“عدوى المنطقة” تصيب نصر الله… وسجال “بلدي” بين جعجع والتيار

لبنان الكبير

في وقت تتجه المنطقة نحو بلورة الاتفاق السعودي – الايراني بانفراجات في ساحات عدة وبسرعة قياسية، تفاجئ حتى أكبر المتفائلين، وصرنا ننام على تطور إيجابي ونصحو على آخر… يبدو لبنان بعيداً عن “عدوى المنطقة” التي تصيب بالانفراج والتفاهم، فيما بدا واضحاً أن الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله مصاب بها.

إنها مفارقة غريبة عجيبة أن يزداد الشرخ بين أبناء البلد الواحد في لبنان، الذين يعجزون عن انتخاب رئيس للجمهورية منذ 6 أشهر، بينما تزداد اللحمة بين الدول الاقليمية المتخاصمة وتكاد تصفر المشكلات بينها في غضون أسابيع.

وما حصل في اليومين الأخيرين من تبادل للأسرى بين اليمن والسعودية، مروراً باجتماع مجلس التعاون الخليجي بمشاركة مصر والعراق والأردن في جدة للبحث في عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد 12 عاماً من غيابها عنها، وصولاً إلى البيان المشترك بين وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزير الخارجية السوري فيصل المقداد خلال زيارته الى المملكة، حيث بحث الجانبان في الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي تداعياتها كافة وتحقق المصالحة الوطنية، وتساهم في عودة سوريا الى محيطها العربي، يوحي بأن الأزمة اللبنانية ربما تكون الأصعب، وغياب الرئيس اللبناني عن القمة العربية المرتقبة التي اعتبرت استثنائية، يبدو استثنائياً.

من وحي التقارب في المنطقة غاب الخطاب عالي النبرة باتجاه الدول العربية عن الأمين العام لـ “حزب الله” في يوم القدس العالمي، بحيث أثنى على التقاربات وتفاءل بالتطورات في اليمن والتطبيع العربي مع سوريا، معتبراً أن هذا التطبيع يضرب المشاريع الأميركية في المنطقة.

وشدد نصر الله على أن “العلاقات الثنائية والحوار بين دول المنطقة هما ما يشكل الأمن والاستقرار”. وتحدّث عن التحولات في اليمن كذلك، قائلاً: “إن كل الأجواء التي تأتي من اليمن والسعودية تدعو إلى التفاؤل وهذا يسعدنا”.

ولم يعطِ نصر الله إجابة حاسمة عما حصل في الجنوب وإطلاق الصواريخ، ورأى أن سياسة الصمت هي الأنسب، “فلا داعي أن نعطي أجوبة يحتار العدو فيها”، مؤكداً أن “من ثمار ما حصل وجوب أن يبقى العدو قلقاً وخائفاً ومرتعباً وهذا هو الذي يرسخ ميزان الردع وقواعد الاشتباك التي حمت لبنان ودفعت العدو الى التنازل وإعطاء الحقوق في النفط والغاز، والتي أثبتت حضورها القوي الأسبوع الماضي”. ونفى قصف أي بنية تحتية لـ “حزب الله” أو لـ “حماس”.

في الاستحقاقات الدستورية، بات من المؤكد أن الانتخابات البلدية بحكم التأجيل، وقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة تشريعية في 18 نيسان الجاري، أول بند في جدول أعمالها، هو التمديد للمجالس البلدية والاختيارية، علماً أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي دعا الى جلسة حكومية في اليوم نفسه على جدول أعمالها “تأمين نفقات الانتخابات البلديّة”، الأمر الذي علّق عليه رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، بالقول: “مصيبة جديدة تحضّر للشعب اللبناني، من الكتل النيابية الّتي تتهيّأ لتعطيل الانتخابات البلدية، من خلال التّمديد للمجالس الحاليّة، في الجلسة التّشريعيّة الّتي دعا إليها رئيس مجلس النّواب نبيه بري الثّلاثاء المقبل في 18 نيسان الحالي”. واعتبر أن “مكتب مجلس النّواب وكتل الممانعة وكتلة التّيّار الوطني الحرّ قاموا باستباق اجتماع الحكومة، واتّفقوا على جلسة لمجلس النّواب، لقطع الطّريق أمام الحكومة لتأمين النّفقات اللّازمة”، واصفاً ما جرى ويجري على صعيد الانتخابات البلديّة، بأنه “عمليّة غشّ موصوفة قامت بها الكتل المذكورة، بغية تعطيل الانتخابات البلديّة والاختياريّة”.

وهاجم جعجع “التيار الوطني الحر”، قائلاً: “المستغرب أيضاً أنّ كتلة التّيّار الوطني الحر الّتي رفضت عقد أيّ اجتماع للحكومة، ولو لبحث قضايا طارئة وملِّحة ومستعجلة، نراها اليوم تقبل باجتماع للمجلس النيابي في قضيّة لا طارئة ولا مستعجلة وتحت ذريعة غير موجودة، وهي كيفيّة تمويل الانتخابات البلديّة؛ علماً أنّ هذا الامر بيد الحكومة”.

كلام جعجع لم يمر من دون رد، فقد صدر عن لجنة الاعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر” بيان سألت فيه: “أيهما نصدّق سمير جعجع أم نوابه؟ فما قرأناه في بيان رئيس القوات اللبنانية يناقض مواقف نوابه في الجلسات النيابية، وهم الذين أعلنوا أنهم لمسوا عدم جهوزية وزارة الداخلية وأجهزة الدولة ككل لاجراء الانتخابات البلدية وعبّروا عن ذلك داخل الجلسة النيابية وفي الاعلام”.

وأكّد البيان، أن “الحكومة مستقيلة ولا يحق لها أن تنعقد كمجلس وزراء بينما المجلس النيابي قائم ونحن أعلنّا أننا مع التشريع الذي تفرضه الظروف الطارئة والقوة القاهرة، ولا تجوز أبداً المقارنة بين حكومة مستقيلة ومجلس نيابي قائم، وليتذكر جعجع أن القوات شاركت في عدة جلسات بين عامي 2014 – 2016″، معتبراً أن “المشكلة ليست بالتمويل وحسب، بل بانعدام جهوزية الدولة من إضراب القضاة والأساتذة وحتى إقفال الدوائر الحكومية”. ورأى أن “من المحزن أن تصبح الشعبوية عدوى وأن تصير هي الوسيلة الأبرز عند الكثيرين لممارسة عملهم السياسي”.

وكان لافتاً موقف البطريرك الماروني بشارة الراعي في لقاء أمس، اعتبر فيه أن الفديرالية طرح ساقط، قائلاً: “نحن مع تطبيق اتفاق الطائف نصاً وروحاً، وهذا لا ذكر فيه للفديرالية، بل للامركزية الادارية، فلنطبق هذه اللامركزية، ولنعتبر الفديرالية طرحاً أو مقولة ساقطة، وتمّ التداول بها من البعض خلال الحرب اللبنانية، وانتهى الموضوع”.

أمنياً، عاد الوضع في بلدة مشغرة إلى التفجر بعد هدوء دام أشهر، إثر عملية ثأرية أدت إلى مقتل شخصين، وسط حالة من التوتر والاستنفار المسلح.

شارك المقال