطا من عدة دول لغاية ١٥ أيار المقبل باستثناء لبنان الذي لا يسمح الاستيراد منه، علماً أن لبنان لديه أكثر من ٢٠٠ طن من المنتجات الزراعية يومياً وعلى مدار السنة وعليه نضع هذا الاستثناء برسم من يعنيهم الأمر”.

وبالنسبة الى الصادرات، يجب أن يصدر لبنان في مثل هذه الأيام ما يزيد عن ٥٠ شاحنة في اليوم الواحد، انما الصادرات اليوم لا تزيد عن ٥ شاحنات يومياً وهذا أمر كارثي ويعني تراجعها بنسبة تفوق ٨٠٪، بالاضافة إلى أن التصدير البحري متوقف حالياً بسبب الأوضاع الأمنية، بحسب الترشيشي الذي طالب عبر” لبنان الكبير” بجلسة حكومية تكون على جدول أعمالها إغاثة القطاع الزراعي وإزالة العوائق أمام تصدير منتجاته، والعمل على فتح قنوات جدية مع كل الدول العربية.

شارك المقال