الأتراك ينتخبون رئيسهم… واللبنانيون رهائن تسويات خارجية

لبنان الكبير

في الوقت الذي لا يزال فيه اللبنانيون يعيشون دوامة اللارئيس على الرغم من كل التحركات الديبلوماسية والعربية الأخيرة، والتأكيد الدولي وتحديداً المتمثل بالمملكة العربية السعودية أن لا فيتو ولا دعم لأي من المرشحين المطروحين وضرورة الاسراع في انتخاب رئيس، توجه أكثر من 60 مليون ناخب تركي لاختيار رئيسهم وأعضاء البرلمان، وجدد الأتراك وفقاً للنتائج الأولية غير الرسمية، الثقة برئيسهم رجب طيب أردوغان لولاية ثالثة بعدما تمكن من الفوز على منافسيه كمال كيليجدار أوغلو وسنان أوغان.

وبينما تنتخب شعوب المنطقة رؤساءها ونوابها بقرارها الذاتي وبالتوقيت الدستوري، لا يزال نوابنا المنتخبون يتخبطون في حساباتهم الضيقة وعدم توافقهم على رئيس ينهي مهزلة الفراغ المستمرة منذ سبعة أشهر، بحيث يرفض فريق منهم انتخاب رئيس ينتمي إلى محور الممانعة ما يعني الاستمرار في نهج عهد جهنم السابق، فيما فريق الممانعة قد يستمر في غيه وعلى استعداد لابقاء الفراغ الرئاسي أكثر من سنتين كما فعل في الماضي.

وفي ظل ثبات الثنائي الشيعي على مرشحه رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، يبدو أن مرشح الفريق السيادي النائب ميشال معوّض بات قاب قوسين من اعلان إنسحابه من السباق الرئاسي بصورة رسمية خلال الأيام المقبلة، علماً أن ترشيحه سقط نهائياً بعدما فشل الفريق الداعم له في تأمين العدد المطلوب من الأصوات نتيجة الخلافات والانقسامات في صفوف التغييريين والمستقلين. واعتبرت مصادر المعارضة أن “لا داعي لأن يعلن معوّض انسحابه لأنه لم يترشح كي ينسحب، وكان بمثابة مرشح فريق المعارضة لفترة معينة، وعندما رأينا أننا عاجزون عن قطع حبل الـ 50 صوتاً بدأنا بدرس وضع مرشحين آخرين وبالتنسيق معه”.

وبعدما توافقت الكتلتان المسيحيتان الكبريان أي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية” على الرفض القاطع لفرنجية، سُجٍل تريّث واضح من “التيار” الذي يرفض فرنجية علناً، لكنه لا يريد إحراج حليفه الوحيد “حزب الله” فيبحث معه في الكواليس تسوية رئاسية لا تزيد في تردي العلاقات بينهما أكثر. وفيما سرت معلومات عن عودة تلاقي “الحزب” و”التيار” الأسبوع المقبل في ميرنا الشالوحي بعد قطيعة استمرت لعدّة أشهر، وامكان نجاح الأول في تغيير موقف الثاني، أشارت مصادر تكتل “لبنان القوي” الى أن “المواقف على حالها من الطرفين في مقاربة الترشيحات المطروحة ومن المستبعد أن يطرأ أي تغيير عليها”.

في هذه الأثناء، وبينما لفتت تسريبات الى قرب نضوج التقارب بين “القوات” و”التيار”، نفت مصادر نيابية قواتية عبر “لبنان الكبير” هذا المصطلح، مؤكدةً أن “التواصل قائم بين الفريقين بحثاً عن إمكان التوافق على مرشح طالما توافقنا على رفض مرشح الممانعة سليمان فرنجية، ويجري البحث في عدة أسماء من قائد الجيش جوزيف عون، جهاد أزعور، نعمة إفرام بالاضافة الى صلاح حنين الذي ينال حتى هذه اللحظة أكبر نسبة من التأييد من قوى المعارضة”.

ورأت المصادر القواتية أن “هذا التوافق بيننا وبين التيار رهن رئيسه جبران باسيل لأخذ القرار ووضع يده بيد المعارضة بصورة صادقة أو أن يبقى مراهناً على المناورات للعودة الى التفاهم مع حليفه حزب الله، وفي حال إختار تلك العودة سيدخل البلد في كارثة كبيرة وستكون بمثابة استمرارية البلد في عهد مماثل لعهد عمه الرئيس السابق ميشال عون ونهاية لحركته”.

وحول بحث “التيار” في اسمي جهاد أزعور أو صلاح حنين لقطع جميع الخيوط مع “حزب الله”، أكدت مصادر تابعة لـ “التيار” أن “لا توافق حتى الآن مع القوات وهناك أزمة ثقة لا تزال قائمة بين الطرفين نتيجة سابقة اتفاق معراب وفشله الذريع، خصوصاً وأن القوات تبحث اليوم عن مرشح تريد من خلاله هزيمة الطرف الآخر، بينما يبحث التيار عن مرشح يمكن أن يتحوّل الى مرشح توافق وتسوية مع الفريق الآخر، لذلك لا يزال الأفق مسدوداً ومسار التفاوض بين الفريقين لن يأتي بنتيجة طالما أنه ينحصر بأسماء معروف سابقاً أنها غير سالكة عند الطرف الآخر”.

وعلى بعد أيام من القمة العربية وحضور لبنان فيها بشخص رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وفي ظل الحديث عن أن ما قبل هذه القمة ليس كما بعدها، شددت أوساط مقربة من الرئيس ميقاتي عبر “لبنان الكبير” على أن “الرئيس ميقاتي مدعو الى هذه القمة كرئيس حكومة تصريف أعمال في ظل الشغور الرئاسي، ولا أحد فرح بهذا الشغور وخصوصاً الحريصون على مصلحة لبنان وأبرزهم الرئيس ميقاتي، انما هذا أمر واقع ولا بد من تعاملنا معه على الرغم من عدم الرضى عنه”، لافتةً الى أن “البحث سيتناول ملف اللاجئين السوريين بعدما باتت هناك تفاصيل واضحة المعالم وخريطة طريق تعنى بكيفية معالجة هذه الأزمة بصورة عملية ومنظمة وليس بالاعلام، وهناك خطة عمل من خلال اللجنة الوزراية التي اجتمعت بشأن هذا الموضوع والرئيس ميقاتي لديه تصور سيطرحه خلال القمة”.

وعن امكان زيارة الرئيس ميقاتي الى سوريا على رأس وفد وزاري، أكدت الأوساط أن “هذه الزيارة تعود حصراً الى الرئيس ميقاتي في الاعلان عنها، خصوصاً وأنه منفتح دائماً وايجابي في كل المواضيع والاستحقاقات”.

الى ذلك، رأى البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد أن “نواب الأمة والمسؤولون السياسيون عندنا لا يستطيعون متابعة صم آذانهم عن سماع كلام الله، ومتابعة سماع أصوات مصالحهم الخاصة والفئوية، وأصوات الأحقاد والكيديات، على حساب هدم مؤسسات الدولة بدءاً من عدم انتخاب رئيس للجمهورية من شأنه أن يوحي بالثقة في الداخل والخارج، وصولاً إلى إفقاد المجلس النيابي صلاحية التشريع، وحرمان الحكومة من كامل صلاحياتها، وتعطيل التعيينات المستحقة وتفشي الفساد في الادارات العامة”.

أما متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، فقال: “الجميع ينادي بضرورة انتخاب رئيس ويحددون مواصفاته، ماذا ينتظرون؟ ما هذه الاستحالة في انتخاب شخصية تترأس الدولة؟ هل خلا البلد من الرجالات الذين ينبض قلبهم بحب لبنان؟”.

شارك المقال