السعودية تلبنن الرئاسة… أميركا تصعّد ضد “عودة سوريا”

لبنان الكبير

الكرة الرئاسية تدحرجت يميناً وشمالاً، فرنسياً وقطرياً، إلى أن تلقفتها المملكة العربية السعودية وصوّبت مسارها: الاستحقاق لبناني، والسعودية ليست دولة وصاية وتتعامل مع لبنان من دولة إلى دولة، لا تفرض فيتو على أحد، ولا تؤيد أحداً، وعلى اللبنانيين اختيار قادتهم بأنفسهم. هذا الكلام أوضحه السفير السعودس وليد بخاري مراراً وتكراراً، ولكن لم يلقَ آذاناً صاغية، لأن كل فريق سياسي في لبنان يحب أن يسمع وفق أهوائه، وليس وفق الواقع، في وقت تستعد الادارة الأميركية، التي ترفض الاعتراف بشرعية بشار الأسد، لتوسيع “قانون قيصر” بموجب مشروع قانون يقدمه نواب من الحزبين الجمهوري والديموقراطي.

محلياً، أعاد بخاري التوضيح مجدداً أمس، ضارباً عرض الحائط بكل الشائعات والتكهنات عن فيتو سعودي على رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، بل أبعد من ذلك، رمى الكرة في ملعب القوى المسيحية، التي إن استطاعت الاتفاق على اسم لترشيحه، يتم التوجه عندها إلى مجلس النواب، ويحصل التنافس بين فرنجية والمرشح المتفق عليه مسيحياً، ويكون الحكم ساعتها للنواب، وفق العملية الديموقراطية. وفي السياق الرئاسي أيضاً، علم “لبنان الكبير” أن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، جمع “اللقاء النيابي” الموسع في اجتماع في منزله، وكان الطبق الأساس الاستحقاق الرئاسي، بالاضافة إلى التداول في التطورات السياسية.

على الرغم من مراهنة معارضي فرنجية، حصل اللقاء بينه وبين السفير بخاري في منزل الأخير في اليرزة، وحاول المعارضون التشويش على اللقاء عبر الترويج بأن فرنجية هو من طلب اللقاء بعد أن تراجع بخاري عن موعد له في بنشعي، إلا أن معلومات “لبنان الكبير” أكدت أنه لم يكن هناك موعد حتى يتم التراجع عنه، وأن الزيارة تأتي في سياقها الطبيعي، تحديداً أن هذا مقر ممثل المملكة العربية السعودية ولطالما استقبل رؤساء ووزراء ونواباً وشخصيات. وتحديد الموعد على الفطور صباحاً، له دلالة على ودية المملكة تجاه فرنجية، من دون أن تعني هذه الودية أنها تؤيده أو تدعمه إلى الرئاسة، بل هي تشدد على فتح قنوات التواصل من الأبواب الواسعة بين فرنجية والسعودية، عبر سفيرها في لبنان ولم يعد هناك ما يستبعد حصول أي زيارة مقبلة الى بنشعي في حال قرر السفير ذلك. أما الرئاسة فهي رهن ممثلي اللبنانيين في برلمانهم.

السعودية تعتبر أنّ لبنان جزء من رؤية 2030 التي وضعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وبالتالي لا يجوز بالنسبة اليها والى سياستها أن يبقى غير مستقر سياسياً واقتصادياً ودستورياً، ولن تفرض على شعبه إملاءات، ولكنها تحرص كما دائماً على أن لا يكون هناك أي عامل يشكّل خطراً على اتفاق الطائف وكيانية لبنان الكبير.

لقاء اليرزة نقل الرئاسة إلى أيام الحسم، وفرض على القوى السياسية حتمية ترتيب أوراقها والذهاب إلى جلسة انتخاب رئيس بمرشحين، وليفز من يفوز. والكرة الآن في ملعب القوى المسيحية، فإن استطاعت “القوات اللبنانية” و”الكتائب” و”التيار الوطني الحر” الاتفاق على مرشح، سيتوجهون إلى البرلمان، ويواجهون به المرشح الجدي الوحيد، سليمان فرنجية، وإن لم يتمكنوا من الاتفاق، فعليهم الكف عن المراوحة، والاتفاق مع زعيم “المردة” على شكل المرحلة المقبلة. وكذلك على الأخير أن يتواصل مباشرة مع القوى المسيحية الأخرى، ويعرض عليها رؤيته، خصوصاً أن الاستحقاقات تداهم البلد، وإن تخطى الفراغ في حاكمية مصرف لبنان في تموز، فبالتأكيد لن يتحمل الفراغ في قيادة الجيش في كانون.

ولا يبدو أن هناك اتفاقاً على اسم قريب في المدى المنظور، هذا ما توحيه أجواء “القوات” وقوى المعارضة، على الرغم من أن النقاش يجري حول لائحة من عدة أسماء. وقد تستطيع “القوات” و”الكتائب” وبعض القوى الأخرى الاتفاق على اسم معين للرئاسة، ولكن من دون “التيار الوطني الحر”، لا يمكنهم رفع ورقة الإجماع المسيحي، وهذا ما يعزز حظوظ مرشح الثنائي الشيعي، ويبقيه المرشح الجدي الوحيد حتى اللحظة.

وفي تطور لافت لموقف القوى التغييرية، قال النائب وضاح الصادق في حديث مع “لبنان الكبير”: “في حال كانت الأجواء أن المرشح سيكمل أخذ لبنان الى مزيد من الانهيارات، فلن ننزل ولن نكون شهود زور على رئيس سيكمل هذه المرحلة”.

وشدد الصادق على أن النقطة الأهم هي “ليس متى يشاء الفريق الآخر يوقف الجلسات ومتى يشاء يعيدها، لدينا سياسة وقحة فوق اللزوم في لبنان، وعندما يصدر خطاب اما فرنجية أو الفراغ مع العلم أنهم من وضعوا الورقة البيضاء طيلة 11 جلسة سابقة سيبقى البلوك لدينا، وسنقاطع الجلسات لأننا نختار حماية البلد”.

إقليمياً ودولياً، لا تزال الولايات المتحدة الأميركية تشدد على رفضها التقارب الذي يحصل في المنطقة، تحديداً عودة العلاقات الطبيعية بين نظام بشار الأسد ومحيطه العربي، وعودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية، وهذا ما نقلته وسائل الاعلام أمس عن عزم مجموعة مشرّعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديموقراطي تقديم مشروع قانون، يستهدف منع الحكومة الأميركية من الاعتراف ببشار الأسد رئيساً لسوريا وتعزيز قدرة واشنطن على فرض عقوبات، في تحذير للدول الأخرى التي تطبع العلاقات مع الأسد. ويمنع مشروع القانون، الحكومة الاتحادية الأميركية من الاعتراف بأي حكومة سورية بقيادة الأسد الذي يخضع لعقوبات أميركية، كما يوسع “قانون قيصر” الأميركي الذي يفرض مجموعة عقوبات صارمة على سوريا منذ العام 2020. ويبدو أن مشروع القانون هو تحذير لتركيا ودول عربية من أنها ستواجه عواقب وخيمة إذا تفاعلت مع حكومة الأسد. وأوضح مقترحو مشروع القانون أن “إعادة سوريا إلى جامعة الدول العربية أثار حفيظة أعضاء الكونغرس وكشف الحاجة إلى ضرورة التحرك بسرعة لإرسال إشارة”.

شارك المقال