فرنسا تلاحق سلامة… وباسيل يحبس الرئيس

لبنان الكبير

يسود القلق والشك مفاوضات المعارضة مع رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لأن تواصله مع “حزب الله” في الملف الرئاسي يدفعها إلى اعادة حساباتها، وباتت بانتظار أن يحسم باسيل موقفه رئاسياً، إما السير معها أو مع الحزب، اذ يبدو أنه يلعب على الحبلين، لتحسين موقعه. فإن كان بقصد أو بغير قصد، أصبحت الرئاسة تمر من ميرنا الشالوحي مهما كانت النتائج، إلا إذا حصل المستحيل وسارت “القوات اللبنانية” برئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية. وفيما الملف الرئاسي في معرض الترقب، برز الملف القضائي الدولي، بحيث أصدرت القاضية الفرنسية المكلفة التحقيق في أموال وممتلكات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في أوروبا مذكرة توقيف دولية بحقه أمس، بعد تغيبه عن جلسة استجوابه أمامها في باريس.

وبينما الداخل في حيرة من أمره يبدو أن هناك محطات خارجية أساسية، ستنعكس نتائجها حتماً على لبنان، وأبرزها قمة جدة، واجتماع المجموعة الخماسية، والحركة القطرية اضافة الى زيارة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي الى فرنسا، ناهيك عن نشر تفاصيل الزيارة المتوقعة للرئيس السوري بشار الأسد إلى جدة لحضور القمة العربية وما سيترتب عن مشاركته من نتائج تأمل المملكة العربية السعودية أن تكون إيجابية.

وفي ملف حاكم مصرف لبنان، الذي تخلّف عن حضور جلسة الاستجواب في باريس امس لمساءلته عن كيفية تجميعه أصولاً كبيرة في أوروبا، وفق ما أفاد محاميه، كان يُرجح أن يؤدي مثوله أمام القاضية أود بوروزي إلى توجيه اتهامات إليه. وأشار محامي سلامة الفرنسي بيار- أوليفييه سور الى أن “تغيب موكله الثلاثاء يعود إلى عدم تبليغه بوجوب المثول أمام القضاء الفرنسي وفق الأصول”.

أما الغريب في الأمر فهو أن عضو المجلس السياسي في “التيار الوطني الحر” المحامي وديع عقل أعلن عن مذكرة التوقيف قبل صدورها من القاضية بوروزي، ما يطرح علامات استفهام حول دوره في الملف.

ورد سلامة على المذكرة معتبراً أنها “خرق لأبسط القوانين”. وأكد أنه سيطعن بها، قائلاً: “القاضية تجاهلت المهل القانونية المنصوص عليها في القانون الفرنسي على الرغم من تبلغها وتيقنها من ذلك وبالتالي، سأعمد إلى الطعن بهذا القرار الذي يشكل مخالفة واضحة للقوانين”.

وكان محققون من فرنسا ولوكسمبورغ وألمانيا وبلجيكا قد حضروا ثلاث مرات هذا العام إلى لبنان، حيث استمعوا إلى سلامة وشهود آخرين في قضيته، بينهم شقيقه رجا سلامة ومساعدته ماريان الحويك وموظفين سابقين في مصرف لبنان ومسؤولي مصارف تجارية عدة أيضاً. وركّزت التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة “فوري أسوشييتس” المسجّلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها شقيق حاكم “المركزي”.

ومن المقرر أن يمثل سلامة وشقيقه ومساعدته أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا في 18 الجاري، وذلك في ادّعاء النيابة العامة ضده.

وفي الشأن المالي والاقتصادي أيضاً، أصدر البنك الدولي تقريراً عن الوضع الاقتصادي في لبنان، معتبراً أن “الاقتصاد النقدي المدولر المتنامي، المقدّر بحوالي 9.9 مليارات دولار في العام 2022، أي نحو نصف حجم الاقتصاد اللبناني، يُمثّل عائقاً كبيراً أمام تحقيق التعافي الاقتصادي”.

ووفقاً لتقرير المرصد الاقتصادي للبنان الصادر عن البنك الدولي أمس، فإنّه “على الرغم من ظهور علامات تطبيع مع الأزمة، لا يزال الاقتصاد اللبناني في حالة تراجع حاد، وهو بعيد كل البعد عن مسار الاستقرار، ناهيك عن مسار التعافي. وقد أدى فشل النظام المصرفي في لبنان وانهيار العملة إلى تنامي ودولرة اقتصاد نقدي يُقدَّر بنحو نصف إجمالي الناتج المحلي في العام 2022”.

وخلص التقرير إلى أنه “على مستوى جميع الركائز الاقتصادية، لا تزال القرارات الخاصة بإدارة الأزمة تُقوّض اعتماد خطة تعافٍ شاملة وعادلة. وعلى سبيل المثال، فإن منصة صيرفة للصرف الأجنبي – وهي الأداة النقدية الرئيسة التي يستخدمها مصرف لبنان لتحقيق استقرار سعر صرف الليرة، ليست استثناءً من ذلك”.

وبالعودة إلى الملف الرئاسي، أكد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب فادي كرم أن “المفاوضات التي تُجرى هي بين أطراف المعارضة والتيار الوطني الحر والاتصالات قائمة للوصول إلى تفاهم على مرشح واحد لخوض المعركة الرئاسية معاً، طالما حصل الاتفاق على معارضة مرشح الممانعة”. وعن حسم التوافق على مرشح أو اثنين، أوضح كرم، في حديث إذاعي أن “هذا الموضوع يحتاج الى بعض الوقت وقد لا يُعلَن عنه حتى تحديد جلسة انتخاب الرئيس”، لافتاً إلى أن “هناك اتصالات بين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وحزب الله للتفاهم، ويجب على باسيل أن يحسم أمره إمّا أن يضع يده بيد المعارضة لإنقاذ الوطن أو يختار العودة إلى التفاهم مع الحزب وبالتالي يكون قد جنى على نفسه وعلى الوطن”.

وكان كرم زار اليرزة والتقى قائد الجيش العماد جوزيف عون، فهل كان الملف الرئاسي ضمن نقاشات الزيارة؟ وهل يكون عون هو الخطة “ب” في حال فشلت المعارضة في الاتفاق على اسم مع “التيار الوطني الحر”؟ وماذا عن تعديل الدستور؟

في المقابل، ردت الدائرة الاعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، على رئيس مجلس النواب نبيه بري في بيان، قالت فيه: “دولة الرئيس نبيه بري، أنتم في موقع رئاسة مجلس النواب، ولستم في موقع رئاسة المعارضة، وبالتالي من واجباتكم، ومنذ اللّحظة الأولى، الدعوة إلى جلسة نيابية مفتوحة لانتخاب رئيس للجمهورية، خصوصاً عند اقتراب انتهاء المهلة الدستورية لهذه الانتخابات، وإبقاء الجلسة مفتوحة حتى انتخاب الرئيس العتيد، بينما ما أقدمتم عليه هو أنكم كنتم توجّهون الدعوة ظاهريّاً لجلسات انتخاب، بينما عمليّاً يقوم نوابكم ونواب حلفائكم بتعطيل هذه الجلسات، وما زلتم مستمرون على هذا المنوال حتى اللحظة”. واعتبرت أن رئيس المجلس لا يقوم بواجباته الستورية ويتخطى صلاحياته، لافتة الى أنه وفريقه السياسي يخافون الدعوة إلى جلسة خوفاً من أرقام مرشحهم المتدنية.

وكان زوار عين التينة نقلوا عن الرئيس بري أنه “مرتاح جداً”، وجدد التأكيد أن لقاء فرنجية والسفير السعودي وليد بخاري الأسبوع الماضي “كانَ ممتازاً وأسس لعلاقة جيدة”، معتبراً أن “موضوع لبنان يجب أن يكون مدرجاً على جدول أعمال قمة جدة”. وأشار بري إلى أن جعجع “يدلي بتصريحات كي يدفعني إلى الردّ عليه وأنا لا أريد الرد بل أضعه جانباً، ولا أحد يجبرني على القيام بأي خطوة، ولن أدعو إلى عقد جلسة من أجل إطلاق مزايدات، فليتفقوا على مرشّح وأنا جاهز”.

شارك المقال