إنقاذ يسابق الوقت في سوريا وتركيا… ولبنان متروك تحت أنقاض المؤسسات

لبنان الكبير

فيما لا تزال تركيا وسوريا تحت وطأة هول الزلازل التي فتكت بالبشر والحجر وفرق الاغاثة تسابق الوقت لانقاذ أكبر قدر ممكن من الأحياء في ظل تصاعد أعداد الضحايا، يستمر شر السلطة اللبنانية في الفتك بالبلد وبمؤسساته وشعبه الذين تزعزعوا، ويكادون لا يتحملون أي هزة لا سياسية ولا طبيعية حتى أن كثيرين باتوا يعانون من خوف مفرط من حقد السياسيين، وتعنتهم وكيدياتهم ولامبالاتهم كما من غضب الأرض وتحرك صفائحها.

إذاً، الأزمات التي تحاصر اللبنانيين من كل الجهات، انسحبت الى الصفوف الخلفية لأن الاهتمامات تحولت الى الأماكن المنكوبة وسط تساؤلات كثيرة عما اذا كان لبنان نجا فعلاً من زلزال كبير أو أن الأيام المقبلة تخبئ مفاجآت طبيعية على الرغم من أن عدداً كبيراً من المختصين يؤكد أن لا داعي للذعر الحاصل بسبب ما حدث في تركيا وسوريا، والهزة في جنوب الهرمل على بعد 5 كلم، تعتبر خفيفة وشهد لبنان مثلها في وقت سابق، وسبب تكرار الهزات أن لبنان بلد ناشط زلزالياً وليس هناك سبب جديد. الزلازل في لبنان تحصل منذ ما قبل التاريخ، وفي العام 2008 حصل بين شهري شباط وحزيران أزمة زلزالية في جنوب لبنان سجلت خلالها أكثر من ألف هزة كانت أقواها 5.1 على مقياس ريختر.

على أي حال، وسط عجز السلطة عن اتخاذ أبسط التدابير، والقيام بأقل الاصلاحات حتى أن منظمة العفو الدولية اعتبرت في بيان أن استجابة الدولة اللبنانية للأزمة “خيبت الآمال”، لجأ المؤمنون الى الكنائس في عيد مار مارون للصلاة على أرواح ضحايا الزلازل، وتجنيب لبنان هذه الكأس المرة لأنه تذوق كل أنواع المرارة.

اما على الصعيد السياسي، فالجمود لا يزال سيد كل المواقف، وينعكس سلباً على القطاعات والمؤسسات كافة التي انهارت وتفتتت تحت أعين المسؤولين الذين بدل أن يهرعوا الى انتشال البلد من تحت الركام، يتصرفون ببرودة متدنية جداً أكثر من الصقيع الذي خلفته العاصفة “فرح”.

وبعد الحركة الداخلية والخارجية لتحقيق أي تقدم في الملف الرئاسي، يبدو أن كل المساعي وصلت الى حائط مسدود حتى أن الزخم الذي انطلقت به فكرة دعوة النواب المسيحيين الى إجتماع حواري في بكركي بعد تكليف رؤساء الطوائف المسيحية البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بهذه المهمة، قد تراجع، بعدما لمس رأس الكنيسة المارونية أن حسابات السياسيين في المكاسب والمصالح لا تتوافق وحساباته الانقاذية، ما دفعه الى التريث قبل القيام بأي خطوة. وأشارت مصادر مطلعة لموقع “لبنان الكبير” الى أن البطريرك الراعي يدرس مع فريق عمله تكليف شخص منه أو تشكيل لجنة للقيام بجولة على التكتلات النيابية المسيحية والنواب المستقلين لعرض جدول أعمال الاجتماع والبنود المعدة للنقاش والتوصيات التي يمكن أن تصدر عنه، وذلك لكي تكون على بيّنة من أمرها، وأيضاً لتسجيل إقتراحاتها تمهيداً لدرسها ووضعها على طاولة البحث، اذ أن إطلاع النواب المشاركين على تفاصيل البنود المطروحة للنقاش قد يساهم في نجاح الاجتماع أكثر بكثير من دعوتهم الى حوار غامض قد يكون مصيره الفشل.

وأكد أحد نواب المعارضة لـ “لبنان الكبير” أن البطريرك لم يقفل يوماً باب الحوار والتشاور والمناقشة بين الأفرقاء، ولكن هناك حرص على أمرين أساسيين: عدم اظهار أن مشكلة انتخاب الرئيس مسيحية – مسيحية لأن رئيس الجمهورية على الرغم من أنه من الطائفة المارونية الا أنه سيعمل لانقاذ لبنان وليس طائفة. الموضوع وطني بامتياز بحيث أن شخصية الرئيس مهمة جداً في هذه المرحلة لناحية عدم السير بالنهج الذي كان سائداً في السنوات السابقة. والأمر الثاني يتجسد في المخاوف من عدم الوصول الى نتيجة من الاجتماع بحيث يقال ان بكركي فشلت في إيصال مرشح أو في توحيد وجهات النظر بين المسيحيين، مع العلم أنه حين طرح التوافق على مرشح بمباركة بكركي، والانتقال الى المجلس النيابي لانتخابه، تحفظ بعض الأفرقاء المسيحيين. الخطر الحقيقي اليوم هو في اظهار أن المشكلة تتمحور حول الاسم وليس على المشروع. بكركي تدرس خطواتها كي لا تنحرف المعركة الرئاسية عن مسارها الطبيعي.

وكان البطريرك الراعي قد رأس قداس عيد مار مارون في بكركي، مشيراً في العظة التي ألقاها الى أن “عيد مار مارون يدعونا للعودة إلى هويتنا التي لم تكن يوماً ترمز إلى التقوقع. اننا لا نعيش فقط الحزن على الحالة التي نحن فيها، إنما نبكي على ما حصل من حولنا جراء الزلزال الكبير”.

الى ذلك، يتخوف البعض من اشتباك دستوري بعد أن وجّه رئيس مجلس النواب نبيه بري دعوة الى اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب الاثنين المقبل لتحديد جدول أعمال أول جلسة تشريعية في ظلّ الشغور الرئاسي، ويتناول أكثر من 60 بنداً في مقدّمها المشروع المتعلق بـ “الكابيتال كونترول”، والتمديد للمدير العام للأمن العامّ اللواء عباس إبراهيم والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.

وفي وقت لفت أحد نواب المعارضة الى أنهم يرفضون المشاركة في أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس للجمهورية لأن دور المجلس النيابي اليوم انتخاب رئيس للجمهورية أي أنه هيئة انتخابية وليس هيئة تشريعية، أشارت مصادر عين التينة الى أن الدستور واضح والمادة 75 تجيب عن كل التساؤلات وتدحض بعض الاجتهادات، ونصاب الجلسة سيكتمل لأن هناك ضرورة للتشريع، ولا يمكن التهرب من المسؤولية.

شارك المقال