تشريع الضرورة يفجّر سجالاً مارونياً… جعجع يتهم التيار بالفجور

لبنان الكبير

أسبوع من الزلزلة والهزات الأرضية. غضب الطبيعة كانت له ارتدادات سياسية اقليمية ومحلية. السياسة أخذت استراحة كأن ليس هناك أزمة في البلد، لا استحقاق رئاسي ولا انهيار اقتصادي، ولا مصائب اجتماعية يعيشها المواطن ويحاول النجاة من واقعه المرير، تحديداً أن الأسبوع المقبل قد يشهد إقفالاً تاماً للمصارف وليس إضراباً تغلق فيه أبوابها وحسب، بل سيكون توقفاً شاملاً حتى لجهة ماكينات الصراف الآلي. جمعية المصارف تعزو سبب هذه الخطوة إلى أمور عدة، أولها الدعاوى القضائية التي تطالها من القضاء المحلي والخارجي، وتعتبر أن بعض الجهات السياسية يحاول دفعها إلى خرق قانون السرية المصرفية، عبر استعمال أذرعه القضائية، وتطالب بإقرار قانون خاص بمجلس النواب لتتمكن من كشف بعض الحسابات التي يطالبها أحد القضاة بكشفها، عدا عن مطالبتها الدائمة بإقرار قانون “الكابيتال كونترول”.

وبالحديث عن القانون الذي كان يجب أن يقر منذ اليوم الأول من الأزمة، يبدو أن نواب الأمة اتفقوا أخيراً على صيغة قانون، ويتجهون الى إقراره في جلسة “تشريع الضرورة” التي من المفترض أن تعقد خلال الأسبوعين المقبلين، وأساس انعقادها هو التمديد لقادة الأجهزة الأمنية، بينما سيمرر طرح قانون “الكابيتال كونترول” من ضمنها، هذا القانون الذي يعتبر البعض أنه يأتي في مصلحة المصارف وتبرئتها من أي ارتكابات تسببت بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلد منذ أكثر من 3 سنوات، أما مؤيدو فكرة إقراره فيرون أن قانوناً سيئاً أفضل من لا قانون، ويمكن التعديل عليه لاحقاً. واعتبر مصدر متابع لموقع “لبنان الكبير” أن “القانون المطروح لا يلبي تطلعات غالبية القوى السياسية، ولكن التأخير الذي حصل في الاتفاق على هذا القانون دفع العديد من القوى إلى القبول بما هو مطروح، لأه من المستحيل البدء بعملية التعافي المالي من دون كابيتال كونترول. ومع اقتراب التسوية للأزمة السياسية وانهاء الفراغ لا بد من أن تكون هناك أرضية جاهزة لانطلاق العهد الجديد بطريقة إيجابية، وإلا فإن وضع البلد سيكون إلى أسوأ، وإن كان العهد السابق جهنم فالعهد الجديد سيكون ما هو أسوأ من ذلك، ولذلك هناك استعجال في إقرار القانون، الأمر لا علاقة له بمصلحة المصارف ولا أي أحد، بل هو أمر ضروري لوضع سكة التعافي المالي على الطريق الصحيح”.

الجلسة التشريعية المرتقبة فجّرت مناوشات عونية – قواتية، اذ وصف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع مشاركة “التيار الوطني الحر” في جلسة “تشريع الضرورة” بـ “الفجور”، خصوصاً أن التيار يرفض عقد جلسات الحكومة في ظل الفراغ الرئاسي ويعتبرها ضرباً للدور المسيحي. التيار رد على جعجع، وذكره بأنه شارك في الجلسات النيابية للضرورة في فترة الفراغ الرئاسي بين العامين 2014 و2016. وبدأت حملة المزايدات من أطراف الثنائي المسيحي، وتعليقاً على هذه الحفلة المسيحية – المسيحية، أسف مصدر اعتدالي لأن “حروب الزعماء الموارنة على الكرسي كان لها دور أساس في ما وصل إليه البلد اليوم، بل انها في فترة من الفترات تسببت بحروب وقتل ودمار”، موضحاً أن “الدستور اللبناني حدد طريقة انتخاب رئيس الجمهورية، ولكنه لم يحدد ماذا يمكن أن يحصل في حال لم يستطع أي مرشح الحصول على الأصوات الكافية لانتخابه رئيساً، وفي هذه الحالة قد يكون من الواجب إجراء انتخابات نيابية جديدة، ليحصل أحد الفرقاء على أكثرية تستطيع أن تحكم، كما تفعل الدول الشبيهة أنظمتها بنظامنا، تحديداً في ظل رفض الفريقين المسيحيين الحوار لانتاج تسوية رئاسية، وربما نسي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، أن العنوان العريض للدستور هو استمرار عمل الدولة”. وتساءل المصدر “في ظل الانقسام وعدم التوافق الحاصل في الملف الرئاسي، هل هذا يعني أنه يجب شل جميع المؤسسات؟ هل من المقبول أن تشهد المؤسسات الأمنية فراغاً أيضاً؟ هل من منطق يقبل أن يتوقف عمل الدولة كلياً لأن السياسيين لم يستطيعوا التوافق على رئيس للجمهورية؟ هل المنصب أهم من شؤون المواطن وأمنه؟”، مذكراً الثنائي المسيحي بأنه “بعد الانهيار الشامل، الأمن هو آخر الدعائم التي تحافظ على البلد، وإن حل الفراغ في رأس الأجهزة الأمنية، فهذا يعني دمار البلد”.

أما لجهة زلزال الطبيعة، فلا تزال زيارة الوفد الوزاري اللبناني إلى سوريا تسبب جدلاً في الرأي العام اللبناني، بحيث اعتبر الكثيرون أن الزيارة كانت تطبيعية مع نظام الأسد، لا انسانية للشعب السوري، وقد استغل الفريق الممانع الكارثة الطبيعية ليمرر أجنداته الخاصة، تحديداً مع نقل أحد المواقع التابعة لحليف لـ “حزب الله” معلومات عن أن تأخر إرسال الحزب فرق الاغاثة التابعة له هو أمر مدبر بينه وبين النظام السوري، وذلك من أجل حض الدول العربية على كسر “قانون قيصر” وإرسال المساعدات إلى سوريا، وقد نجح ذلك وفق الموقع.

الأمر الآخر الذي شغل القوى السياسية هو اجتماع باريس، الذي لم يصدر عنه بيان ولا حتى خارطة طريق، ولم يفضِ إلى ما يرضي بعض القوى في لبنان، مما يعني أن الخارج ليس في وارد العمل على حل أزمة الفراغ الدستوري عن اللبنانيين، وعند سؤال أكثر من فريق سياسي في البلد، ربما باستثناء الثنائي المسيحي، يكون تعليقهم “انتهت حلول الخارج، الأمر متروك للرئيس نبيه بري”.

الى ذلك، كشف عن لقاء جمع المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل مع سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري، منذ 10 أيام، استمر 4 ساعات، وطرحت فيه معظم الملفات ذات الصلة بالاستحقاق الرئاسي. وخرج خليل بخلاصة أن المملكة لا تمانع ولا تؤيد أي اسم للرئاسة، وما يهمها هو السياسة المتبعة تجاهها وأداء الرئيس العتيد.

شارك المقال