قلق دولي متزايد على مدنيي غزة والمجاعة “وشيكة لا مفرّ منها”

لبنان الكبير

تثير الظروف التي يعيشها أكثر من مليوني شخص في قطاع غزة قلقاً دولياً متزايداً على الرغم من الآمال في التوصل الى هدنة محتملة قبل شهر رمضان تعمل عليها الدوحة والقاهرة وواشنطن، بعد نحو خمسة أشهر من حرب مدمّرة بين إسرائيل و”حماس”.

وقصف الجيش الاسرائيلي مجدداً اليوم الأربعاء قطاع غزة حيث خلّفت الحرب نحو 30 ألف قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة لـ “حماس”، وتهدّد السكان بالمجاعة، وفق الأمم المتحدة.

وحذّرت الأمم المتحدة من “مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريباً” تهدد 2,2 مليون شخص يشكّلون الغالبية العظمى من سكان القطاع الفلسطيني المحاصر، لا سيما في الشمال حيث يحول الدمار الواسع والمعارك والنهب دون إيصال المساعدات الانسانية.

وسبق للمنظمات الدولية أن حذّرت من أن المساعدات التي تدخل القطاع شحيحة جداً، ولا تكفي حاجات السكان.

وشدّدت الأمم المتحدة الثلاثاء على أن “مجاعة واسعة النطاق لا مفرّ منها تقريباً” في غزة، خصوصاً في الشمال حيث أصبحت المجاعة “وشيكة”.

وقال نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي كارل سكاو أمام مجلس الأمن الدولي: “ما لم يحدث أي تغيير، فإن شمال غزة يواجه مجاعة وشيكة. …علينا أن نثابر ونتحمّل مسؤولياتنا حتى لا يحدث ذلك أمام أعيننا”.

وتحدّث راميش راجاسينغهام باسم منسق الأمم المتحدة للشؤون الانسانية مارتن غريفيث، عن تفشٍّ للمجاعة “لا يمكن تجنّبه تقريباً”.

وقال: “نحن في نهاية شهر شباط/فبراير، وهناك ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع السكان، على بعد خطوة واحدة من المجاعة. ويعاني واحد من كلّ ستة أطفال تحت سنّ الثانية في شمال غزة من سوء التغذية الحاد والهزال”.

وأضاف: “عملياً، يعتمد جميع سكان غزة تقريباً على المساعدات الانسانية غير الكافية للبقاء على قيد الحياة”. ودعا مجلس الأمن الدولي إلى التحرك.

ولكن القصف الاسرائيلي لا يهدأ، واستهدف خلال الليل مرة أخرى حي الزيتون في مدينة غزة حيث وردت أنباء عن قتال في الشوارع، وفق مصادر “حماس” وشهود، وخان يونس ورفح في الجنوب، بحسب ما أفادت في وكالة “فرانس برس”.

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع، قتل 91 شخصاً على الأقل في القصف في مناطق مختلفة من القطاع المحاصر ليل الثلاثاء – الأربعاء.

ويواصل الجيش الاسرائيلي تنفيذ عمليات برية في خان يونس التي تحوّلت إلى ركام، فيما يستعد لهجوم بري في رفح الواقعة على بعد بضعة كيلومترات إلى الجنوب وحيث يتكدس وفقاً للأمم المتحدة، نحو مليون ونصف المليون فلسطيني معظمهم من النازحين، محاصرين في المدينة الواقعة على الحدود المغلقة مع مصر.

وكرّر رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مراراً أن العملية على رفح لا مفرّ منها لتحقيق “نصر كامل” على “حماس”، مشيراً الى خطة لإجلاء المدنيين من المنطقة.

وقال المتحدث باسم الجيش دانيال هغاري الثلاثاء خلال مؤتمر لمنظمة الصهيونية العالمية: “من المنظار العسكري، لدينا علاقة ممتازة مع مصر، وعلينا أن نصغي الى المصريين ومصالحهم. يوجد اليوم 1,4 مليون شخص في رفح، لا يمكننا أن ننفذ عملية بوجودهم”.

وفي مقابلة مع شبكة “سي أن أن” من رفح، قال رئيس المجلس النروجي للاجئين يان إيغلاند إنه لم يسبق له أن رأى “مكاناً يتعرّض لهذا القدر من القصف على مدى هذه الفترة الطويلة مع سكان محاصرين الى هذا الحد من دون أي منفذ”. وشدد على أن المنظمات الاغاثية “غارقة في هذا المحيط من الحاجات”.

ورفح هي النقطة الوحيدة لدخول المساعدات التي ينبغي أن تأذن بها إسرائيل ولا تصل سوى بكميات محدودة جداً من مصر. ولم تتمكن أي قافلة من الوصول إلى شمال قطاع غزة منذ 23 كانون الثاني، بحسب الأمم المتحدة التي تندد بالعرقلة التي تفرضها السلطات الاسرائيلية.

وقال مروان عوضية أحد سكان المنطقة الشمالية لوكالة “فرانس برس”: “لا طعام هنا. حتى العلف الذي كان من المفترض أن نأكله لم يعد متوفراً. لا نعرف كيف سنتمكن من البقاء على قيد الحياة.”

وتواصل قطر والولايات المتحدة ومصر جهود الوساطة بين إسرائيل و”حماس” سعياً الى هدنة قبل بدء شهر رمضان في 10 أو 11 آذار، تتيح الافراج عن الرهائن المحتجزين داخل القطاع وإدخال مزيد من المساعدات الانسانية.

ويجري الحديث عن هدنة مدتها ستة أسابيع تطلق خلالها “حماس” سراح 42 إسرائيلياً من النساء والأطفال دون سن 18 عاماً إلى جانب المرضى والمسنين، بمعدل رهينة واحدة في اليوم مقابل إطلاق سراح عشرة معتقلين فلسطينيين من السجون الاسرائيلية. وتطالب الحركة بزيادة عدد شاحنات المساعدات التي تدخل إلى قطاع غزة.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن أشار خلال مقابلة في برنامج على شبكة “إن بي سي”، إلى أنّ شهر “رمضان يقترب وهناك موافقة من الاسرائيليين على وقف العمليات خلال رمضان من أجل إعطائنا الوقت لإخراج جميع الرهائن”.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر: “سنكون سعداء بتحقيق ذلك بحلول نهاية الأسبوع”. وأشار الى “أننا نحاول الوصول بهذا الاتفاق إلى خط النهاية، ونعتقد أنّ ذلك ممكن”.

وأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري الثلاثاء عن أمله في التوصل الى هدنة. وقال: “لسنا بالضرورة متفائلين بأننا نستطيع الاعلان عن شيء ما اليوم أو غداً… بشأن التوصل إلى اتفاق ما. نحن جميعاً نسعى إلى تحقيق هذا الهدف، لكنّ الوضع على الأرض لا يزال متقلّباً”.

وفي إطار الحراك الديبلوماسي، بدأ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الثلاثاء زيارة دولة إلى فرنسا حيث التقى الرئيس إيمانويل ماكرون، وشدّدا على ضرورة التوصّل إلى “وقف لاطلاق النار بسرعة كبيرة”.

ودعا أمير قطر إلى إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، مشيراً الى أن العالم “يشهد إبادة جماعية للشعب الفلسطيني باستخدام التجويع والتهجير القسري والقصف الوحشي”.

شارك المقال