اللواء ابراهيم يخشى فوضى اجتماعية… فهل يأخذنا تقاعس السلطة الى انفجار؟

لبنان الكبير

بعد أقل من أسبوع على الزلزال العنيف الذي ضرب تركيا وسوريا، لا تزال فرق الاغاثة تعمل ليل نهار على انتشال الموجودين من تحت الانقاض مع تضاؤل فرص العثور على ناجين. وكما غادرت بعثة البحث والانقاذ اللبنانية التي ضمت عناصر من فوج الهندسة في الجيش اللبناني والصليب الأحمر والدفاع المدني وفوج إطفاء بيروت، إسطنبول بعد انتهاء المهمّة التي كُلفت بها، هكذا ستفعل لاحقاً البعثات الأخرى التي توافدت من مختلف البلدان، ليبقى الدمار في المدن والبلدات السورية والتركية، شاهداً على أعنف كارثة طبيعية في العقد الأخير، وسيستفيق الأهالي من كابوسهم على هول فاجعة سرقت في دقيقة واحدة، أفراداً من عائلاتهم، وتسببت بأضرار جسيمة في ممتلكاتهم.

عمليات الاغاثة في الأماكن المنكوبة ستنتهي بعد فترة، لتعود الحياة الى طبيعتها تدريجاً، لكن اللبنانيين اليوم يسألون متى ستبدأ عملية اغاثتهم من سلطة استبدت وبطشت وفتكت بشعب، وحاصرته تحت أنقاض سياساتها الحاقدة على مدى سنوات، وببلد فصلته عن الشبكة الدولية، وشوهت صورته، وأصبح لعنة على المنطقة بعد أن كان قيمة مضافة؟ كل ذلك غير مهم بالنسبة الى المنظومة التي تواصل مسارها “الزلزالي” القاتل، وتدير الأذن الصماء لأنين المحاصرين كما للتقارير الدولية المتتالية التي تحذر من الانهيار الكلي ومن الصورة السوداوية للواقع اللبناني. هي تراهن على صبر اللبنانيين الذين يتحملون كثيراً، ويتكيفون مع كل الأزمات لتسيير أمورهم بأقل قدر ممكن من الخسائر، ويؤمنون بالمثل القائل “اشتدي أزمة تنفرجي”، لكن يبقى الخوف من المجهول في ظل غياب أي بوادر للحلحلة من أن يصبح “اشتدي أزمة تنفجري”.

وفي حين تتهاوى المؤسسات الواحدة تلو الأخرى، وآخرها المصارف التي تلوح بإضراب شامل ابتداء من منتصف الأسبوع المقبل، يبدو أن نصيب لبنان أن يقبع على فالق ناشط لا أحد يتوقع لحظة زلزلته سياسياً واقتصادياً واجتماعياً تحت أقدام أبنائه الذين يعيشون على أعصابهم من هزات بشرية وطبيعية.

واذا كان المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، أكد لموقع “لبنان الكبير” أن “لا خوف على الوضع الأمني أو من انفجار في الشارع بل الخوف من استمرار ارتفاع سعر الدولار الذي يمكن أن يخلق فوضى اجتماعية لكنها تبقى في الاطار الاجتماعي”، فإن أحد الناشطين السياسيين رأى “أننا ذاهبون الى الأسوأ، ونتدحرج باتجاه الهاوية بسرعة اذا لم نقدم طرحاً سياسياً جديداً لأن استخدام الأساليب القديمة في عالم جديد غير نافع. للاسف، نحن متجهون الى الانفجار وليس الى الانفراج، والذين لا يزالون يراهنون على عودة الطبقة السياسية الى رشدها، هم واهمون. ومن يعتقد أن البترول في لبنان يمكن أن يشكل اهتماماً للدول به والمحافظة على استقراره، يكون ساذجاً لأننا لا نزال نصطاد السمك في البحر، وتلزمنا سنوات لنعرف إن كان هناك نفط في مياهنا، والدول تعمل وفق الأولويات، وأولوية أوكرانيا أهم اليوم من نفط المتوسط. للأسف يعتقد اللبنانيون أن الشمس تشرق من أجل لبنان”.

وفي وقت أكد أحد المتابعين لـ “لبنان الكبير” أن المعنيين بالاجتماع الخماسي في باريس سيقومون بجولة على اللبنانيين ليبلغوهم بنتائج الاجتماع، أعلنت الولايات المتحدة أنها ستقدّم مساعدة بقيمة 85 مليون دولار إلى تركيا وسوريا بعد الزلزال المدمّر الذي ضرب البلدين. كما أعلنت وزارة الخزانة الأميركية رفع بعض العقوبات المفروضة على سوريا موقتاً بهدف إيصال مساعدات إلى السكان المتضررين في أسرع وقت ممكن. وأفاد مسؤولون بأن الولايات المتحدة تقدم المساعدة في سوريا عبر شركاء محليين لأنها ترفض التعامل مع الرئيس بشار الأسد وتطالب بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات خلال الحرب الأهلية.

وفي هذا السياق، اعتبر أحد الناشطين السياسيين في تصريح لموقع “لبنان الكبير” أن من يقول ان تعليق بعض العقوبات بهدف ايصال الاغاثة والمساعدة الانسانية هو نوع من بداية لاعادة العلاقة الى طبيعتها بين البلدين، يكون غير مطلع على “قانون قيصر” الذي لا يمنع المساعدات الانسانية من الدخول الى سوريا. الرئيس السوري أصبح ملحقاً في بلده المقسم بين روسيا وايران. ويمكن قراءة المساعدة الأميركية على أنها نوع من تشجيع الرئيس الأسد على الخروج من العباءة الايرانية، لكن المراهنة على هذا الأمر خاسرة لأن من يفتح بلده أمام الايرانيين لا يمكنه الخروج من تحت عباءتهم بمساعدة مالية. ما يحصل في سوريا شبيه بما يحصل في لبنان وفي كل الدول حيث التواجد الايراني، لكن النتائج متفاوتة.

على صعيد آخر، وفيما أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث تلفزيوني أن الأزمة انطلقت في أواخر 2019 وبدأت مع الاقفال القسري للمصارف اضافة الى اتخاذ الحكومة قرار عدم دفع سندات اليوروبوند، “ونحن حافظنا على النظام القائم ومنعنا اسقاطه مع نمو مرتقب يصل إلى 4 بالمئة في الاقتصاد اللبناني هذا العام، ونحاول تلبية متطلبات صندوق النقد”، أشارت بعثة الاتحاد الأوروبي والبعثات الديبلوماسية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي والنروج وسويسرا في لبنان الى استعدادها لدعم لبنان على مسار الاستقرار الاقتصادي الكلي والمالي الذي يتطلب إصلاحات بنيوية. كما أعربت عن عميق القلق حيال الوضع الراهن في لبنان، وحثّت كل الأطراف على احترام استقلالية القضاء، والإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية.

وكشف مصدر مطلع لـ “لبنان الكبير” أنه التقى العديد من السفراء الغربيين الذين يشتكون من السلطة، اذ أنهم فعلوا المستحيل لمساعدة الدولة اللبنانية، لكنها تقاعست. المنطق يقول انه لا يمكن أن تكون أي دولة مهتمة بوضع البلد على السكة الصحيحة أكثر من أصحاب الشأن. كل ما يجري أثبت أن مصدر الفشل، السلطة الحاكمة وليس الخارج. المنظومة أوصلت البلد الى الهاوية اذ لا يجوز على سبيل المثال أن نتوقع شطب الديون اللبنانية طالما أن لبنان لم يلتزم بالاصلاحات التي نادت بها المؤتمرات المتتالية التي عقدت من أجله. الدول تتعاطى مع لبنان كفرد من عائلة يتعاطى المخدرات، فأول ما تفعله عائلته أنها تتوقف عن امداده بالأموال. الدول طلبت وقف الهدر ووضع حد للفساد والبدء بالاصلاحات، لتفتح باب المساعدة على مصراعيه، لكن هذا الأمر غير وارد في ذهن وتفكير الطبقة السياسية التي تريد أن تصرف أموالاً لا تملكها. هذه الثقافة أوصلت البلد الى الانهيار، وفتحت الباب أمام “حزب الله” للسيطرة على الدولة. وفي الخلاصة: الله يكون بعون الناس في المرحلة المقبلة.

شارك المقال