الطريق الرئاسي مقطوع… وعلاقة “التيار” بـ”الحزب” تتدحرج بسرعة

لبنان الكبير

المنخفضات الجوية الباردة والماطرة شبه غائبة عن الأجواء اللبنانية ربما لأنها انسحبت أمام العواصف السياسية المصحوبة بحرارة جمّدت معها كل الملفات والاستحقاقات الدستورية التي يبدو أفقها ملبداً بالغيوم السود وبالضبابية التي تحجب الرؤية عن مصيرها ومعها مصير البلد برمته وأهله بأكملهم.

اذاً، صقيع سياسي انعكس على مختلف القطاعات التي تكاد تغرق في فيضان الوعود الكاذبة والمعالجات التخديرية المؤقتة، وما الاضرابات والاعتصامات والوقفات الاحتجاجية المتنقلة بين المعلمين والموظفين والأجراء، ومستوردي السيارات المستعملة ‏وأصحاب المعارض، وموظفي وزارة الاتصالات وغيرهم الكثير سوى تعبير عن الحقوق الضائعة، والتائهة والمندثرة بفعل رياح السلطة العاتية والفاسدة، والكرامة المفقودة في مستنقعات مياهها الموحلة والملوثة.

وفي نشرة الأحوال السياسية للمرحلة المقبلة، فإن كل المؤشرات والمعطيات والحسابات والتقلبات، تشير الى أنها ستتعرض لمنخفضات جوية قاسية خصوصاً في الاستحقاق الرئاسي الذي يتأثر بهبات ساخنة وأخرى باردة، ما يعرّضه لخطر التأجيل الى أجل غير محدد، وباتت جلساته محط سخرية. والجلسة الحادية عشرة المقرر عقدها يوم غد الخميس ستكون صورة مستنسخة عن سابقاتها في ظل الحديث عن امكان أن تكون هناك مواقف مرتفعة السقف على خلفية قضائية وما يجري مع أهالي ضحايا المرفأ مع العلم أن جهات أمنية تتخوف من عودة الناس الى الشارع وحصول فوضى بسبب الأحوال المعيشية، وتأزم المشهد السياسي الذي تنعكس تداعياته سلباً على مختلف القطاعات والمؤسسات.

وفيما ينتظر انعقاد الاجتماع الرباعي في باريس الذي لن يقدم شيئاً في المسار الرئاسي، فإن التواصل والخطط والتحركات في الداخل لم تتمكن من خرق الجدار الرئاسي ولو بثقب صغير ما يعني وفق أحد المتابعين أن انتخاب الرئيس، في حال استمرار الوضع على ما هو عليه، سيرجأ الى سنة 2024. الصورة أصبحت واضحة، وكل الأفرقاء أفرغوا ما لديهم، وكشفوا أوراقهم الرئاسية، وهم لا يزالون مستمرين في معاركهم السياسية وتصفية الحسابات، لكنهم في الوقت عينه، باتوا يدركون أنه لا بد من ايجاد مخرج ما للاستحقاق الرئاسي في ظل الحديث عن أن رئيس مجلس النواب نبيه بري لن يقفل الباب نهائياً على حراك أو مبادرة جديدة قد تؤدي الى انتخاب الرئيس، وربما سيكون له كلام خلال جلسة الخميس للحث على التوافق، والتخفيف عن كاهل البلد وأهله.

وأشارت مصادر عين التينة لموقع “لبنان الكبير” الى أن الرئيس بري ينتظر بعض التطورات أو بعض ما يساعد في إنضاج الأفكار ليبادر الى طرح ما لديه من رؤية حول كيفية الخروج من الشغور الرئاسي، لكن الى الآن ليست هناك أي أفكار جديدة، وهذا يتعلق بما لدى الآخرين من نوايا ليبنى على الشيء مقتضاه ازاء أي فكرة يطرحها. الكرة اليوم في ملعب الذين ساهموا بشكل أو بآخر في إطالة الشغور. قد يطرح الحوار أو النقاش أو التواصل أو التشاور، ليس المهم التسمية، انما المهم الوصول الى نتيجة. في كل الأحوال، نحن في بلد محكومون بالتوافق لمناقشة الملفات والأزمات. والى الآن لم يتبدل المشهد باتجاه الايجابية انما هناك ابداء لبعض النوايا التي لم تصل الى الترجمة الفعلية.

ولفت أحد المتابعين الى أن التواريخ رهن الظروف الداخلية والخارجية والتغيير في القناعات. وقد تحصل تطورات تفرض واقعاً جديداً وتفاهمات داخلية جديدة، لذلك، لا يمكن تحديد الوقت لانتخاب الرئيس. ما هو أكيد اليوم أن الأفق مسدود أمام انتخاب الرئيس، وعلى الطرف السيادي الذي يهمه لبنان ومصلحته أن يصمد ولا يقدم التنازلات.

أما الأجواء الحكومية، فلا يبدو أنها أكثر اشراقاً، فقبل ساعات من اجتماع الحكومة الذي أضيف الى جدول ‏أعماله بند يتعلق بإصدار مشروع مرسوم يرمي الى تحويل انشاءات امتياز ‏كهرباء البارد الى مؤسسة “كهرباء لبنان”، واصل النائب جبران باسيل وفريق “التيار ‏الوطني الحر”، نكدهما السياسي في حملة منظمة ومبرمجة لمنع انعقاد مجلس الوزراء. وألمح باسيل الى أن ما ‏يجري سيذهب أبعد من ضرب التوازنات والتفاهمات في اشارة الى تفاهم مار مخايل ‏المتصدّع. وهاجم “المنظومة الحاكمة” على خلفية انعقاد مجلس الوزراء، معتبراً أن هناك حلولاً كثيرة يمكن اعتمادها لحل ملف الكهرباء غير اجتماع ‏الحكومة غير الدستوري، ومنها المراسيم الجوالة من مجموع مجلس الوزراء التي اعتمدت ‏بين العامين 2014 و2016 أثناء الفراغ الرئاسي السابق‎.‎

وأكدت مصادر “التيار” لموقع “لبنان الكبير” أن العلاقة مع “حزب الله” تشهد تدحرجاً غير مسبوق على خلفية الكثير من الملفات والقضايا، فيما سألت مصادر قريبة من السرايا: “كيف يمكن لفريق سياسي أن يحارب جلسات مجلس الوزراء ومراسيمها وقراراتها بكل الطرق ثم يطلب سلفة لتوفير الكهرباء؟”.

وفي الأجواء القضائية، وعلى وقع التحقيقات المالية والقضائية الغربية المتواصلة في بيروت، التقى النائب ‏العام التمييزي القاضي غسان عويدات قاضيين فرنسيين في حضور المحامي العام التمييزي ‏القاضي صبوح سليمان المكلّف متابعة موضوع زيارتهما الى لبنان المتعلقة بملف إنفجار ‏المرفأ‎.‎‏ ويعقد القاضيان الفرنسيان اجتماعاً ثانياً اليوم، يحتمل أن يحضره المحقق العدلي ‏طارق البيطار‎، علماً أن تحقيقاً فرنسياً يجري في باريس لسقوط قتيل وجرحى فرنسيين في ‏انفجار المرفأ‎.‎ وسبق أن أرسلت السلطات الفرنسية إلى القضاء اللبناني إستنابة مساعدة لا ‏تزال من دون جواب بسبب كفّ يد المحقق العدلي عن متابعة التحقيق لجملة طلبات ردّ ‏ودعاوى مخاصمة في وجه القاضي البيطار‎.‎

شارك المقال